بعد ايران…كوبا ايضا تحب الشيطان الاكبر

بوتين
تشهد المرحلة الحالية الكثير من التحولات، حتى كأننا في زمن كتابة تاريخ جديد مختلف، نشهد في صفحاته انطواء لسنوات طويلة طبعت من عمر الاحداث، فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي والتحول الإيراني ها هي كوبا تخرج من الكهف المظلم الذي وضعها فيه فيديل كاسترو على ايدي أخيه راؤول عبر اتفاق تاريخي مع الولايات المتحدة الامركية .

لا يزال بعض الشيوعيين في قريتنا ويجادلون، مستحضرين في اذهانهم كل زمنهم الجميل الذي لم يغادرهم لحظة واحدة، وكأن الأيام ثابتة لا تتحرك، قالاتحاد السوفياتي “رحمه الله” لا يزال حياً يُرزق، ورأس المال المتوحش يتخبّط تحت اقدام دكتاتورية البروليتاريا، وها هو “القيصر” قد قام، حقا قام من تحت الآنقاض ، والاحآدية الامركية تتحطم يوميا على اعتاب تحالف البركس، وعليه يبنون كل امالهم بالقضاء على الامبريالية العالمية واذنابها بالمنطقة، وفي مقدمتهم ربيبتهم إسرائيل.

قد أتفهم هذا التأبط الشديد باوهامهم وهذا النكران للواقع الذي يسير يوميا بخلاف ما تشتهي سفنهم الحمراء، شأنهم بذلك شأن الاسلامويين الذين بنو قصورا فارهة وناطحات سحاب على نظريات رملية سرعان ما تهافتت عند اول هبوب لرياح الواقع، وعواصف التغيير.

فالاسلامويون أيضا يخشون التسليم بحقيقة ان الإسلام ليس الحل .. لانهم يعتبرون، على غير صواب، ان مؤدى هذا التسليم بعدم صوابية النظرية فيه توهين للمقدس ولا فرق هنا ان كان كارل ماركس او محمد بن عبدالله.

فاذا ما كان تنظيم “داعش” وانجازاته الدموية هو اخر الهزات التي يجب ان تُوقظ من تبقّى من حاملي شعار “الإسلام هو الحل”، فان الاتفاق الكوبي الامركي الجديد يجب ان يشكل اخر الحلقات من السلسلة الواهية التي يحاول الشيوعيين التمسك باطرافها.

راؤول كاسترو و اوبامافبعد مفاوضات سرية دامت اكثر من تسعة اشهر بين الولايات المتحدة من جهة وكوبا من جهة أخرى كانت تجري بكندا، توصلا الى اتفاق ثنائي وصفه الاتحاد الأوروبي بانه يشكل تحول تاريخي، مما يوحي كما يؤكد متطلعون على خبايا الأمور ان ما وقّع عليه الطرفين يتخطى مسألة تبادل الاسرى والافراج عن عامل الإغاثة الأميركي الن غروس مقابل ثلاث جواسيس كوبيين محتجزين في اميركا.

وان الاتفاق الموقع هو بداية مرحلة جديدة يفتتحها الرئيس راؤول كاسترو وبضمانة من بابا الفاتيكان ليفتح من خلالها أبواب كوبا على مستقبل مختلف ويطوي بذلك سنوات عجاف عاشتها بلاده من الفقر والتقوقع والتخلف والجهل والظلامية قادها اخوه فيدل تحت وطأة خطابات شعاراتية لم تسمن ولم تغني الشعب الكوبي من جوع.

فكوبا من الآن وصاعدا هي غير كوبا القديمة، كما ان ايران هذه الأيام والتي تخلت عن كل شعاراتها القديمة أيضا، هي غير ايران القديمة، هذا هو الواقع المستجد الذي لا مفر من مشاهدته حتى وان استمر الشيوعيين في لبنان في اصراراهم على انكاره؟

وان لم تبقى في نظرهم بكوبا الابية وتوقفوا عن ارسال تحاياهم الي رفاقها، لان المهم عند راؤول هو اطعام شعبه.

السابق
ستبقى «جنوبية» مساحة للحريّة والنقد البنّاء
التالي
فضل الله نوه بمعالجة الفساد: لورشة أخلاقية وقيمية