النصرة تتعهّد بوقف الإعدامات.. وتجاذب رسمي يهدّد مهمة الغالي

كتبت صحيفة اللواء:”عكس ما تعرض له عضو هيئة العلماء المسلمين الشيخ حسام الغالي، وهو في طريقه للقاء المسلحين خاطفي العسكريين، في مهمة تهدف الى انتزاع تعهد بعدم التعرض للجنود الأسرى، في سياق مبادرة الهيئة، حجم الارباك الذي طغى على السطح، خلال الأيام الثلاثة الماضية، وأوجد، في نظر مصدر وزاري مواكب للمفاوضات، وضعاً صعباً أمام مجلس الوزراء، سواء طرحت القضية مجدداً أمامه، أم ارتؤي إحياء مهمة خلية الأزمة وحصر النقاشات داخلها، وإبعاد المجلس عن أية خضة عشية الأعياد، وبعد النتائج الإيجابية لزيارة الرئيس تمام سلام الى فرنسا.
وأحدث الحادث موجة من المخاوف من أن تؤدي التجاذبات الحاصلة داخل الفريق الرسمي الى فقدان ورقة الاتصال الحالية المتمثلة بهيئة العلماء، سواء عقد الاجتماع بين الرئيس سلام وبينها، أو تمكن الفريق الوزاري الأمني الذي كلف الشيخ الغالي أن يتوجه الى الجرود العرسالية، محاولاً الحصول على التزام من قيادة المسلحين، سواء في “النصرة” أو “داعش” بعدم قتل أو إلحاق أي أذية بأي من الأسرى الـ 25 الباقين لدى هذين التنظيمين.

وسيعقد الشيخ الغالي، الذي كان مكلفاً بالمهمة، مع الشيخ عدنان امامة، مؤتمراً صحافياً اليوم يعرض فيه تفاصيل ما حدث معه، ومحدداً موقفه من الحادثة والمهمة.
وليل أمس، قال الشيخ الغالي لـ “اللواء” عقب خروجه من ثكنة أبلح في البقاع حيث استمع الجيش اللبناني الى إفادته برفقة الشيخ أمامة: “لقد تم تكليفنا رسمياً من قبل وزير الداخلية نهاد المشنوق والأمن العام بالتواصل مع الخاطفين والحصول منهم على تعهد بعدم قتل أي عسكري أو التهديد به، مقابل إطلاق النساء، وهذا هو هدف التوجه إلى الجرود، ووصلنا إلى عرسال بمواكبة أمنية رسمية من الأمن العام، لكننا لم نتمكن من إكمال المهمة التي ذهبنا لأجلها بسبب ما جرى على حاجز الجيش في الجرود”.

وكانت قيادة الجيش اللبناني أعلنت أن “قوى الجيش في منطقة عرسال أوقفت عند الساعة 12,15 من ظهر أمس، سيارة نوع جيب نيسان أرمادا بداخلها خمسة أشخاص، بينهم مطلوبان من التابعية السورية، كانوا في طريقهم جميعاً الى جرود المنطقة”، لافتة إلى أنه “ضُبط بحوزة أحدهم حزام ناسف، بالإضافة الى قنبلتين يدويتين وثلاث بنادق حربية وأربع مسدسات وكمية من الذخائر العائدة لها وجهاز اتصال، عثر عليها جميعاً داخل السيارة المذكورة”.

وعملت قوى الجيش على تفجير الحزام الناسف في البقعة المذكورة، فيما تم تسليم الموقوفين مع المضبوطات الى المرجع المختص لإجراء اللازم.

وجاءت مهمة الشيخ الغالي وفي ضوء ما كان طلبه أحد الوزراء البارزين في خلية الأزمة الوزارية لمتابعة قضية المخطوفين العسكريين، حيث قال لأعضاء الهيئة خلال لقائه بهم: “هاتوا تعهداً من الخاطفين بوقف القتل والتهديد به، وخذوا تكليفاً رسمياً من الدولة بتولي المفاوضات في هذا الملف”.

ونفت مصادر مطلعة في “هيئة العلماء المسلمين” لـ”اللواء”، أن “يكون الشيخ الغالي قد أوقف من قبل الجيش اللبناني”، مشيرة إلى “أن ما جرى لا يعدو أمراً روتينياً في مثل هكذا ظروف”، مؤكدة أن “الهيئة هي التي كلفته بالتواصل مع الخاطفين بهدف الحصول على التعهد بعدم إيذاء العسكريين الأسرى لديهم”.

