ماذا يقول الناس في الضاحية وطريق الجديدة عن حوار الحزب و«المستقبل»؟

بعد خلافٍ دامَ أعوامًا، أدى إلى طلاق أصحاب البيت الواحد، وانفصال كل منهما وتمركزه خلف متاريس طائفية وسياسية تُرجمت باحتقان في الشارع حيث “تُوّجت” بمعارك عدة راح ضحيتها العشرات، يعودُ حوار يهدف لجمع الشمل بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” تحت سقف منزل الرئيس نبيه بري في عين التينة ورعايته والنائب وليد حنبلاط. لكن هل القواعد الشعبية للطرفين راضية عن هذه المحاولة؟ وما الخلاف الجوهري بين الطرفين في رأيها؟ وإلى أين ستصل المحادثات؟

“النهار” استطلعتْ آراء الشارعين الأكثر تمثيلاً للطرفين، طريق الجديدة والضاحية الجنوبية، للوقوف على رأي كلٍّ منهما من جلوس “زعمائهم” للتفاهم بعد أن أشعلوا نار التفرقة بينهم.

لا لنلدغ مرة أخرى
يختلف الشارع المؤيد لتيار المستقبل حول موقفه من هذا الحوار، لكن يتّفق على أن نتيجته واهية وأن دخوله وعدمه واحد، علاء يرفض هذه الخطوة واستشهد بحديث الرسول “لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، ونحن لُدِغنا مرات، فهل ننتظر 7 أيار آخر؟ المشكلة أن زعماءنا ينسون”.

سيندمون على الاعتدال
“بعد ظهور داعش والنصرة أصبح حزب الله بحاجة إلى هذا التفاهم مع التيار”، بحسب محمد الذي كان في طريقه لعمله وأضاف: “سيأتي اليوم الذي يندمون فيه على الاعتدال السنّي الذي رفسوه، وعلى الرغم من ذلك لن يقدموا اي تنازلات في ملفات الخلاف الكبرى، سواء انخراطه في الوحل السوري، ومحاربة أهلنا في عرسال ووضع سلاحه وما يعرف بسرايا المقاومة”.

ما الجدوى منه؟
لؤي تهكّم من كل هذه “المسرحية” كما وصفها، ثمّ رمى بسيجارته أرضاً وداسها، وأشعل غيرها وانطلق في الحديث “بعد سنوات من التعبئة المتبادلة يريدون التفاهم من دون أخذ رأي قاعدتهم الشعبية التي دفعوها الى الشارع، بعد أن غرزوا الكراهية في القلوب”، وتساءل: “ما جدوى الحوار طالما أن القضايا الرئيسية المتعلقة بمبدأ تحييد لبنان عما يجري حوله وحصر السلاح بالدولة لن يتم طرحها؟ اليوم لبنان بلا رأس، فهل سيضحّي الحزب بالعماد عون، وهل سيتوقّف عن تعطيل جلسات انتخاب الرئيس وعمل مجلس النواب، بالتأكيد كلا”.

من جرّب مجرّب…
أمام محل لبيع الخرضوات جلس سمير يدخّن نرجيلته. وما إن سمع السؤال يطرح على زميله الذي يجلس بقربه حتى أجاب بغضب: “يقول المثل من جرب مجرّب كان عقله مخرّبًا، لذلك لا أعلم ماذا ينتظرون من تجربة أخرى. وعن الخلاف الاساسي قال: بسيط جداً طرف يحبّ بلده، وآخر لا، بل يعلن أنه مع ولاية الفقيه ويتّهمنا بأننا نأتمر من الخارج. لكن أسألهم هل السعودية تعطي فريقًا واحدًا أم كل لبنان “.

اختلاف الفريق الواحد
واقفاً يشتري فاكهة من طريق الجديدة علّق عادل على حوار اليوم “حوار صمّ على خلافات كبيرة وكثيرة تغطّي مجلدات وليس مجلدًا واحدًا، أنا لبناني شيعي، وأقول حزب الله ليس لبنانيًّا بل مع ايران ويأتمر منها، وذلك على عكس تيار المستقبل ذي الانتماء اللبناني والمتعاون مع دول الجوار، التي تؤوي شبابًا وتفتح لهم بابًا للرزق. حزب الله لا يريد رئيساً للجمهورية، فهم لديهم حسن نصرالله “كمرشد”. رد عليه بائع الخضار: ” الفريقان يفاوضان على الشعب ويختلفان عليه. كل سياسي في هذا البلد كاذب وليس لنا ثقة بأحد”.

خطوط حمر
على الطرف الآخر في منطقة الشياح، اعتبر مازن ان “الحوار جيّد ويخفّف الاحتقان، لكنه لن يؤدي إلى نتيجة، فالقضايا العالقة كبيرة سواء في ما يتعلّق بما يدور في سوريا أم بسلاح المقاومة، لكن ليس خطأ أن يحاولوا، ومع ذلك أقول سلاح المقاومة خط أحمر وسوريا هي سوريا الأسد”.

