علي الموسوي: مواقع التواصل الاجتماعي الكمين الأفضل للعدوّ الإسرائيلي

علي الموسوي
مسألة نشر المواطنين اللبنانيين صوراُ وتعليقات عن حياتهم الخاصة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعية أمر قد يراه الكثيرون حرية في التعبير عن الرأي والذات، إلا أن المسألة تستحق وقفة مطولة، خصوصا إذا كان بإمكان عدوك المتربص أن يستفيد من كل كلمة بل من كل حرف، وأن تصبح هذه المواقع ميداناً جديداً للحرب.

هل يوجد مواطن لبناني لم يقحم وسائل التواصل الاجتماعية في تفاصيل حياته اليومية؟ لمعرفة جواب هذا السؤال قم بجولة بسيطة على الصفحة الشخصية لمن تشاء، ستجد صوراً وتعليقات تقدم لك وصفاً دقيقاً وشاملاً لشخصية صاحب الصفحة، وسيكون بإستطاعتك أن تعرف ماذا يأكل ويشرب، وفي أي ساعة ينام، والأماكن التي يزورها، من يرافق وما هي توجهاته السياسية والثقافية..، أو بإختصار شديد ستعرف كل شيء من الألف الى الياء.

مسألة نشر المواطنين اللبنانيين صوراُ وتعليقات عن حياتهم الخاصة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعية أمر قد يراه الكثيرون حرية في التعبير عن الرأي والذات، إلا أن المسألة تستحق وقفة مطولة، خصوصا إذا كان بإمكان عدوك المتربص أن يستفيد من كل كلمة بل من كل حرف، وأن تصبح هذه المواقع ميداناً جديداً للحرب.

نقاط للنقاش

عن كيفية استفادة العدو الصهيوني من المعلومات والصور التي تنتشر على هذه المواقع، ولماذا قد تكون هذه المعلومات هدفاً يسعى إليه العدو، ونقاط أخرى يحدثنا عنها الصحافي الخبير في الملفات الامنية علي الموسوي.

وسيلة فعالة للتجنيد

لنشر المواطنين بشكل عام والشباب بشكل خاص معلومات شخصية عنهم على وسائل التواصل الاجتماعي خطورة بالغة يتحدث عنها الصحافي علي الموسوي فيقول:” أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت الكمين الأفضل للعدوّ الإسرائيلي ولكلّ الاستخبارات العالمية للإيقاع بالناس وتحديداً الشبّان منهم، بغية تجنيدهم واستخدامهم لتأدية خدمات لها في غير ميدان ومنطقة”.

حيث أن نشر المعلومات الشخصية يسهّل عملية التجنيد وكشف مكامن الخلل والضعف النفسي والجسدي ودرسها واستخدامها لتقديم الإغراءات المادية للتغرير بها واستغلالها لتوريط أصحابها في مسائل تجسسية تصل إلى حدّ خيانة الوطن والأمة، كما يشير الموسوي ويتابع: “انّ كلّ الحالات السابقة للعملاء تؤكّد أنّ العدوّ الإسرائيلي سرعان ما يستغني عنهم بعد انكشاف أمرهم أو عدم استمرار الحاجة إليهم، فيلقى القبض عليهم ويحاكمون ويدخلون السجن لسنوات قد لا تكون كافية لردع سواهم ولكنّها بحدّ ذاتها عقوبة للخشية من محاذير خطوة التعامل مع العدوّ الإسرائيلي وسواه من الاستخبارات”.