وعن سبب توقيف الجيش موكب الشيخ الغالي، قالت المصادر: “ربما لم يكن هناك تنسيق بين الأجهزة الأمنية”، مشيرة إلى أن السلاح الذي كان بحوزة مرافقي الشيخ الغالي هو سلاح مرخص، ولم يكن هو السبب في الإشكال، إذ لا يعقل أن يخرج في هكذا مهمة خطرة من دون مرافقة مسلحة، لكن تبين ان أحد العناصر الذي استقل السيارة معهم، كان يخفي تحت ملابسه حزاماً ناسفاً، وهو خرق أمني كبير أدى إلى نسف المهمة من أساسها وتعثرها وحال دون تكللها بالنجاح”.

وذكرت معلومات صحفية أن “جبهة النصرة” فوّضت الشيخ وسام المصري كوسيط جديد للمفاوضات في قضية العسكريين الرهائن لديها”، لكن هذا الخبر لم تتأكد صحته من أي مصدر آخر، علماً أن الشيخ المصري هو من الشمال، وينتهج الفكر السلفي.
وشددت “جبهة النصرة” على تمسكها بشروطها المتعلقة بالملف وهي “إطلاق المعتقلات لدى الدولة اللبنانية وحماية المدنيين داخل عرسال وحولها”.

ولاحقا تداول عدد من القريبين من “جبهة النصرة” بيانا اعلنت فيه الجبهة انها “حقنا للدماء وإكراما للشيخ المصري، تعطي العهد على وقف إعدام أي عسكري، على أن تقوم الدولة اللبنانية بوقف إطلاق النار في عرسال وجرودها، ووقف اعتقال أي امرأة وإطلاق اللواتي اعتقلن مؤخرا، وخصوصا سجى الدليمي وعلا العقيلي، وذلك تسهيلا لعملية التفاوض”.?

واعتبرت الجبهة ان “القيام بأي من هذه الافعال يعتبر نقضا للعهد، وبالتالي فإنها تعتبر نفسها بحل منه”، بحسب بيان النصرة.

وأفادت “الوكالة الوطنية للاعلام” الرسمية، قرابة الحادية عشرة والربع ليلاً، ان اشتباكات تدور بين الجيش اللبناني ومسلحين في جرود رأس بعلبك، وأن آليات تابعة للفوج المجوقل تتجه إلى المنطقة.

ومع هذه التطورات، يضاف إليها ما حدث مع الممثل العوني في أسبوع الشهيد علي البزال في وسط بيروت النائب ناجي غاريوس، الذي قوبلت كلمته بموقف سلبي من الأهالي، فأنزل من على المنصة ثم عاد إليها ليدافع عن موقف التكتل، استبعدت مصادر وزارية حدوث تكليف رسمي لهيئة العلماء بسبب غياب التوافق على هذا الأمر داخل الحكومة.
ولم تستبعد المصادر أن تعقد خلية الأزمة اجتماعاً لها لتقييم ما حدث واتخاذ الموقف اللازم منه، مشيرة الى أن مساعي الهيئة مرحب بها، وأن هذا الموقف سيبلغه الرئيس سلام للهيئة عندما يلتقيها.

وحول ما تردد عن استقالة الوزير جبران باسيل من الحكومة، أكدت المصادر الوزارية لـ “اللواء” أن الوزير المذكور لم يشارك سوى في اجتماع واحد أو اثنين للخلية، ثم طلب إعفاءه من حضور الاجتماعات “لئلا يحرج الآخرين بمواقف يمكن أن لا يوافقوا عليها”.

وعلمت “اللواء” أن مجلس الوزراء سيناقش الخميس في جدول أعماله 72 بنداً تغيب عنه ملفات النفايات الصلبة والخليوي والفيول أويل، في حين أن بند الترخيص لـ 7 كليات مدرج على الجدول بالإضافة الى 17 بنداً ذات طابع مالي.

ونفى مصدر حكومي أن يكون وارداً توقيع بروتوكولات هبة الثلاثة مليارات دولار المقدمة من المملكة العربية السعودية لتأمين السلاح للجيش اللبناني من فرنسا، في بيروت، مشيراً الى أن اللمسات الأخيرة لتوقيع بروتوكولات هذه الهبة، قد وضعت في الاجتماعات التي عقدت برئاسة الرئيس سلام أثناء وجوده في باريس، في حضور وزير الدفاع سمير مقبل وكبار ضباط الجيش مع وزير الدفاع الفرنس ايف لودريان الذي وقع السبت الاتفاق على ملف تسليح الجيش اللبناني، وتسلم الجانب اللبناني نسخة منه ليتم اليوم الاثنين اطلاع قائد الجيش العماد جان قهوجي عليه، ومن ثم سيرسل إلى المملكة العربية السعودية للموافقة النهائية عليه، واعادته إلى الجهات المختصة في مهلة أقصاها شهر، ليتسنى للجانب الفرنسي البدء بتسليم الجيش اللبناني الأسلحة المطلوبة.

