آثار صور بلا صيانة منذ اجتياح 1978

تشهد المواقع الاثرية في صور، لا سيما الموقعين الرئيسيين (الآثار البحرية وآثار البص)، ورشة تأهيل للانشاءات التي يعود معظمها إلى اكثر من ألفي عام، وذلك للمرة الاولى منذ العام 1978، بعد تزايد الاخطار على تلك المواقع والانشاءات، ومنها الحمامات الرومانية وممرات الموزاييك والمسرح الروماني المربع في موقع آثار صور وقوس النصر والحمامان الازرق والاخضر في موقع آثار البص.

أعمال التأهيل والترميم التي يشارك فيها عشرات الفنيين والعمال بإشراف المديرية العامة للآثار، تأتي ضمن مشروع الإرث الثقافي في صور الممول من البنك الدولي، وتستمر شهوراً عدة، ستؤدي إلى حماية المنشآت التاريخية من جهة وفتح مسارات جديدة على المواقع التي كانت غير مفتوحة أمام زوّار المواقع الاثرية في المدينة من جهة أخرى، وبدء تجهيز متحف آثار صور الذي دشن مبناه قبل أشهر عدة.

أكبر حقل مفتوح

بدأت أعمال التنقيب في العام 1947 في المواقع الأثرية في صور التي تحتوي على حقبات فينيقية ورومانية وكنعانية وصليبية وإسلامية، واستمرت حتى العام 1978 مع الاجتياح الإسرائيلي لمنطقة جنوب الليطاني.
ووفق مسؤول المواقع الأثرية في الجنوب علي بدوي فإن أعمال التنقيب في هذه المرحلة، كانت تتم في أكبر حقل حفريات مفتوح في العالم بمشاركة أكثر من ستمئة شخص من اختصاصات متعددة.
يومها أظهرت الحفريات وأعمال التنقيب مجموعة من المواقع الأثرية، أبرزها موقع آثار صور الذي كان يقع على جزيرة صور القديمة، التي عثر فيها على جملة من الإنشاءات تعود إلى الفترة الرومانية، مثل الحمام الروماني والمسرح المربع والقاعات الرياضية وبعض المناطق السكنية.
وعُثر أيضاً، في موقع آثار البص، على ميدان سباق العربات الروماني الذي كان يُعتبر ثاني أكبر ملعب من نوعه في العالم ويتسع لأكثر من أربعين ألف متفرج، ومدينة للأموات انتجت عدداً ضخماً من اللقى الفنية التي تجعلها من أفضل ما صنف من الفترة الرومانية في العالم.

لا صيانة

يوضح بدوي أن المشكلة الرئيسية على صعيد التأهيل والمعلومات في صور هي أن «الحفريات توقفت في تلك الفترة من دون أن تُستكمل ومن دون أن تتم أي أعمال صيانة لتلك المواقع أو أن يتم نشرها وتوضيح كثير من المعلومات التي نعتقد أنها مقتضبة وناقصة. ويلفت إلى أن المشروع الحالي يركّز على إزالة الأخطار الحقيقية عن المواقع بعدما أصبحت في موقع خطر بسبب توقف أعمال الصيانة الدورية.
ويعتبر بدوي أن أهم عمل يجب القيام به بعد الحفر أو التنقيب هو «الصيانة الدورية لأننا نتعامل مع منشآت عمرها أكثر من ألفي عام، وأي خطأ يؤدي إلى تلف الآثار، لذلك نقوم حالياً باعمال صيانة على المواقع الرئيسية للحفاظ عليها لا سيما الموزاييك في الشارع الرئيسي لموقع آثار صور التي كانت تعرّضت لضرر كبير بسبب تقنيات الترميم التي استخدمت في الستينيات».
يشير بدوي إلى أن «الأعمال تتركز راهناً على إزالة طبقات الاسمنت عن الموزاييك واستخدام طرق تقليدية مشابهة للطرق التي تم تركيبها حين ذاك، وتأهيل قوس النصر الذي يعود إلى العهد الروماني، عبر تدعيمه واستبدال بعض الأحجار التالفة وتأهيل حمام الفريق الاخضر وحمام الفريق الازرق في آثار البص والحمام الروماني والمسرح الكبير (الارينا) في موقع آثار المدينة.
وتشمل الأعمال الجارية إعادة تغطية بعض المنشآت التي تم كشفها في وقت سابق وكشفت حينها عن بعض مقاطع وجدران هويتها غير واضحة. ويؤكد بدوي عدم وجود أي أفق وربما خلال الـ 25 عاماً المقبلة لأي مشروع للتنقيب في بعض تلك المناطق.
ويقول إن «إحدى المشكلات التي نحاول حلها هي تقديم تاريخ صور وهي مثل معظم المدن اللبنانية، تحتضن حقبات تاريخية عدة».

متحف صور قريباً

يبدأ تجهيز متحف صور الذي افتُتح مبناه أخيراً قريباً، وفق مسؤول المواقع الأثرية في الجنوب علي بدوي، على أن تُعرض فيه المكتشفات والمعلومات التاريخية.
ويشدد بدوي على أن أحد الأجزاء المهمة في المشروع هو الجزء التثقيفي المحلي، إذ أُنشئ جناح خاص للعمل على تثقيف وتعليم الاجيال بطرق تفاعلية.
ويكشف بدوي عن وجود اتفاق أولي مع مكتب الاونيسكو للقيام بورشات عمل وبرنامج حديث خاص بصور يقدم المعلومات التثقيفية والعلمية.

السابق
مايا دياب أذكى من ان تنزلق نحو الشعبوية
التالي
الدور المسيحي بين الواقعية والأمرالواقع