إحذر وسائل العدو المتعددة

ويفضّل الموسوي عدم نشر معلومات شخصية خصوصاً أنّ الوصول إليها بات سهلاً، إذ يمكن للعدوّ إستخدام وسائل متعددة للإستفادة من المعلومات التي قد تُنشر على هذه الوسائل، “كاستعمال اسماء وهمية وطلب صداقة من شخص ما، أو من خلال الدخول عبر أصدقاء مشتركين، وتنتشر على صفحات “الفايسبوك” الأسماء الوهمية والمزيّفة وهو ما يفعله أشخاص عاديون كأن يستبدل شاب اسمه باسم فتاة، والعكس أيضاً بهدف التسلية والمضايقة والإزعاج والتخفّي لأسباب صغيرة، فكيف بمخابرات لها مخطّطاتها وتريد تجيير كلّ التطوّر التكنولوجي والإعلامي لمصلحتها؟”

ويضيف الموسوي نقطة مهمة في هذا الجانب فيقول: “أنّ هناك من يضع صوراً لقادة في المقاومة الإسلامية وفي حزب الله وبأسماء مزوّرة ومختلفة عن أسمائهم الحقيقية، لاعتقادهم بأنّها طريقاً سهلاً للإيقاع بالفريسة والطريدة واصطيادها تحت حجّة التعاون لما فيه مصلحة المقاومة والوطن، وهذا أمر في غاية الخطورة يجب الحذر منه”.

البوستات: خدمة مجانية للعدو

وبالنسبة إلى المنشورات و”البوستات”، ولاسيّما منها تلك التي تتعلّق بأخبار عن حدث ما، ينبه الموسوي الى خطورة ما يفعله بعد الأشخاص حين يستفيضون” في الحديث عنها وكأنّهم في عجلة من أمرهم من دون معرفة مخاطر ما يقومون به، وتأثير ما ينشرونه، إذ يمكن للعدوّ الإستفادة من هذه المعلومات في غير مكان وزمان وبحسب أهوائه ومصالحه”.

ويضيف الموسوي: “صحيح أنّ كلّ صاحب حساب على “الفايسبوك” وسواه من مواقع التواصل الاجتماعي صار مراسلاً صحفياً بإمكانه تزويد متابعية صفحته بالأخبار والاحداث والصور التي تصله أو يعرفه بها أو يقوم بالتقاطها، إلاّ أنّ النشر يخرج أحياناً كثيرة عن إطاره من حيث التسرّع في نشر معلومات خاطئة قد تثير القلاقل، وقد تخدم العدوّ من دون انتباه بحيث يتحوّل كاتب الخبر إلى بوق للعدوّ من دون دراية ومن دون علمه بالأمر، وهذه خدمة مجانية يجب عدم توفيرها للعدوّ أو لأيّ جهاز استخباراتي آخر لاسيّما في ظلّ الظروف الأمنية الصعبة التي يعيشها لبنان حيث بات الإنفلات الأمني يتسيّد واجهة الأحداث”.

وللصحفيين دور آخر

يذكر الموسوي أمثلة كثيرة عن أنّ نشر صور معارك او مواجهات في سوريا بين حزب الله والتكفيريين يؤمّن للعدوّ الإسرائيلي ولإعلام داعش وسواهما من المهتمين بالاحداث والمعارك هناك عالمياً، فرصة التعرّف إلى معلومات محجوبة عنه “لذلك يفضّل التريّث في نشر المعلومات والتحقّق منها، مع الإشارة إلى أنّ هناك صحفيين يتعمّدون تحويل صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي ولاسيّما “الفايسبوك” إلى منبر لنشر الأخبار بطريقة عاجلة بهدف كسب المزيد من الشعبية، ولكنّهم مع مرور الأيّام، تحوّلوا إلى منابر استغلت لأهداف تجسّسية وإيصال رسائل معاكسة تؤدّي إلى “إضعاف عناصر الأمة” وهو جرم يعاقب عليه قانون العقوبات اللبناني ويفضّل الانتباه إلى خطورة هذا التصرّف الذي قد لا يكون مقصوداً من أصحابه”.

فليتيقظ شبابنا!