وشدّد المصدر على أن زيارة الرئيس سلام للعاصمة الفرنسية ذللت كل الإشكالات المتعلقة بصفقه السلاح الفرنسي.

جعجع في السعودية

وعلى صعيد التحركات السياسية، توجه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى الرياض أمس، في زيارة رسمية للمملكة العربية السعودية، ولقاء عدد من المسؤولين السعوديين، وهذه هي الزيارة الثانية للسعودية في غضون أقل من شهرين.
وتكتسب هذه الزيارة اهميتها عشية الحركة التي يقوم بها المبعوث الفرنسي جان فرنسوا جيرو المتعلقة برئاسة الجمهورية، والحوار الذي وضع على الطاولة بين تيّار “المستقبل” وحزب الله، والحراك الجاري على الساحة المسيحية للتفاهم على مرشح أو اثنين، والذي ترعاه بكركي وينشط وسطاء منها في جمع النائب ميشال عون مع جعجع.
وأكد مصدر قواتي أن اللقاء بين جعجع وعون بات قاب قوسين أو أدنى، وفور عودة جعجع من السعودية، مشيراً الى ان المساعي تتركز حالياً على نقاط البحث بين الرجلين، في ضوء الشروط المطروحة من قبل الطرفين.

وتأتي زيارة جعجع أيضاً في ظل البحث عن بدائل وطرح أسماء جديدة، غير تلك المعروفة في جعبة الوسطاء الدوليين.

واستبعد مصدر نيابي أن تكون للزيارة صلة بالمواقف التي اعلنها الرئيس أمين الجميل في الجنوب، والتي عكست تقارباً مع الفريق الشيعي “امل” و”حزب الله” وتكريساً للعلاقة مع الحزب التقدمي الاشتراكي.

خطة حكومية لتمويل النازحين
ومن جهة ثانية، يرعى الرئيس سلام في الرابعة والنصف من عصر اليوم الاثنين احتفالاً في السراي الكبير، في حضور نائب الامين العام للأمم المتحدة يان الياسون الذي يصل اليوم إلى بيروت، لاطلاق الخطة الحكومية لتأمين نحو مليارين ومائة مليون دولار من الدول المانحة لدعم استقرار لبنان، والإتفاق على الشؤون الإنسانية.
وأوضح وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ?”اللواء” أن 37 في المائة من هذا المبلغ سينفق على البنى التي تدعم الاستقرار اللبناني، فيما يصرف الباقي، أي 63 بالمائة على نحو مليون نسمة في لبنان، من العائلات الأكثر بؤساً، نصفهم من اللبنانيين، والنصف الآخر من السوريين المقيمين فيه.
وأشار إلى أن هذه الخطة سبق أن وضعتها وزارات عدّة من بينها وزارات الشؤون والتربية والصحة والكهرباء وغيرها، بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية UNDP ومفوضية اللاجئين باشراف روث ماونتن.
وكشف درباس، الذي عاد من جنيف الخميس الماضي، بأن التحرّك الحكومي الفوري الذي حصل في أعقاب توقف برنامج الغذاء العالمي التابع لمفوضية اللاجئين عن توفير البطاقة التموينية الشهرية لنحو 950 ألف لاجئ، نجح في توفير الدعم المالي من المملكة العربية السعودية لتغطية نفقات التموين الغذائي للاجئين السوريين.
وعن مؤتمر جنيف، أعلن درباس أن المؤتمر أكّد التمسك بوجود المسيحيين والحرص على بقائهم كفسيفساء رئيسية لاستمرارية مجتمعاتنا العربية، كما وافق على استضافة نحو 130 الف سوري في دولة ثالثة غير دول الجوار السوري.

ريفي في موسكو

وعلى صعيد آخر، علمت “اللواء” أن وزير العدل اللواء اشرف ريفي، وصل فجر أمس إلى موسكو لتوقيع اتفاقيتين مع نظيره وزير العدل الروسي تتعلق الأولى باسترداد المطلوبين والمجرمين والثانية حول نقل المحكوم عليهم، وسيوقع أيضاً مع اللجنة الروسية لمكافحة المخدرات، اتفاقية ثالثة لمكافحة الاتجار بالمخدرات.

وأوضح الوزير ريفي أن هذه الاتفاقيات جاءت ثمرة العلاقات الأمنية التي كان أوّل من أرساها مع موسكو عندما كان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، ثم عززها اللواء الشهيد وسام الحسن مع عدد من المسؤولين الأمنيين الروس، عندما كان رئيساً لشعبة المعلومات في المديرية.

السابق
العسكريون المخطوفون.. اقصاء هيئة العلماء من الوساطة
التالي
هيئة العلماء المسلمين: تصرفات مخابرات الجيش تعرقل مسار المفاوضات