فضيحة الأسبوع الأخير من 2014

سلامة الغذاء

“الوضع غير مقبول إطلاقاً. هناك مواد غذائية وأدوية وهناك أسماك مدّتها منتهية منذ 4 و5 سنوات، فما شاهدناه في المطار ليست برادات لتخزين المواد الغذائية المستوردة بل غرف إعدام”. هذه العبارة قالها وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، بعد تفقده مع وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور برادات مطار بيروت، تلك التي تُخزَّن فيها المواد الغذائية المستوردة عبر المطار.

الذهول لم يعد يكفي، يجب أن نسأل عن الخطوات الرادعة، وهي خطوات عقابية، وإلاّ لا معنى لكلّ الجهد الذي يقوم به الوزراء. القضاء يجب أن يتحرّك، فالفضيحة أكبر من أن تُمرَّر على رغم حال الموت السياسي الذي نعيشه. فأن يقول وزير النقل إنّ البرادات في المرفق الذي تتولى الوزارة التي يرأسها إدارته، هي أشبه بـ”غرف إعدام”، فإنّ مسؤولاً بعينه، له اسم وموقع ودور، هو وراء هذه الفضيحة المجلجلة، التي فتكت بصحة آلاف من اللبنانيين.

لم تعد بيانات وزارة الصحّة تكفي، وزيارات الوزراء بلغت ما يمكن لها أن تبلغه. يجب أن توضع الأصفاد في يد المسؤول عن هذه الفضيحة. يجب أن يكون له اسم وعنوان وموقع ووظيفة. الفضيحة التالية ستتمثل في أن أحداً لم يُعاقَب على ذلك. هل سمعتم الوزير ماذا قال؟ لقد قال إن هناك أسماكاً مركونة في ذلك البراد اللعين منذ أكثر من 5 سنوات. إنّه البراد نفسه الذي تمر عبره السلع التي نستهلكها يومياً، وقال الوزير أيضاً أن هناك سلعاً مركونة فيه وفاقدة للصلاحية منذ نحو 20 سنة!!! أي ضمير لدى ذلك المسؤول عن هذه الفضيحة؟ ومن قال إننا لسنا كلنا مسؤولين عنها؟ الوزراء أنفسهم ونحن ومؤسساتنا ووسائل إعلامنا، كلنا فاسدون، وإلا لما تمكن هذا الفساد من التفشي والصمود في براداتنا كل هذه السنوات.

ماذا كانت تفعل الحكومات السابقة؟ كانت منشغلة عن هذا الفساد بالانتخابات مثلاً؟ أم بقضايا كبرى؟ ما هي القضية الأكبر من أن يحوي مطارنا “غرف إعدام” بدل غرف تخزين السلع؟ الحكومة الحالية وبسبب عجزها عن الخوض في “القضايا الكبرى” قررت أن تشغل وقت وزرائها ببعض قضايا الناس! عجزها عن إجراء الانتخابات وعن ترتيب التوافقات وعن منع الانخراط في النزاعات والحروب أفضى بها إلى تقصي وجهاً من وجوه الفساد، فإذا به وجهاً أشد فتكاً من الحروب ومن التفجيرات. وجه قبيح كوجه “داعش”. العجز خدمنا هنا نحن المستهلكون. نحن الذين تسممت أجسامنا وما عاد بإمكان سلع غير فاسدة تعويضنا ما أكلناه لعقود وعقود.

القضاء لم يتحرك حتى الآن على رغم أن هناك شهوداً، هم وزراء ولهم طوائفهم وأحزابهم. القضاء لم يتحرك ليحمينا نحن أشباه المواطنين. نحن الفاسدون كما سلعنا ودولتنا ومطارنا. وكم يبدو عجيباً ورهيباً أن تبقى فضيحة بهذا الحجم من دون أسماء ومتّهمين ومسؤولين! من فعل ذلك أيها الوزراء؟ من هو المسؤول عن تسميمنا؟ وكل عام وأنتم بخير.

السابق
وفد من التنظيم الشعبي الناصري هنأ مطارنة صور بالميلاد
التالي
حركة مرور كثيفة من خلدة باتجاه المطار فالضاحية الجنوبية