المواطن الصيداوي بين نارين: وزارة الطاقة وأصحاب المولدات

يبدو أن الاحتجاجات ضد سياسة اصحاب المولدات الكهربائية الرامية إلى الإبقاء على اشتراكات مرتفعة، تزداد في مناطق مختلفة من لبنان وخصوصاً في الجنوب. وفي صيدا، تحاول البلدية إلزام أصحاب المولدات الكهربائية بالتسعيرة التي أقرتها وزارة الطاقة والطلب إليهم الحصول على ترخيص رسمي بممارسة نشاطهم التجاري.

من المتوقع أن يعقد اجتماع في وزارة الطاقة عند الساعة الحادية عشرة من صباح الثلاثاء 30 كانون الأول  2014 بين أحد مسؤولي الوزارة ووفد من أصحاب المولدات الكهربائية في مدينة صيدا، في محاولة من الوفد لإقناع ممثل الوزارة برفع التسعيرة المعلنة من قبل وزارة الطاقة والصادرة بتاريخ 19 تشرين الأول 2010 والتي جرى إبلاغ الهيئات المعنية بتنفيذ مضمون المذكرة من خلال وزارة الداخلية والبلديات.

يقول محمد الشريف (مواطن من صيدا): “بتنا، ومذن زمن بعيد ندفع فاتورة الكهرباء مرتين، مرة لمصلحة كهرباء لبنان ومرة لصالح أصحاب مولدات الكهرباء الذين يرفعون أسعار الاشتراكات بصورة عشوائية”.

وعلى الرغم من انخفاض سعر المازوت أكثر من 8 آلاف ل.ل. للصفيحة الواحدة فما زال سعر الاشتراكات نفسه. والشريف واحد من عشرات الآلاف من المواطنين الذين يدفعون ما بين 150 ألف و225 ألف ل.ل. بدل اشتراك بـ5 أمبير شهرياً. من جهة أخرى لا يتجاوز عدد أصحاب المولدات عن 15 شخصاً في مدينة صيدا ومنطقتها.

موقف وزارة الطاقة

تقول وزارة الطاقة في اقتراحها لتحديد تسعيرة موحدة لمولدات الكهرباء: “نظراً لتزايد الحاجة للطاقة الكهربائية في لبنان وعدم قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على تأمين القدرة الإنتاجية الكافية لتغطية هذا الطلب الكبير، أضحى أصحاب المولدات الخاصة أمراً واقعاً يساهم في سد هذا العجز عن طريق تأمين مصدر بديل أثناء ساعات التقنين، بالرغم من أنه أمر غير شرعي بالاستناد إلى حصرية بيع الكهرباء من قبل مؤسسة كهرباء لبنان وإلى استعمال أصحاب هذه المولدات لبعض منشآت المؤسسة من دون مسوّغ قانوني. وبما أن وزارة الطاقة والمياه قد قامت بدراسة تقصي حقائق مع أصحاب الشأن من مالكي المولدات الخاصة واتحادات البلديات وموردين لهذه المعدات وغيرهم وتبين لها وجود فوارق كبيرة بالأسعار بين منطقة وأخرى وبين مشغّل وآخر، أدّى إلى تزايد الأعباء غير المحقة والجائرة أحياناً من قبلهم على المواطنين والمشتركين لديهم.

وكون هذا الأمر بواقعه غير القانوني لا يقع على عاتق مصلحة حماية المستهلك، وكون البلديات تقوم في بعض الحالات بدور الناظم لهذه الأسعار من ضمن نطاقها البلدي، وعليه بالإمكان مطالبتها بممارسة هذا الدور بشكل معمّم وشامل وموحد لكي تفرض تسعيرة مقبولة للمواطنين ولأصحاب المولدات معاً دون أن يشكل هذا الأمر مسوّغ قانوني لأصحاب المولدات مع الإبقاء على أعمالهم بتزويد هذه الطاقة البديلة واحترام هذه التسعيرة تحت طائلة توقيفهم عن العمل، إما بإجبارهم على رفع تمديداتهم عن منشآت المؤسسة أو بتوفير بديل عنهم تؤمن هذه البلديات كما هو حال بعض البلدات.

بناء عليه تشدد وزارة الطاقة والمياه على وجوب اعتماد سعراً توجيهياً واقعياً يتراوح بين هامشين ويرتكز على نقطة وسطية ويراعي مصالح الناس أولاً ولا يضر بتاتاً بأصحاب المولدات الخاصة.

