المرأة وأميركا (3): هنا أيضا تعاني العنف والتهميش

أميركا
يأتي هذا المقال بعد زيارة لولايتي واشنطن ونيويورك إثر مشاركة مديرة تحرير الموقع جنى الحسن في برنامج International Visitor Leadership Program والذي تمركز موضوعه الرئيسي حول المرأة في السياسة والحياة العامّة. وينشر على عدة أجزاء، هنا الحلقة الثالثة.

في أميركا، تزول الهموم العادية، كالماء والكهرباء ، ويزول الشعور بالخوف. هناك لذة في المشي في شوارع لا تعرفها. يزوّدك الأمر بشعور بالتجدد، بأن كل شيء ممكن. عندما تستقل المترو، تضحك بفرح وأنت تلتقط الصور قرب وسيلة النقل التي يتدافع منها الناس. تخبر المرأة الأجنبية، هكذا بلا دافع، أنك غريب عن هذه البلاد وأنه لا يوجد مترو حيت أتيت. تضحك هي أيضاً. تدخل القطار السريع لترى جماعة من الملتحين. تضحك مع الأصدقاء. هل وصلت داعش إلى هنا؟ يمر وقت قليل قبل أن تتحدث معهم، رجال دين أتوا إلى اميركا لحضور مؤتمر. تخرج من المترو لتجد نفسك في مجمع تجاري كبير. التسوّق في أميركا أقل كلفة من التسوق في بيروت. تنتهي من التسوّق وتستقل سيارة أجرة للعودة إلى الفندق. لا اعرف إن كان يصح القول إن للطرقات ملامح، إن تأمّل المدن التي لم تعرفها من قبل من نوافذ السيارة فيه شغف كبير. لماذا يا الله لا تكون طرقنا على هذه الدرجة من السلام؟

أميركا
لا يهم كثيراً إن كانت شوارعنا صغيرة او مبعثرة، لكن لماذا لا تكون فيها رائحة المستقبل؟ ليست المدن بشكل مبانيها، لكن برائحة القلوب التي فيها. وقلوب بيروت حزينة وإن أضاءت زينة الميلاد كل ركن من الزوايا. نتنشق الخطر هنا. الجميع يتهيأ لإضاءة شحرة الميلاد المجاورة للبيت الأبيض. وهو حدث كنت أود لو أراه لولا ارتباطنا بدعوة للعشاء مع نسوة أميركيات. نتجه إلى منزلهن. إحداهن من جذور لبنانية. يتراوح الحديث بين هموم المرأة والإطراءات عن لذة الطعام.
تقول إحداهن إن الأميركيين أيضاً ميالون في الآونة الأخيرة إلى العودة إلى المحافظة والدين. المرأة هنا أيضاً ليست بأفضل أحوالها. هناك نسبة كبيرة من العنف. أسأل عن موجات التحرر في أميركا والحركات النسوية وأسأل ايضاً إن كنا في خضم كل التغيرات التي تجري في الشرق الأوسط، نعرف، نساءً ورجالاً، ماذا نريد من بعضنا البعض. بعض النساء تعبن من التحرر والعمل والدفاع والعمل على تطبيق القانون. تسكب لنا المضيفة فطيرة التفاح. نهديها souvenir يحمل عبق الأرز ونمضي.
في منسبات تالية، نتعرف على حملة يقودها رجال هنا للدفاع عن حقوق المرأة، Man Up campaign. هم أيضاً يؤمنون بالشراكة وبأن الرجل فيه هذا الشق المنتزع منه والذي يجبره أن يكون على صورة نمطية ما. زرنا أيضاً مكاناً يأوي النساء المعنفات. ما الفرق بيننا وبينهم؟ الفرق أن هناك جدية وحكومات تموّل للحماية. أين أنت يا وطننا؟
لا أقارب أميركا كبلد الأحلام ولا المكان الخيالي للعيش ولكن بأمل أن يسود في بلادنا نظام ما بدل الهمجية. بأن نستيقظ، بقدرة معجزة، ونرى أننا أصبحنا دولة. أسأل لماذا النساء هنا لا يرتدين القفازات الصباحية، أي أطنان الماكياج ولماذا لا يصدح من أماكن العمل رنين الكعوب العالية. ربما هو الاكتفاء. ربما مع القانون، نصبح أقل حاجة إلى ان نكون نساء نمطيات، يشبهن “الصور”. لا نحتاج أن نختلق جمالنا ونخشى ألا تعجب أشكالنا هذا المجتمع. وربما كلما شبعنا من النظام، بتنا أقل حاجة إلى الاستعراض.
فس نقاش مع إحدى القيّمات على مركز إعلامي لتمكين المرأة في الصحافة والتشجيع للتطرق لقضاياها، تقول إن الشكل الخارجي قد يشكل وسيلة للعبور في هذا الزمن، لكن التعاضد بين النساء سيمكن الجميلات أخيرا بعد أن يثبتن أنفسهن، ان يدافعن عن نظيراتهن. ربما بعدها، يصبح هناك مكان للأقل جمالا.

السابق
زهرا: انغماس حزب الله في الحرب السورية اضطرنا الى التحاور مع حلفائنا الاقليميين
التالي
يا شيعة البقاع الغربي ﻻ تخطئوا مرتين