قوانين التمييز الأميركية

التقيت إيرك هولدر في أيام إدارة كلينتون عندما كان يعمل نائباً للمدعي العام. حينذاك، كانت الجالية العربية تعاني قلقاً عميقاً بسبب مضايقات مكتب التحقيقات الفيدرالي، واستخدام الحكومة قانون «الأدلة السرية» لاحتجاز الأفراد وتمييز الأشخاص الذين تبدو عليهم ملامح العرب، أو مَن تدل تصرفاتهم على أنهم مسلمون، في المطارات الأميركية كافة.

وبالتعاون مع مساعد المدعي العام للحقوق المدنية آنذاك، بيل لان لي، دعت وزارة العدل إلى عقد سلسلة من الاجتماعات، ترأس بعضها المدعي العام جنيت رينو، وبعضها الآخر هولدر، أتاحت لنا فرصة التعامل مع تلك المخاوف، وكان هولدر مستجيباً، وتم إلغاء التمييز غير الموضوعي في المطارات، ونظمت اجتماعات بين مكاتب «التحقيقات الفيدرالية» وقادة الجالية الأميركية العربية. وبعد مراجعة كل قضية على حدة، تم إطلاق سراح غالبية الـ 23 عربياً الذين كانوا محتجزين بناء على قانون «الأدلة السرية».
وعندما ترشح جورج بوش للرئاسة في العام 2000، حاول الاستفادة من مرارة التمييز وقانون «الأدلة السرية» لاستمالة أصوات الأميركيين العرب في «ميتشيغان». ولكن بمجرد انتخابه، برهن بوش على أنه مخيب للآمال. واستمرت هذه الممارسات. وعقب هجمات 11 أيلول، ضرب بوش ومدعيه العام جون أشكروفت بكل التحذيرات والدستور عرض الحائط، وأطلقا هجوماً غير مسبوق على الحريات المدنية.
يومها، حصلت عمليات احتجاز وترحيل لأكثر من 1200 شخص، ولن نعرف الرقم الدقيق لأنه بعد أن وصل العدد إلى 1200 شخص، توقفت وزارة العدل عن إصدار الأرقام. وتبعت ذلك سلسلة من الاتصالات بالقادمين الجدد من دول عربية وإسلامية، حيث طُلب منهم الاتصال بمسؤولي الهجرة ليتم تسجيلهم والتحقيق معهم. غير أن هذا البرنامج نُفذ بصورة بالغة السوء، وأدير بشكل اعتباطي بدرجة أثارت الرعب في نفوس الجاليات التي تأثرت به.
وعقب تلك السنوات الكارثية، شعرنا بالراحة عندما تم انتخاب المحامي الدستوري باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، حيث وعد بحكومة تتبنى الشفافية والمحاسبة وإجراءات التدقيق واحترام الحقوق المكفولة دستورياً. وعلاوة على ذلك، شعرنا بمزيد من الطمأنينة عندما تم تعيين إيريك هولدر مدعياً عاماً أيضاً.
ومنذ أيامه الأولى في المنصب، أشار «هولدر» إلى أن تغيير «إرشادات التمييز» من بين أولوياته. لكن مرت السنوات ولم يتم اتخاذ إجراءات.
ثم صدرت الإرشادات الجديدة خلال الأسبوع الجاري، لكنها كانت أكثر من مخيبة للآمال، فبدلاً من إنهاء التمييز الذي يرجع إلى عهد أشكروفت، فتحت الإرشادات الجديدة ثغرات أخرى لم تكن في الحسبان.
تقدم الإرشادات الجديدة السمات التي لا يمكن لجهات إنفاذ القانون استخدامها وهي تشمل الجنس والعرق والأصل القومي والدين والهوية الجنسية، لكنها تسمح للجهات بـ«النظر» في السمات ذاتها كي يتم استخدامها في حالات الأمن القومي وتفعيل قوانين الهجرة أو الأنشطة الاستخبارية المسموح بها. وهي تعني، باختصار، أنه إذا كنت لبنانياً أو فلسطينياً أو سورياً أو عراقياً والقائمة تطول، يمكنك أن تكون هدفاً سائغاً لجهات إنفاذ القانون.

http://assafir.com/Article/18/390817

السابق
بيونسه متهمة بسرقة ألحان
التالي
تكسير زجاج مسجد في شبعا والفاعل مختل عقليا