يوم وطني لرصد الانتهاكات: حواجزكم هي إعاقتي!

شوارع بيروت اليوم، ستكون للأشخاص المعوقين. يقصدون العاصمة، لا للتنزه أو للتبضع في فترة الأعياد، بل يدفعهم إلى ذلك تهميشهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم، المتمثل في الوصول إلى الأماكن ذات الاستخدام العام وارتيادها، إلى جانب غير المعوقين. لم يعد أمامهم سوى التحرك في الشارع لإيصال الصوت إلى المجتمع اللبناني، وإلزام المعنيين بالوفاء بتعهداتهم والتزاماتهم. لن يستطيعوا ارتياد الأماكن غير المجهزة، لكنهم سيقفون على أعتابها لإيصال صوتهم: حواجزكم تعيق حركتنا.
الأيام الماضية شهدت حراكاً كبيراً بين الناشطين في إطار «مرصد حقوق المعوقين»، استعادوا فيها المحطات التاريخية التي تلقوا فيها وعوداً إثر وعود من السياسيين والمتنفذين، لتطبيق القانون 220/2000 الذي ينص على حقوقهم، والمصادقة على الاتفاقية الدولية بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وتباحثوا في «التهميش اللاحق بهم، وحرمانهم أدنى مستويات العيش الكريم الذي يتمثل بالبيئة الدامجة للجميع». البيئة التي تحترم كلاً منهم، بغض النظر عن إعاقته.. تحترمه كإنسان. ونتج من اجتماعهم الموسع أمس الأول، إطلاق حملة مفتوحة حتى الوصول إلى بيئة دامجة تحت شعار «ما بمشي، ما بشوف، ما بسمع، ما بشبهك.. هيدي مش إعاقتي، الحواجز إعاقتي».
ولما كانت الحواجز التي تعيق حركتهم ووصولهم إلى المعلومات، قابلة للرصد، أعلنوا «اليوم الوطني للرصد»، حيث سيتوزع عشرات الأشخاص المعوقين وغير المعوقين، المتدربين على الرصد وآلياته، على مجموعات، لكل منها منطقة عمله. يرصد المتطوعون فيها مدى مطابقة الأماكن العامة، ومباني الوزارات، والإدارات، والمؤسسات السياحية والتجارية، لمعايير الحد الأدنى للتجهيز التي تحترم الحاجات. ويتم تمييز المؤسسات غير المحترمة للحاجات بلاصق «غير مطابق». فتكون في خانة الأماكن التي لا تحترم التنوع، حتى استيفائها الشروط.
سمر الطفيلي وحسام الدنف، يتقاسمان التنسيق لمجموعة تضم أربعة وعشرين متطوعاً، يستهدفون منطقة الدكوانه، ليرصدوا مدى جهوزية «مصلحة تسجيل السيارات – النافعة»، ومديرية التعليم المهني والتقني، «مركز البحوث والإنماء» والمحال التجارية والمؤسسات السياحية في المنطقة. شباب وصبايا متحمسون، وفدوا إلى مكتب بعلبك التابع لـ «اتحاد المقعدين اللبنانيين»، عند السابعة من صباح أمس. معظمهم عمل في إطار «مجموعات الرصد المجتمعية»، التابعة لمشروع «التنمية الدامجة» في بعلبك، وتلقوا تدريبات مختلفة. إلا أن البيئة الدامجة تمثل أكبر الهواجس لدى الأشخاص المعوقين، وفق الطفيلي، فعدم وجودها يحول دون وصولهم إلى أبسط الحقوق. اليوم، سيتوجهون إلى بيروت مع الصباح الباكر، لينضم إليهم متطوعون من الدكوانه وبعلشميه.
إلى جانب تصنيف الأماكن ووضع لاصق «غير مطابق» على تلك التي لا تحترم الحاجات، سيتم تطويق الأماكن العامة، من إدارات ووزارات غير مجهزة، بشريط كتب عليه: «ممنوع دخول الأشخاص المعوقين». وإلى جانب تلك المجموعات، يشرح أمين سر «اتحاد المقعدين اللبنانيين» جهاد إسماعيل «سيوزع متطوعون المناشير التوعوية، وسيملأ آخرون الاستمارات التي سيتم جمعها وتحليلها. الاستمارات، تضم الحد الأدنى من التجهيز الهندسي للأشخاص المعوقين حركياً، أي إمكانية استخدام الموقف، المدخل، المصعد، الممرات، القاعات، والمراحيض، بالإضافة إلى وجود منحدر». كما أنها «تلحظ استخدام طريقة برايل للإعاقة البصرية، ولغة الإشارة للإعاقة السمعية، ووجود أشخاص متدربين على التعامل مع الأشخاص المكفوفين والصم. وبالنسبة للإعاقة الذهنية، تلحظ الاستمارة وجود أدلة أو معلومات مزودة بصور توضيحية»، وفق إسماعيل.
إسماعيل سيكون اليوم منسقاً لمجموعة شارع الحمراء، ومعظم الأماكن التي يستهدفونها هي عبارة عن مطاعم ومقاه ومحال تجارية. وستكون زميلته هند مجذوب منسقة لمجموعتين، منطقة عملهما وسط البلد، تستهدفان بالرصد والتوثيق والتوعية وزارة المالية والمصارف والمقاهي ومركز البريد، ومديرية الجمارك، ومركزي محافظة بيروت وبلديتها، انتهاء بمبنى المجلس النيابي. المجموعة مؤلفة من 23 شاباً وصبية، من بلدات بر الياس، تعلبايا، سعدنايل، المرج، مجدل عنجر، قب الياس، والروضة. وأعضاؤها يبدون حماسة كبيرة للعمل على رصد الانتهاكات، لعل الصوت يصل. إلى جانب العريضة المليونية التي تطالب بتضمين ميزانية الحكومة والسلطات المحلية بنودا تعمل على تأهيل البيئة لتصبح دامجة، تنطلق من بيروت وتتنقل في المناطق لإلزام المعنيين الرسميين احترام التنوع في المجتمع، يعمل فادي الصايغ وعدد من الشباب، على نشاطات توعوية بالتوازي مع الرصد. يستلمون مجموعة من الكراسي المتحركة والعكازات، وأشرطة لربط الأعين، ويطلبون من المارة تجربتها، ومحاولة الوصول إلى عدد من الأماكن المرصودة.
تكتمل التحضيرات، وتنطلق المجموعات ليغدو الأشخاص المعوقون مرئيين في مجتمع يأبى ساسته أن يلحظوهم. سيحتلون لساعات، الشوارع، والأماكن العامة، والأخرى الخاصة ذات الاستخدام العام، ليوصلوا من جديد صرختهم.. «كفى تهميشاً!».

