ماذا يفعل الجميّل، الرئيس «الإسرائيلي» في جنوب المقاومة والعزّة؟

تبدّلت الاحوال وتغيّرت السياسات، لكن الناس لا تنسى. فهل غفر الجنوب لمن كان رئيسا "على ظهر الدبابة الإسرائيلية" وصار اليوم ضيف "المقاومة" التي حرّرت الجنوب من إسرائيل ولا يغفر لسمير جعجع؟ ولماذا؟ أم أنّ حزب الكتائب وحركة أمل، أي الرئيس السابق أمين الجميّل والرئيس الحالي نبيه بريّ يفتّشان عن قواسم مشتركة لحلف جديد يكون حلفا وسطيّا بعيدا عن حلف حزب الله - عون او المستقبل - جعجع؟ وهما اللذان عانيَا من سلطة حلفائهما والتهميش الحاصل جرّاء هذه الثنائيات؟  

أنهى الرئيس السابق أمين الجميل جولته الجنوبية. هو الذي لم يزر الجنوب الا حين اعلان تحرير صيدا في العام 1985. ويذكر الجميع حينها انّ القوى الوطنية والاسلامية، بما فيها حزب الله وحركة أمل، التي واجهت اسرائيل، قد دعت الى مسيرة ضخمة شارك فيها عشرات الآلاف، وانطلقت من تحت جسر الكولا في بيروت باتجاه مدينة المقاومة صيدا، رفضا لزيارة الرئيس الكتائبي. هو الذي وصل الى سدّة الرئاسة “بدعم اميركي”، خلفا لشقيقه بشير الذي وصل “على ظهر الدبابة الإسرائيلية” وقتلته الحركة الوطنية حينها.

فكيف لمن جمع مجد العمالة لإسرائيل ولأميركا، الشيطان الأكبر، أن يصير ضيف “حزب الله” وحركة “أمل” في الجنوب المقاوم والممانع؟

اليوم بعد 30 سنة على تلك الزيارة الصيداوية يستقبل الجنوب الرئيس أمين الجميّل، وهذا ليس خطأ. هو الذي (الجميّل) لم يزره رغم تحريره في العام 2000 ورغم اعتداء تموز 2006.

والسؤال الذي سيطرحه كل جنوبي، لكن في سرّه طبعا: لماذا تهتم قوى 8 آذار باستقبال أمين الجميّل الذي ثُرنا عليه في 6 شباط 1984، وقسمنّا الجيش لأجل افشال مخططه ضد الضاحية؟ وهو الذي قصف الضاحية وقتل شبابها؟ وهو الرئيس الذي تعاملت عائلته مع الاسرائيليين؟ كيف تستقبله أرض حررتها الدماء من الاسرائيليين؟

أمين الجميّل

قيل في أروقة السياسة ان الهدف من استقباله هو التعبير عن الاعتراض على كون جبران باسيل (وزير الخارجية العوني) استثنى حركة أمل من جولته الجنوبية التي قام بها مؤخّرا. لكن هل تكون النكايات السياسية أعلى من المواقف الوطنية والتاريخية؟ وما هو موقف حقيقة حزب الله من هذه الجولة؟ وهل تمت دون مشورته والتنسيق معه؟ خصوصا أنّ النائب علي فياض كان في استقباله. فهل هي رسالة الى الجنرال ميشال عون بأنّ زمن الدلال قد بات في الماضي ومن الخيال؟

وما هو الهدف من هذه الزيارة في هذا التوقيت؟ خصوصا انّ زوجة أمين الجميّل كانت زارت في فترات سابقة الجنوب، فأبدت نساء حركة أمل اهتماما ملحوظا بها خاصة خلال زيارتها بلدة قانا الجليل.

فهل تفتش كلّ من الكتائب وأمل، أي الرئيس السابق (الجميّل) والرئيس الحالي (بريّ) عن قواسم مشتركة لحلف جديد يكون حلفا وسطيا بعيدا عن حلف حزب الله – عون؟ او المستقبل – جعجع؟ وهما اللذان عانيا من سلطة حلفائهما والتهميش الحاصل جراء هذه الثنائية؟

ويدل على ذلك ما قاله الرئيس أمين الجميل في البيّاضة أمس: “لنتوحّد جميعا ونتّفق على ثوابت وطنية واضحة”، لأنّه “بقدر ما نستخلص العبر من الماضي بقدر ما يمكننا مواجهة المستقبل، ولا ينقذ لبنان الا توّحد أبنائه، واذا غرق المركب غرقنا جميعا”.

واللافت انّ الجميّل قد اعاد التذكير بالظروف التي كان عليها الحال بُعيد انتخابه، حين قال “لا نريد مرشحا وفاقيّا ينتهي التوافق عليه بعيد انتخابه”.

وكان الرئيس السابق أمين الجميّل قد بدأ زيارته التاريخية الى الجنوب من بلدة الخيام، بلدة الوزيرعلي حسن خليل، اليد اليُمنى للرئيس نبيه بري، وكان في استقباله الوزير علي حسن خليل، والنائب علي فياض (حزب الله) وقاسم هاشم (النائب عن البعث في العرقوب)، وراعي ابرشية صور للموارنة المطران شكرالله نبيل الحاج، وزياد أنور الخليل، ابن النائب الدرزي عن حركة “أمل” أنور الخليل، ورجال دين وشخصيات وفاعليات من قرى المنطقة.

وقد القى الجميّل كلمة شدّدت على وجود “علاقة قديمة ومميزة تربطنا، نختلف على بعض التفاصيل، لكن الجوهر خط واحد وانسجام وتواصل بكل ما يتعلق بالقضايا الوطنية”. وتابع “تأثرت اليوم خلال زيارتي بشعور الاطمئنان في هذه المنطقة، وادعو الى ان يتمسك الشباب بهذه الارض ويكفوا عن الاغتراب والهجرة، المنطقة فيها خيرات كثيرة وقادرة على تعزيز الصمود. والتنوع فيها أكبر رسالة لكل من يُضمر الشر للبنان. ولا ينقذ لبنان الا توحد أبنائه، فإذا غرق المركب غرقنا جميعا”.

وأكد على أنّ “علم الكتائب على المقرّ الجديد هو علم محبة وانفتاح”، داعيًا الى “انتخاب رئيس للجمهورية لانه رمز الوحدة والسيادة”.

وختم الجميّل: “قلبنا على المنطقة وعلى انمائها، ونحن في تواصل ولقاءات مستمرة مع حزب الله وحركة أمل لنؤكّد على وحدتنا. هناك خلافات، صحيح، ولكن لن نسمح لها بأن تتحول لأكثر من ذلك”. ورأى ان “وجود الكتائب في الجنوب دليل على وجود الجنوب بكنف الدولة”.

والسؤال: هل نشهد زيارة مشابهة لرئيس حزب القوات اللبناني سمير جعجع الى الجنوب؟ وما هو موقف ميشال عون من مشاركة حزب الله في هذه الاحتفالية؟ وهل انّ صمت الحزب هو فقط مراعاة لبري الذي يرعي اليوم المصالحة بينه وبين المستقبل؟ أم أنّ قلب الحزب قد طاف من “دلال” عون وتعجرفه؟

 

السابق
وفد من حزب الله زار قيادة جبهة التحرير العربية في صور
التالي
لبنان يُطلق اليوم خطة الاستجابة للأزمة إلياسون في بيروت ولا مبادرات لدى الموفدين