ما النصيحة التي أسداها الفيصل لباسيل؟

يفترض أن يشكل الحوار المرتقب بين تيار المستقبل وحزب الله حافزاً للقيادات المسيحية للدخول في حوار مباشر لعله ينتج تفاهماً يدفع في اتجاه التوافق على رئيس جديد للبنان، خصوصاً أن بعض هذه القيادات أخذت تتصرف كأن هذا الحوار المنتظر سينتهي بصفقة ثنائية بين السنّة والشيعة ستكون مرجحة في انتخاب الرئيس، مع أنها تدرك سلفاً أن سقفه لن يتجاوز تنظيم الاختلاف بينهما وسيبقى محصوراً في تنفيس الاحتقان المذهبي والطائفي.

وفي هذا الاطار، علمت صحيفة الحياة من مصادر سياسية مواكبة للتحضيرات الجارية لبدء الحوار بين المستقبل وحزب الله، أنها لا تستبعد إمكان انعقاد الجلسة الأولى قبل نهاية العام الحالي مع أن لا شيء محدداً حتى الآن، بانتظار عودة نادر الحريري مدير مكتب الرئيس سعد الحريري من الولايات المتحدة الأميركية.

وأكدت المصادر نفسها أن تحديد الموعد النهائي لبدء الحوار الذي يواكبه رئيس المجلس النيابي نبيه بري من خلال معاونه السياسي وزير المال علي حسن خليل، يتوقف على التفاهم على جدول أعماله ومكان انعقاده والمشاركين فيه، وقالت إن انعقاد الجلسة الأولى من الحوار قبل نهاية هذا العام يمكن أن يشكل مناسبة لخفض منسوب التوتر بين الطرفين على قاعدة إقرارهما بضرورة ربط النزاع بينهما حول نقاط الاختلاف وأبرزها: سلاح حزب الله في الداخل ومشاركته في القتال في سورية والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان الناظرة في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري والخلل في تطبيق الخطة الأمنية في البقاع الشمالي، وأخيراً سرايا المقاومة المدعومة من الحزب، والتي تسببت أخيراً بإشكال مع شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي في حي التعمير في صيدا.

ولفتت المصادر عينها إلى أن الحوار يمكن أن يؤدي إلى التداول في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية من دون أن يثمر أي تبدل في موقف الطرفين من هذا الملف.

وقالت إن مقاربته تبقى في حدود ضيقة لئلا تستفز بعض الأطراف المسيحيين الذين يمكن أن يستغلوها للتحريض عليها من زاوية أنهما يحتكران القرار في حسم الملف الرئاسي.

وسألت هذه المصادر عن الأسباب التي تمنع الأطراف المسيحيين من الحوار، مع أن الحريري كان نصح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون عندما التقاه منذ حوالى السنة، بضرورة قيام حوار مسيحي – مسيحي لأن لا شيء يمنع من حصوله.

واستغربت المصادر تردد عون في فتح حوار مع المسيحيين بالتوازي مع حواره مع المستقبل، على رغم أنه لم يترك تهمة إلا ألصقها به.

وكشفت أيضاً أن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل نصح الوزير جبران باسيل بضرورة التسريع في الحوار المسيحي – المسيحي، وأبلغه بأن المملكة تدعم أي توافق بين القيادات المسيحية حول رئاسة الجمهورية. وقالت لا صحة لما يتردد من حين إلى آخر بأن الرياض تضع فيتو على انتخاب عون رئيساً للجمهورية. وتابعت المصادر أن عون لم يكترث للنصائح التي أسديت له وكان آخرها من الحريري الذي أكد له أن لا فيتو من جانبه على ترشحه للرئاسة، وأنه يدعم كل ما تتفق عليه القيادات المسيحية في هذا الشأن، لكنه اعتبر أن كل من يدعمه في ترشحه يضع فيتو
على وصوله إلى رئاسة الجمهورية.

ولفتت إلى أن أي حوار لا تكون فيه القيادات المسيحية حاسمة في قرارها حيال رئاسة الجمهورية سيبقي على التوازن في البلد هشاً وإن كان يؤدي إلى تبريد الأجواء. وقالت إن نجاح الحوار يتطلب إخراج ملف الرئاسة من التأزم والمراوحة لأن أي خطوة أخرى ستبقي على الشلل المسيطر على حكومة الرئيس تمام سلام التي ما زالت عاجزة عن التصدي لعدد من القضايا العالقة وأصبحت بمثابة هيئة رسمية لإدارة الأزمة بسبب تعدد الرؤوس فيها الذي سمح لأي وزير بأن يكون له حق الـ «فيتوحتى في الأمور العادية.

ورأت أن وضع البرلمان ليس أفضل حالاً من الحكومة، مبدية تفهمها لامتناع أطراف مسيحيين عن حضور الجلسات المخصصة للتشريع لئلا يسود الرأي العام في لبنان انطباع بأن الأمور ماشية في البلد وأن لا شيء يعيق تسييرها على أحسن ما يرام في ظل الفراغ السائد في سدة الرئاسة الأولى.

واعتبرت المصادر أن البرلمان سيواجه مشكلة تتعلق بإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، ما لم يسبقه انتخاب الرئيس، وقالت إن هناك شبه إجماع على ترحيل إقرار القانون إلى ما بعد انتخاب الرئيس، وعزت السبب إلى أمرين الأول يتعلق باستحالة تأمين النصاب القانوني لعقد جلسة تشريعية لإقراره والثاني لغياب الرئيس الذي يفترض أن يكون له رأي في القانون، مع أن جهات نيابية تعتبر أن هناك إمكانية لإقراره شرط عدم نشره في الجريدة الرسمية ليصبح نافذاً إفساحاً في المجال أمام أول حكومة تشكل فور انتخاب الرئيس لأن تطلب استرداده لإعادة النظر فيه.

لذلك، فإن الحوار الذي يجرى التحضير له بين المستقبل وحزب الله سيبقى في حدود تعليق الاشتباك السياسي القائم بينهما، إضافة إلى أنه يؤدي إلى تمرير الوقت، إنما على البارد هذه المرة، بانتظار أن تصبح الظروف ناضجة لانتخاب الرئيس كما أن هذين الطرفين – وفق المصادر – لا يستطيعان أن يقولا لا للحوار، خصوصاً المستقبل الذي لم ينفك يدعو، في كل مناسبة إلى الحوار.

السابق
الاستقصاء انتهاكاً وتشهيراً
التالي
حراك أميركي لتأجيل «الاعتراف» بدولة فلسطين