رحل أنطون شارتييه مؤسسة في شخص

رحلة أنطوان شارتييه مع الشباب والرياضة قصة مشوّقة، ومباراة مثيرة لا تنتهي فصولها وأشواطها.

شاء الله أن يبصر الراحل الكبير النور في الجميزة عام 1937، الحي العريق في بيروت، حيث مدرسة القلب الأقدس (الفرير) الراسخة رسالتها التربوية منذ القرن التاسع عشر. وأن يلتحق بصفوفها منذ مرحلة الحضانة، ويكرّس حياته من خلالها للتعليم والرياضة.
أخ الشقيقات الثلاث. والإبن الوحيد لأب كان ضابطاً في الجيش الفرنسي وأم من آل حبيش، خبر الرياضة أسلوب حياة ونهج سلوك وإنضباط، وإستلهم من دقة الأرقام والمعادلات والمنطق في مادة الرياضيات التي علّمها، أقانيم تعاطيه مع الشأن الرياضي ميدانياً وإدارياً.
ولما كانت الكرة الطائرة في أوج مسارها التصاعدي، كان أنطوان شارتييه جناحاً من أجنحتها، وعلامة فارقة مع فريق القلب الأقدس والمنتخب اللبناني لاعباً ثم مدرباً، فضجت الملاعب بانتصارات فريقه الذي حصد لقب البطولة 11 مرة بين العامين 1953 و1969.
أنطون شارتييه المربي، هو نموذج للإجتهاد والعمل في مختلف الظروف، وإنجازاته في هذا الإطار شاهدة على مسيرته التي تتعدى مدرسته وناديه.
الناشط الفاعل في إتحاد الكرة الطائرة، مدير الاتحاد العام الرياضي للمدارس الحرة UGSEL، مطلق المركز الرياضي الترفيهي الرابض بجوار مدرسة مون لاسال على تلك الهضبة المشرفة على بيروت، رئة الرياضة في سنوات الحرب السود وفسحة الأمل الدائمة التي أدخلت الرياضة إلى كل بيت من خلال البث المباشر عبر تلفزيون لبنان… وأصبح اليوم محجة للوسط الرياضة وقبلة أنظاره، كيف لا ونادي مون لاسال يحتضن نشاطات اتحادات عدة، ومنضم إلى 18 منها ومؤثر فيها.
هذا الريادي في تطلعاته ومشاريعه، كان دائماً العنوان الصحيح للباحثين عن قيادي شفاف ومنقذ في الملمات. لم يتوان يوماً أمام المهمات الصعبة، ولم يتأخر عن تلبية النداء متصدراً الصفوف. ساهم برئاسته لاتحاد كرة السلة في إطلاق اللعبة نحو العالمية…
وحين أرادت المديرية العامة للشباب والرياضة ثم وزارة الشباب والرياضة السير قدماً في ورشة التطوير، إستنارت بآراء شارتييه وأفكاره… المتعدد المهام والأدوار قاد اتحاد الرقص الرياضي ليصبح كياناً معتبراً، وواكب زملاؤه قدامى لاعبي الكرة الطائرة في تأسيس إتحادهم.
دفع أنطون شارتييه العمل الإداري الرياضي قدماً مع توليه رئاسة اللجنة الأولمبية عام 2010، فشكّل حالة خاصة وكرّس لها الجهد متابعاً ومخططاً من دون كلل أو ملل على رغم العراقيل والعقبات.
لا يُختصر أنطوان شارتييه بكلمات، فسيرته فائضة بمحطات مشرقة، وأحلامه تتحقق ولو طال الإنتظار. هو المبادر والمساند والمشجع للوجوه الواعدة والأبطال المكرسين. راهب ناسك في محراب الرياضة اللبنانية، نموذج الإستقامة بشهادة الجميع حتى من يختلف معه.
أنطوان شارتييه رحل في النادي الأحب الى قلبه…

السابق
من هو الجاني في حادث سيدني وكيف تعلق الجالية اللبنانية؟
التالي
المشكلة الجهادية