لقد باتت مواقع التواصل الاجتماعي المسرح الأفضل للناس لقضاء أوقاتهم عليه في التسلية وتبادل المعرفة مع الآخرين وبناء علاقات إجتماعية وصداقات، كما أنّ هذه المواقع باتت المكان المحبّب للفتيان والأحداث والشبّان، مسألة مهمة يبادر الموسوي الى التركيز عليها، ويتابع: “لذلك يجب تقوية مناعتهم والمثابرة على معرفة الاماكن التي يدخلون إليها وتحذيرهم من طلبات الصداقة التي تردهم على ان تقتصر على الوجوه التي يعرفونها من الأهل والاقارب والأصدقاء، واستخدام صفحاتهم لنشر كتابات حرّة من خواطر وجدانية وشعر وأدب، وتعليقات في موضوعات اجتماعية ورياضية بعيداً عن السياسة، بحيث تكون هذه الصفحات منبراً لإيصال أفكارهم وتطلعاتهم من دون السماح للعدوّ باستغلالها بالشكل الذي يناسب مخطّطاته”.

دور المجتمع

ويولي الموسوي أهمية كبرى للتوعية والإرشاد، وضرورة تنمية حسّ الاختيار الصحيح لدى هؤلاء الفتيان والشبّان، “الأمر الذي يؤدّي إلى منعهم في التورط في أعمال لا تحمد عقباها على المدى البعيد خصوصاً وأنّ إمكانية استغلالهم من قبل العدوّ الإسرائيلي أسهل من الإيقاع بكبار السنّ الذي يلهثون وراء المال أكثر من أيّ شيء آخر لتحسين أوضاعهم المعيشية، مع العلم أنّ “الفايسبوك” مفتوح أمام الجميع وبات بيد الجميع ويرافقهم في هواتفهم وجلساتهم وربّما أسرّتهم وساعات نومهم، كما أنّه بمتناول كل الفئات العمرية وكلّ شرائح المجتمع، والمتعلّمين والأميين، والأقوياء وضعاف النفوس، ولذلك يجب مقاربته بحذر شديد وعدم الخوض في أحاديث قد يستشفّ منها محاولة توريط تدريجي، ولن يتوانى العدوّ عن استخدام كلّ الأساليب والطرائق التي تفضي إلى الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي في سبيل حماية نفسه وكيانه وتنمية مشاريعه والإيغال عميقاً في استهدافاته الخارجية لمن يقاومون مشاريعه”.

عن المعارك السورية ووسائل التواصل

لقد قام بعض الشباب اللبناني في الفترة الأخيرة بنشر صور عن المعارك التي تحصل في سوريا، وتصوير وجوه القتلى في صفوف داعش ونشر مقاطع فيديو لمواجهات مسلحة مع المجموعات التكفيرية، نقطة يعلق عليها الموسوي قائلاً: “هذه الممارسات لا تفيد القضية التي يؤمنون بها، بل تصبّ في مصلحة العدوّ إسرائيلياً كان ام داعشياً، لأنّ مواقع التواصل الاجتماعي باتت مركزاً مهمّاً لرصد الأخبار والمعلومات وتتبعها، وبات الجميع يعتمدها للاستفادة منها قدر الإمكان، ولا شكّ أنّ نشر صور معارك او مواجهات في سوريا بين حزب الله والتكفيريين يؤمّن للعدوّ الإسرائيلي ولإعلام داعش وسواهما من المهتمين بالاحداث والمعارك هناك عالمياً، فرصة التعرّف إلى معلومات محجوبة عنه، أو لم يكن بمقدوره التوصل إليها، عن السلاح المستعمل وحقيقة ما حصل، وأرض المعركة، وربّما اكتشاف الاداء العسكري وتحليله، وهذا امر خطر جداً يفضّل تجنّبه بعدم تعميم مثل هذه الفيديوهات والصور لعدم السماح للآخر من تجييرها لمصلحته والإستفادة منها”. في ظل الأوضاع السياسية والأمنية التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وفي ظل وجود واقع لا يستطيع أحد أن ينكره الا وهو أن العدو الاسرائيلي يحاول الاستفادة من أبسط الأمور في حربه ضد لبنان والمقاومة، بات من الواجب أن نراجع ما ننشره ونكتبه على مختلف وسائل التواصل، ونكون مسؤولين تجاه وطننا.

 

السابق
أوباما قرد في غابة استوائية
التالي
جرائم الإنترنت بين قانون المطبوعات وقانون العقوبات