6 مستشفيات لا تعالج نفاياتها الخطرة

سلكت قضيّة نفايات المستشفيات والمؤسّسات الصحيّة طريقها القضائي السليم بعدما طفح كيل المخالفات المرتكبة في وضح القانون، وأمام عيون وزارة البيئة المعنية الرئيسية بهذا الموضوع الضار، فآثرت التحرّك ومعالجته قبل استفحاله أكثر، وقبل فوات الأوان، وذلك للحؤول دون زيادة الأضرار الناجمة عنه، والتي أدّت إلى تلوّث البيئة وانتشار الأمراض بين الناس، وهو ما رتّب خسائر معنوية ومادية على الدولة اللبنانية.
وقد قدّمت هذه الدولة وتحديدا وزارة البيئة، ممثّلة بهيئة القضايا في وزارة العدل، ستّ شكاوى مباشرة أمام قاضي التحقيق الأوّل في بيروت غسّان عويدات إتخذت فيها صفة الادعاء الشخصي ضدّ ستّ مستشفيات ومدراء هذه المستشفيات ومجهولين وكلّ من يظهره التحقيق فاعلاً، أو شريكاً، أو متدخّلاً، طالبة توقيفهم والتحقيق معهم وإحالتهم أمام المراجع القضائية المختصة ليحاكموا وفقاً لقانون العقوبات والمادة 10 من القانون رقم 64/88 وسواها من المواد، على أن يجري تحديد بدل العطل والضرر لاحقاً أمام المحاكم المعنية.

واللافت في هذا الموضوع أنّ المستشفيات المدعى عليها لا تعالج نفاياتها الخطرة والمعدية ضمنها، ما يعني أنّها تتخلّص منها برميها في الطبيعة، وهو أمر مخالف للقانون، واستمرّ العمل به على مدى تسع سنوات ونيّف وتحديداً من 11 حزيران من العام 2002 ولغاية 30 كانون الأوّل من العام 2011، على ما ورد في مضمون إحدى هذه الشكاوى والتي لم تذكر ما إذا كان هذا الفعل لا يزال متواصلاً لغاية الآن أم لا.
ويفرض القانون على المستشفيات والمؤسّسات الصحيّة أن تقوم بتعقيم النفايات الخطرة والمعدية التي تنتج من أعمالها اليومية خلال 24 ساعة من تولّدها، وتجميعها في حاويات خاصة، ثمّ تعقيمها وفقاً للمواصفات المعتمدة دولياً إمّا في منشآت متخصّصة مرخّصة رسمياً، أو في منشآت واقعة في حدود المؤسّسة الصحية نفسها، على أن تكون إدارة هذه المستشفى أو المؤسّسة الصحيّة، مسؤولة تجاه القانون عن تنظيم وإدارة قسم تعقيم النفايات ومدى فاعليتها في كلّ مراحلها.
وأكثر ممّا تقدّم، فإنّ القانون يلزم المؤسّسات الصحيّة بوجوب تخصيص سجّل بالنفايات الصادرة عنها ترقّم حسب الأصول وتحدّد فيه الكمّيات اليومية، ونوع هذه النفايات، وتاريخ حصول التعقيم، ولا يجوز التفريط بهذه السجلّات التي تعتبر مستندات ووثائق رسمية، كما أنّه لا يجوز التخلّي عنها أو إتلافها قبل مرور خمس سنوات، وتوضع بمتناول وتصرّف السلطات الصحيّة والبيئية عند طلب الكشف عليها.

نصّ الشكوى
ماذا جاء في مضمون الشكوى المقدّمة من هيئة القضايا بواسطة وكيلها المحامي مصطفى قبلان بوجه المستشفيات الستة ومدرائها لجهة مخالفة أحكام المواد 4 و42 من القانون 444/2002، والمواد 1 و3 من القانون 64/88 والمادة 9 من المرسوم رقم 13389/ 2004؟.