من قال سنّي – شيعي؟
اتساع الشرخ يقف اليوم وراء الحوار بحسب عباس، الذي اعتبر ان “تحريض دول خليجية على الشيعة ووصْفهم بالكفرة والروافض، وإحلال دمهم هو سبب كل ما يحصل للبنانيين، ومع هذا نحن لم “نحلل دم أحد”. عباس استشهد بكلام كُتب على صورة علّقت على جدار قهوة بالقول: “نحن نؤمن بالتعايش الاسلامي المسيحي”، قاطعه زميله قائلا: “الامام الصدر قال التعايش الاسلامي – المسيحي وليس السنّي- الشيعي”.
مضيعة للوقت
علي لم يجب على أيّ سؤال بل انطلق بتساؤلاته “الحوار مع فئة مرتهنة مضيعة للوقت، لماذا التحاور مع تيار المستقبل؟ هل يملك زمام قراره؟ هل سيقبل بسوريا الاسد؟ هل سيعلن توقفه عن دعم من يقاتلوننا في عرسال؟ هل سيتوقف عن تصويبه على سلاح المقاومة؟ “.

أداة وموظفون
وفي منطقة الطيونة وتحديدًا عند قهوة عساف التي طالتها شظايا سيارة مفخّخة قبل أشهر علّق حسن: “الحوار جيّد ويهدّئ البلد، فنحن آخر اللاعبين في اللعبة الاقليمية والدولية، التي كلما شاءت دفعتنا للجلوس إلى طاولة التفاهم، ومتى شاءت جعلتنا نقلب الطاولة على رؤوس بعضنا، نحن آداة وموظفون عند الكبار الذي يريدون تقسيم الثروات بينهم”.

الشعب آخر همهم
على طاولة أخرى، جلس عماد يتصفح جريدة ويشرح: “الوضع الاقليمي لا يسمح بالوصول الى نتيجة، سواء ما يجري في العراق أو كوباني أو الجزائر أو تونس، فنحن جزء من هذه المنظومة، كل ما يمكن الوصول اليه هو الاتفاق على امور لتمرير مصالحهم، ثلاث ساعات قضيتها بالأمس من ادما حتى الصيفي بسبب زحمة السير، ولم نسمع مسؤولاً يتحدث عن الموضوع ، لا يهمهم أمر الشعب، بل مصالحهم ومصالح الدول التي ترعاهم سواء من 8 أو من 14 آذار”.
وإذا كان الشارع مؤمنًا بأن الحوار لن يفضي الى نتيجة، فما رأي المطلعين على الأمور عن قرب.

سبر الأغوار
عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل الدكتور مصطفى علوش قال لـ “النهار” أن” بداية الحوار اليوم مبنية على مبدأ سبر الاغوار ووضع جدول وبرامج لهذا الحوار. لكن عملياً لن تظهر نتيجته الا بعد مدة من الزمن”. وأضاف: “اذا كانت بنود الحوار للبحث في القضايا البسيطة، ستكون مجرد مشاعر وأحاسيس؛ أما إذا كانت تريد الوصول الى نتائج جدية على المدى الطويل فالأمور صعبة، ونحن نعلم أن الملف الاكبر هو سلاح حزب الله الذي تتفرّع منه القضايا الاخرى، أما القضايا البسيطة التي تتعلق بما يحدث في هذا الشارع أو ذاك فتلك أمور بسيطة يتم التفاهم عليها بتبييض اللحي. في الحقيقة ما يمكن تحقيقه أقل بكثير مما يؤمل تحقيقه”.
وعن توقيت الحوار قال: “بالنسبة لتيار المستقبل هو مرتبط بملف أساسي يتمثل في السعي لإيجاد مخرج لقضية الشغور في موقع الرئاسة، ما دفع الرئيس سعد الحريري الى حراك عمره ما يقارب الستة أشهر مع الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط لإيجاد مخارج، وقد نصحناه أن يبدأ حواراً مع حزب الله قبل نحو شهرين، لكن مسألة الرد من قبل حزب الله قد تكون مرتبطة بمسائل اقليمية، وقد لا تكون سوى إضاعة للوقت ليس اكثر”.

حوار الضرورة
المحلل السياسي الدكتور وسـيم بزّي رأى أن “الحوار تعبير عن لحظة سياسية معينة، يمكن تسميتها لحظة ضرورة أو حوار الضرورة، وهو تعبير عن إقفال المشهد السياسي الداخلي عن القدرة على مقاربة أيٍّ من الأزمات الحيّة التي يعاني منها البلد”.
وقال لـ”النهار”: “في ظل ارتفاع خطر الارهاب على البلد، وفي ظل ادراك الجميع أن هذا الخطر يطال الجميع، هذا الحوار هو محاولة لخلق مناخات تبرّد أجواء الاحتقان المذهبي الموجود في البلد خاصة على الصعيد السنّي – الشيعي؛ والهدف الآخر هو حلحلة الملفات العالقة داخل الحكومة، ومحاولة ايجاد قواسم مشتركة بالنظر لقضية عرسال والضغط الذي تمثله على الواقع الداخلي، بالاضافة الى بعض العناوين التفصيلية اليومية لكن هذا الحوار لا يمكن أن يحدث من دون إشارة ايرانية سعودية ما، وإن كانت هذه الاشارة ما زالت قاصرة عن تقديم حلول للتحديات الحقيقية التي يعشيها البلد”.
وختم متمنياً “أن يتحوّل هذا التجسير على رغم ضعف علاقته بطبيعة اللحظة، إلى عنوان تتكوكب عليه كل القوى السياسية اللبنانية وأن يستطيع تشكيل اختراق حقيقي للحفاظ على الاستقرار وإعادة إطلاق ديمومة المؤسسات”.

السابق
شريط لـ«بيت المقدس» حول إعدام شخصين في سيناء
التالي
جنبلاط: بدء الحوار بين «حزب الله» و«المستقبل» انجاز كبير