إن اقتراح التسعيرة التي تم العمل عليها هو نتاج معادلة حسابية تأخذ بعين الاعتبار كل المتغيرات التي تؤثر على سعر إنتاج الكهرباء ضمن مروحة تبدأ من الحد الأدنى حتى الحد الأقصى مروراً بالحالة الأكثر واقعية وشيوعاً، شاملة الأكلاق المتحركة والأكلاف الثابتة. وفي حال كان سعر المازوت 1075 ليرة لبنانية لليتر الواحد مع هوامش تصل إلى حدود 390 ليرة لبنانية كحد أقصى و325 ليرة لبنانية كحد أدنى إذا أخذنا بعين الاعتبار العوامل المذكورة أعلاه والتي تحوي ضمناً الفرق بين القرى والمدن، وحجم المولدات والساعات القصوى والتي للقطع وعدد العمال وسعر إيجار الأرض وغيرها من عوامل متغيرة بين مشغل وآخر وبالتالي فإننا نوصي باعتماد السعر الوسطي التالي: 350 ليرة لبنانية للكيلو واط ساعة و350 ليرة لبنانية لساعة القطع عند المشتركين بـ5 أمبير (لسعر المازوت 1075 ليرة لليتر الواحد في شهر أيلول مثلاً).

موقف بلدية صيدا

منذ ذلك الحين، دأبت بلدية صيدا من تحديد تسعيرة شهرية لكل مولد من المولدات العاملة، إلا أن أصحابها رفضوا التقيد بها، مما دفع البلدية مؤخراً إلى الطلب منهم التقيد بالتسعيرة تحت طائلة وقف عن العمل، كما اشترطت منهم الحصول على ترخيص رسمي.

ويقول مهندس البلدية زياد المكداشي: “حضر إلى البلدية عدد من أصحاب المولدات وأعلنوا استعدادهم بتقديم الأوراق المطلوبة للحصول على ترخيص والالتزام بالتسعيرة في حين طالب البعض الآخر فرصة لحل المشكلة مع وزارة الطاقة”.

ويبدي مصدر بلدي موثوق تخوفه “من قيام أطراف سياسية بتغطية أصحاب المولدات وخصوصاً أن هناك غياباً للبديل عن المولدات الكهربائية”.

لكن الحكواتي يرى أن هناك صعوبة لحصول أصحاب المولدات على تغطية سياسية من أي طرف سياسي كان كونه يؤثر على الطرف السياسي سلبياً، ويضيف: “نحن بانتظار ما سيسفر عنه اجتماع الثلاثاء المقبل لاتخاذ الموقف المناسب”.

أصحاب المولدات

يتصف أصحاب المولدات الكهربائية بسمعة سيئة بين الناس بسبب مظاهر الثراء المفاجئ والسلوك السلبي تجاه الناس، وهذا ما لا يتقيد أحدهم علي بوجي، الذي يحاول شرح موقفهم قائلاً: “يجب أن يكون موقفنا إيجابياً بالتعاطي مع البلدية ووزارة الطاقة. لدينا مشاكل كثيرة بحاجة إلى نقاشها مع الوزارة. تسعيرتها تستند إلى استخدام المازوت الأحمر، في حين تستخدم المازوت الأخضر في المناطق السكنية المزدحمة، وهذا النوع غيرت بصورة أسعر من الأحمر وأقل تلوثاً. في حين سنستعمل المازوت الأحمر في المناطق المفتوحة وهذا ما يزيد من كلفة الإنتاج، كما أننا نستهلك كميات أكبر في أشهر حزيران وتموز وآب وهي الأشهر التي تمتاز بارتفاع ساعات التقنين، كما إن الدراسة لم تأخذ بعين الاعتبار ارتفاع إيجار الأراضي المستخدمة للمولدات ما بين عام 2010 والعام 2014، ففي أحد الأماكن كنت أدفع مبلغ مليون ل.ل. بدل إيجار ولايوم أدفع 3 مليون ل.ل. شهرياً”.

كما أشار إلى “ارتفاع سعر الزيت بنسبة تزيد على 3 أضعاف بالإضافة إلى زيادة أجور العاملين في مصالحنا”. ويلخص مطالب أصحاب المولدات برفع تسعيرة الوزارة بنسبة لا يتجاوز 15%.

ويختم حديثه بالإشارة إلى مشكلة أخرى إذ يقول: “في حال لم نصل إلى اتفاق وأصرت البلدية على موقفها بوقفنا عن العمل، ماذا يحصل للمواطنين وخصوصاً في ظل غياب تأمين بديل لتزويد المواطنين بالتيار الكهربائي. ويتساءل: هل يمكن أن تشرح لنا الوزارة كيف تريدنا الكهرباء بسعر أقل من السعر الذي ترفضه الوزارة نفسها للباخرات التركية؟”.

وبين موقف وزارة الطاقة والبلدية وفي موقف أصحاب المولدات الكهربائية يبقى المواطن حائراً بين فاتورة الكهرباء المرفقة وبين حاجته للتيار الكهربائي.

 

السابق
ضد علي الأمين: حسناً كلمة بكلمة
التالي
الحرائق في مساجد السويد مستمرة…