الوقائع
بتاريخ 21 حزيران 2002 صدر المرسوم رقم 8006/2002، وبتاريخ 18 نيسان 2004، عدّل هذا المرسوم بالمرسوم رقم 13389 المتعلّق بتحديد أنواع نفايات المؤسّسات الصحيّة وكيفية تصريفها.
وقد جاء في المادة 9 منه ما يلي:” إنّ المؤسّسات الصحيّة ملزمة بتعقيم النفايات الخطرة والمعدية المعرّفة في المادة الأولى، البند 4، خلال 24 ساعة من تولّدها، ويجب على كلّ مؤسّسة صحية الحصول على ترخيص لقسم التعقيم قبل البدء بتشغيله، أمّا بالنسبة للمنشآت القائمة والعاملة، فيجب الحصول على الترخيص خلال مدّة 120 يوماً من دخول هذا المرسوم حيّز التنفيذ.
وبتاريخ 9 تشرين الأوّل 2003، أصدرت وزارة البيئة كتاباً يحمل الرقم 4/1 نشر في الجريدة الرسمية، العدد 50 تاريخ 30 تشرين الأول 2003، عمّمت بموجبه على جميع المؤسّسات بضرورة التقيّد بأحكام المرسوم 8006/2002 المعدّل بموجب المرسوم 13389/2004.
وبتاريخ 5 تشرين الأوّل 2008 عمّمت وزارة البيئة تنبيهاً نشر في الجريدة الرسمية العدد 40، تنذر فيه جميع المؤسّسات الصحيّة بضرورة التقيّد بكافة أحكام النصوص القانونية التي تنظّم وترعى شؤون البيئة خاصة منها قانون حماية البيئة 444 تاريخ 29 تموز 2002، والقانون رقم 64/88 وتعديلاته والمرسوم رقم 8006 تاريخ 21 حزيران 2002، المعدّل بالمرسوم 13389 تاريخ 18 أيلول 2004 خلال مهلة شهر من تاريخه.
وبما أنّ المادة 4 من القانون رقم 444/2002، نصّت على أنّه على كلّ شخص طبيعي أو معنوي، عام او خاص أن يلتزم بالمبادئ الآتية:
1- مبدأ الاحتراس الذي يقضي باعتماد تدابير فعّالة ومناسبة بالاستناد إلى المعلومات العلمية وأفضل التقنيات النظيفة المتاحة الهادفة إلى الوقاية من أيّ تهديد بضرر محتمل، وغير قابل للتصحيح يلحق بالبيئة.
2- مبدأ العمل الوقائي لكلّ الأضرار التي تصيب البيئة، من خلال استعمال أفضل التقنيات المتوافرة.
3- مبدأ ” الملوّث – يدفع ” الذي يقضي بأن يتحمّل الملوّث تكاليف التدابير الوقائية، ومكافحة التلوّث، وتقليصه.
كما نصّت المادة 42 من نفس القانون على أنّه:
1- على كلّ منشأة، أن تتوفّر لديها إمكانيات مراجعة بيئية ومراقبة ذاتية بهدف القياس المنظّم لإصداراتها الملوّثة ونتائج أنشطتها على البيئة.
2- تخضع كلّ منشأة للتصريح المسبق بالإستثمار الذي يعيّن الحدود الخاصة لكلّ أنواع الإصدارات الملوّثة، بما فيها تلك المتعلّقة بمعالجة النفايات.

القانون
وبما أنّ المادة الأولى من المرسوم 64/88 نصّت على أنّه يرتكب جرماً يعاقب عليه القانون كلّ من يتسبّب عن قصد أو غير قصد بتلوّث في البيئة.
وبما أنّ المادة 3 من نفس القانون نصّت على أنّ كلّ من ينتج، أو يستخرج، أو ينقل، أو يحوز، وكلّ من يحدث بأيّة وسيلة كانت نفايات جامدة أو سائلة، أو غازية من شأنها أن تلحق ضرراً بالإنسان، أو بالتربة، أو بالحيوان، أو بالنبات، أو تحدث تلويثاً في الهواء، أو المياه، وبشكل عام من شأنها إفساد البيئة عن طريق التلويث، يجب عليه أن يقوم بتصريفها أو العمل على تصريفها وفقاً لأحكام هذا القانون.
وبما أنّ المادة 10 من نفس القانون نصّت على أنّ يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة من خمسة آلاف حتى خمسماية ألف ليرة كلّ من يخالف أحكام المواد 3 و 4 و5 و7 و8 و9، أو يخالف الأنظمة التي تتخذ تطبيقاً لأحكام هذا القانون.
وإذا نجم عن الفعل إنتشار مرضي وبائي وكان بالإمكان توقّع ذلك عوقب الفاعل بالأشغال الشاقة المؤقّتة. وإذا نجم عن ذلك موت إنسان، أو أكثر، قضي بالأشغال الشاقة المؤبّدة، وإذا ثبت أنّ الفاعل قصد النتيجة الجرمية قضي بالإعدام.

عدم التزام القوانين
وبما أنّ هذه المستشفيات لم تلتزم بالقوانين المرعية الإجراء وخالفت أحكام المواد 4 و42 من القانون 444/2002، وأحكام المواد 1 و3 و4 و8 من القانون رقم 64/88، والمادة 9 من المرسوم 13389/2004، ممّا تسبّب بتلوّث البيئة وانتشار الأمراض بين الناس، ممّا كبّد الدولة خسائر فادحة.
وبما أنّ المدعى عليها لا تقوم بمعالجة نفاياتها الخطرة والمعدية ضمن المؤسّسة الصحيّة.
وبما أنّ فعل المدعى عليها لهذه الناحية يقع تحت طائلة قانون العقوبات ولاسيّما المادة 10 من القانون 64/88 وغيرها.
وبما أنّ المدعى عليها خالفت القوانين من تاريخ 11 حزيران 2002 ولغاية 30 كانون الأوّل 2011.
لذلك، فإنّنا نتخذّ صفة الادعاء الشخصي بحقّ كل من هذه المستشفيات ومدرائها ومجهولين وكلّ من يظهره التحقيق فاعلاً، أو شريكاً، أو متدخّلاً، طالبين توقيفهم والتحقيق معهم وإحالتهم أمام المراجع الجزائية المختصة ليحاكموا بالاستناد إلى نصوص قانون العقوبات والمادة 10 من القانون رقم 64/88 وغيرها من المواد التي تنطبق على أفعالهم، محتفظين بحقّ المطالبة بالعطل والضرر أمام محاكم الأساس.

السابق
الاعدام لموريتاني بتهمة «الردة»
التالي
السفارة السورية في الكويت تستأنف خدماتها القنصلية الإثنين