ملكة جمال العالم: مسابقات الكذب والتفاهة

"ملكة جمال العالم"؟ ربّما، لكن كلّ رجل يرى في امرأة ما "ملكة" ما. الجميلات هنّ الحنونات، الذكيّات، الودودات، المتفهّمات... ولسن اللواتي قضينَ حيواتهنّ بـ"نحت" أجسادهنّ، وترك الدهون تتكتّل في أدمغتهنّ. "أجمل"، هذه الـ"أفعل التفضيل" ظالمة. فلا يوجد "أجمل امرأة بالعالم".

فازت الأحد الفائت الفتاة الجنوب أفريقية، رولين شتراوس، بلقب “ملكة جمال العالم”. لكن ماذا يعني أن تكون امرأة “ملكة جمال العالم“.

هل يعني أنّها أجمل فتاة في العالم؟

بالتأكيد الجمال نسبيّ. هناك شبّان يفضّلون الفتيات الممتلئات، البدينات قُل. وآخرون يحبّون الفتاة القصيرة، وبعضهم، عشرينيون وثلاثينيون، يحبّون المرأة الأربعينية، وليس العشرينية. فكيف انقلب الجمال عشرينياً، وعيوناً ملوّنة وطولاً لا يقلّ عن متر وخمسة وسبعين سنتمتراً، ونحافة استثنائية، في عصر البدانة؟

“أجمل”: هذه الـ”أفعل التفضيل” ظالمة. لا يوجد “أجمل امرأة في العالم”. ولهذا بالضبط يوجد “ملكة جمال العالم”. هي مسابقة لاختيار أجمل مشتركة، أو أفضل متسابقة، ممن فزنَ بلقب “ملكة جمال البلد الفلاني”.

والحال هذه فإنّ المسابقة تفتقد الصدقية في إعلان “أفعل التفضيل” العالمي.

دائماً في نشاطات كلّ منهنّ نجد أحاديث عن ومع أطفال أيتام، وفقراء، ومرضى. وهناك دموع التأثّر، وزيارات إلى مناطق الكوارث والصراعات والحروب، وصور توحي بتأثير المتسابقات، والملكة لاحقاً، على إمكانية التغيير هنا، أو المساعدة هناك…

السؤال الأخير بين المتسابقات الأربع في المرحلة الأخيرة كان: “لماذا يجب أن تكوني ملكة جمال العالم”؟ سؤال استفزازيّ كهذا، وفي ظنّ طارحه أنّه سيُخرِج من الفتيات أجوبة لامعة.

الأجوبة كانت عامّة توحي للمشاهد بأنّ الفتاة الواقفة أمامه مملوءة حبّاً وإخلاصاً وأخلاقاً وإيماناً بالمثل العليا، ولا تريد شيئا لنفسها أبداً. وربّما كثيرون يعرفون أنّ ما لم تقله أيّ منهنّ هو التالي: “أريد أن أكون ملكة جمال العالم لأثبت أنني جميلة، وأنني متفوّقة، وأنّني أجمل من صديقاتي وقريباتي، ولأحصل على الكثير من الهدايا والمال، ولأعيش على نفقة المسابقة، وأجمع المال من دون تعب ولا جهد، ولأصير لاحقاً ممثّلة أو مغنية، ولأعيش حياة ترف بلا مسؤوليات جديّة”.

هكذا تحرّض المسابقة مشتركاتها على الكذب. تدفعهنّ إلى المسايرة وإسماع الآخرين ما يريدون سماعه. فهل هذا هو الجمال؟ هل الجمال هو الكذب؟ ربّما، وأكثر: الجمال هو صنو التفاهة. هذا ما تروّجه مسابقات الجمال حول العالم منذ عقود. هو أنّ الجمال صنو التفاهة والسطحية. وأنّه بالنسبة إلى الفتاة الجميلة فإنّ الذكاء ليس ضرورياً.

“ملكة جمال العالم”؟ ربّما، لكن كلّ رجل يرى في امرأة ما “ملكة” ما. الجميلات هنّ الحنونات، والجميلات هنّ الذكيّات، والجميلات هنّ الودودات، والجميلات هنّ المتفهّمات… ولسن بالطبع أولئك الفتيات اللواتي قضينَ معظم سنوات حيواتهنّ في “نحت” أجسادهنّ، وترك الدهون تتكتّل في أدمغتهنّ ومشاعرهنّ.

السابق
«جنوبية» تكشف تلفيق «الحدث نيوز» صورة نصر الله بدل رعد
التالي
اشتباكات عنيفة بين الجيش اللبناني والمسلحين في جرود عين عطا