برّي: أَبشر بطولِ إقامة يا ستّين…

ؤكّد رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي أنّ اللجنة النيابية المكلّفة صوغ قانون الانتخاب الجديد علّقت أعمالها وأنّه لم يعُد في وارد الخوضِ في هذا الموضوع إلى ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، مستبعِداً الاتّفاقَ على هذا القانون ومبشّراً بقانون الستّين النافذ بـ»طول الإقامة».

ويؤكّد برّي أنّه قال منذ البداية «إذا اتّفقنا على مشروع قانون الانتخاب فإنّنا نوقّعه بالأحرف الأولى في انتظار انتخاب رئيس للجمهورية، في حين أنّ أفرقاء سياسيين ممثلين في اللجنة النيابية المختصّة عرقلوا هذا الاتفاق بغيةَ عرقلة مشروع المختلط الذي كانت تدرسُه والذي ينصّ على أن يتمّ انتخاب نصف أعضاء مجلس النوّاب (64 نائبا) على أساس النظام الانتخابي النسبي، والنصف الآخر على اساس النظام الانتخابي الاكثري، هادفين من هذه العرقلة إلى فرض مشروعهم المختلط أيضاً والذي ينصّ على انتخاب 68 نائباً على أساس النظام الاكثري والبقية، أي 60 نائباً، على اساس النظام النسبي، متوقّعين أن يمكّنهم من الفوز بالأكثرية النيابية في الانتخابات المقبلة.

ويلفت برّي إلى أنّ رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميّل عندما زاره مطلع الاسبوع بعد جولته الجنوبية، أبلغَ إليه عدمَ موافقة 14 آذار على المشروع المختلط (64X64) مقترحاً تقسيماتٍ انتخابية تقضي بزيادة عدد الأقضية لينتخب في كلّ منها ثلاثة إلى اربعة نوّاب، وزيادة عدد المحافظات لينتخب فيها بين 10 الى 12 نائباً.

وعندها لمسَ برّي أنّ هذا الاقتراح ينطوي على تمسّك بالمشروع الذي كان اتُفِقَ عليه بين تيار «المستقبل» و»اللقاء الديموقراطي» و»القوات اللبنانية»، وهو انتخاب 68 نائباً على أساس النظام الاكثري و60 نائباً على اساس النظام النسبي، علماً أنّه كان تبَلّغَ من رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط أنّه يَقبل بالمشروع المختلط الذي كانت تدرسه اللجنة (64 نسبي و64 اكثري).

ويؤكّد برّي أنّه كان لمسَ منذ بداية اجتماعات اللجنة عدمَ وجود جدّية في التوصّل إلى قانون انتخاب مبني على المشروع المختلط الذي قدّمَه عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي بزّي «ولذلك بادرتُ إلى إدراج موضوع قانون الانتخاب في جدول أعمال الحوار المنتظر انعقادُه بين حزب الله وتيار «المستقبل» بغية دفع النقاش فيه في اتّجاه التوصل الى اتفاق في شأنه مع بقية الأفرقاء».

ويشير برّي أيضاً إلى أنّه عندما لمسَ العرقلة في بداية عمل اللجنة النيابية، بادرَ أيضاً إلى ربط إقرار القانون الانتخابي الذي يمكن أن يتّفق عليه بانتخاب رئيس الجمهورية حتى يكون للأخير رأيٌ وكلمة فيه، وذلك حتى لا يقالَ إنّ الرئيس استُبعِدَ عن هذه الخطوة المهمة جداً بالنسبة الى مستقبل الحياة السياسية في البلاد.

وهذا الموقف عبّر عنه برّي في ضوء إعلان كتلة «القوات اللبنانية» بلسان أحد اعضائها النائب جورج عدوان عن تجميد مشاركتها في اجتماعات اللجنة النيابية المختصة والمطالبة بعقد جلسة نيابية عامة يتمّ خلالها التصويت على كلّ مشاريع القوانين الانتخابية الموجودة في مجلس النواب، ويقول برّي في هذا السياق إنّه لا يمكن عقدُ مثلِ هذه الجلسة الآن لأنّ هناك اتفاقاً حصل بين الجميع قبيلَ انطلاق عمل اللجنة، وهو أن لا يقرّ أيّ مشروع قانون انتخاب في مجلس النواب إلّا بعد انتخاب رئيس الجمهورية واطلاعه عليه، وعندها يمكن ان يوافق عليه أو يقترح تعديله.

وفي ضوء مجمل المواقف المعلنة من قانون الانتخاب، ونتيجة ما آل إليه مصير اللجنة النيابية من تجميد لعملها إلى ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية، فإنّ برّي بدأ ينظر بتشاؤم الى هذا الملف مشكّكاً في إمكان الاتفاق عليه، مردّداً مقولة: «بَشّر بطول إقامة يا 60 (قانون الستين النافذ)»، مستعيراً هذا المقولة من أحد أبيات قصيدة للشاعر الأموي جرير بن عطية اليربوعي هجا فيها قبل 14 قرناً نظيرَه الفرزدق لتهديده شخصاً إسمُه «مِربَع» بالقتل، إذ قال فيه هاجياً بسخرية: «زعمَ الفرزدقُ أنْ سيقُتل مِرْبَعاً.. أبشِر بطولِ سلامةٍ يا مِرْبَعُ».

وقد دخل اسمُ «مِربَع» هذا التاريخ، ليس لأنّ الفرزدق قد قتله بالفعل، ولكن لأنّ جرير ما كاد يسمع أنّ منافسه وخصمَه الذى ظلّ أربعين عاماً يتبادل وإيّاه الهجاء، قد أطلقَ هذا التهديد فى حقّ «مِرْبَع» حتى ردّ عليه بهذا البيت الشعري الساخر مستهزئاً بتهديداته، ومبشّراً «مِرْبَع» بأنّ عمرَه سيطول، طالما إنّ الفرزدق بالذات هو الذى يهدّده بالقتل. وبات هذا البيت الشعري مضربَ الأمثال يردّده الناس كلّما استمعوا لمَن يهدّد بقوّة لا يملكها.

السابق
«داعش» الجندي الوحيد الحاضر؟
التالي
فادي ووالديه وحربنا المفتوحة