للتبليغ عن انتهاك

بالإضافة إلى التواصل مع مجموعات الرصد في الحملة، يعمل «مرصد حقوق المعوقين» عبر نظام شكاوى مبنية على تعبئة الاستمارات. ويخول الأشخاص المعوقين استخدام عدد من الأدوات لتقديم تبليغ عن انتهاك حقوقهم، وذلك عبر: موقع إلكتروني للشكاوى:
www.disabilitymonitor.org
صناديق الشكاوى الموجودة في مراكز الشؤون الاجتماعية، والبلديات، وبعض جمعيات الإعاقة.
الاتصال بفريق المرصد على الرقم: هاتف/ فاكس: ٧/ ٨٠٧٣٦٦ -٠١

الأماكن المستهدفة

خريطة تحرك مجمـــــوعات رصــــــد الانتــــهاكات بحق الأشخاص المعـــــوقين:
المجموعة الأولى: منطقة المتحف، بدارو، فرن الشباك. تستهدف وزارة الشؤون الاجتماعية، قصر العدل، مركز الأمن العام، وزارة الصحة العامة، إدارة «الجامعة اللبنانية».
المجموعة الثانية: الوسط التجاري. تستهدف وزارة المالية، المصارف، المقاهي، المطاعم، مركز البريد، مديرية الجمارك، مركز محافظة بيروت، مبنى بلدية بيروت، المجلس النيابي.
المجموعة الثالثة: الروشة. تستهدف مبنى مصرف الإسكان، المقاهي، المطاعم، الفنادق.
المجموعة الرابعة: الحمراء لغاية شارع أبو طالب. تستهدف وزارة السياحة، مصرف لبنان، وزارة الداخلية والبلديات، المقاهي، المطاعم، الفنادق، دور السينما والمسارح، المحال التجارية.
المجموعة الخامسة: الدكوانه. تســــتهدف مصلحة تسجيل السيارات – النافعة، مديرية التعليم المهني والتقني، ومركز البحوث والإنماء.

السابق
الشرق الأوسط الأكثر إدمانا.. على الإنترنت
التالي
كوريا الشمالية: لاجراء تحقيق مشترك مع الولايات المتحدة حول الهجوم المعلوماتي على سوني