الحالة الإسلامية بين الترهيب والتصويب (1)

ينشر موقع جنوبية على حلقتين مقالاً طويلاً للأستاذ حسان قطب، مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات حول الحالة الإسلامية في العالم العربي وترواحها بين الترهيب والتصويب. وهنا الحلقة الأولى.

بدات الثورات العربية او ما اصطلح على تسميته بالربيع العربي، منذ اكثر من ثلاث سنوات، بدأت كحالة شعبية رافضة لهيمنة حكم وسلطة العسكر او الأقليات على السلطة، او تحول الجمهوريات الديكتاتورية إلى ممالك أو مزارع يتوارث سلطتها الأبناء بعد الآباء. او أن تكون الإدارة في هذه الدول خاضعة بالكامل للعائلة وحاشيتها ومن يدور في فلكها. بذلت تضحيات وقدمت دماء وخسائر بشرية ومادية لأن العسكر او جيوش هذه الدول دافعت عن قادتها بشراسة ولا تزال، فالقيادات العسكرية اعتادت وعلى مدى اكثر من نصف قرن، بان تكون إما حاكمة، او مدافعة عن الحاكم مهما كان ظالماً، وبالتالي فإن قضايا الشعوب وهمومها ومتاعبها ومشاكلها تاتي في اسفل سلم الأولويات إن لم تكن في حالة تجميد او جمود دائم.. مع بداية تهاوي هذ الأنظمة الحاكمة بدأ الصراع على السلطة في المنطقة العربية، وفي كافة الدول المنتفضة، وتحسست تلك الدول التي لم تنشب فيها ثورات بعد، مكامن الخلل في تركيبتها السكانية او انظمتها الاقتصادية وغيرها من المشاكل الأمنية او الحريات العامة، وحاولت او لا تزال تحاول ضبط امورها بما لا يقودها أن تصل إلى حالٍ مماثلة، لا حرصا على مصالح الشعب بل حفاظاً على كرسي السلطة؟ وعندما نقول ضبط امورها فهذا يعني انها تستعمل كافة ما يتاح لها من استخدامٍ للقوة او السلطة الإعلامية والامكانات المادية والبشرية. مع ما تتسبب به هذه السياسات من خسائر بشرية ومادية ومظالم تقع على عاتق الشعب الذي تحمل الكثير وما زال عليه ان يتحمل اكثر. مع شراسة الحملة وعنف الأساليب والسلوك.

الصراع على السلطة ضمن الدول المنتفضة شعوبها أبرز بشكل واضح حجم الحضور الإسلامي المنظم وحتى غير المنظم، ولكن كان جلياً ان الحالة الإسلامية هي الرقم واحد على الساحة السياسية، كبديل موضوعي للحكام المخلوعين..مع غياب دور اليسار والأحزاب القومية وغيرها من القوى السياسية التاريخية. حتى ان الظواهر والمظاهر العلمانية كان حضورها الشعبي خجولاً. وبالتالي كانت هذه القوى شبه غائبة عن حلبة الصراع على السلطة. فكان ان تم استحضار الجيش من جديد إلى ميدان الصراع. ولو بشكلٍ مدني او حتى تحت عباءة الرغبة الشعبية الجامحة كما حاول البعض ان يوهم العالم العربي وحتى الغربي. مثلاً في مصر وقع انقلاب عسكري تم التحضير له بعناية شعبياً وسياسياً من خلال المثلث الغائب اليوم عن الواجهة السياسية والإعلامية، بعد ان انهى دوره على خشبة المسرح السياسي (محمد البرادعي، حمدين صباحي، وعمرو موسى). وتولى جنرال جديد السلطة ولكن ببذلة مدنية. وحتى الانتخابات التي أدت في نتائجها إلى بلوغ الرئيس محمد مرسي السلطة لم يواجهه خلالها رجل سياسي او شخصية وطنية مدنية وإنما جنرال سابق هو احمد شفيق.. وفي ليبيا جاء الجنرال حفتر، من لا مكان، فجاة هبط على المسرح السياسي والعسكري واستعمل عبارات ومصطلحات سبق ان استعملها السيسي في مصر بالتنسيق او بالتناغم.ولكن الهدف واحد إزاحة الإسلاميين عن السلطة او حتى محاولة الوصول إلى السلطة. وبسبب غياب احزاب او قوى او مجموعات قادرة سياسياً وشعبياً على منافستهم تم استحضار العسكر ومصطلحات الإرهاب والتكفير والفوضى والوضع الانساني والاقتصادي المتردي وغيرها، برعاية إعلامية وسياسية ومادية عربية ودولية أيضاً.. وهنا نستحضر ما قاله الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني عن أن القمة الخليجية الـ35 التي تستضيفها الدوحة ستكون «بناءة وإنجازاتها مهمة في مسيرة العمل الخليجي»، مشيراً إلى أن أبرز الملفات التي ستناقشها «ما تعيشه المنطقة من تحديات وتصاعد خطر التنظيمات الإرهابية المتطرفة».

وقال الزياني في حديث، نقلته وكالة الأنباء القطرية، إن قادة الخليج سيبحثون في «الظروف الحالية التي تشهدها المنطقة، بخاصة الأعمال الإرهابية التي تؤثر بعمق في أمن المنطقة والأمن الإقليمي، وغياب موقف عربي تضامني، وحال عدم الاستقرار وانعدام الأمن في بعض الدول الإقليمية ، وتفاقم المعاناة الإنسانية للاجئين والمهجرين والمشردين في عدد من الدول العربية، وتزايد التدخلات الإقليمية في الشؤون العربية»، مؤكداً أن هذه المستجدات «تفرض على دول المجلس تدارس تداعياتها وتأثيراتها في الأمن والاستقرار في دول المجلس، وعلى الأمن والسلم الإقليمي والدولي».  وشدد على أن الدول الخليجية تركز «جهودها على التصدي لظاهرة الإرهاب، اعتماداً على ثوابت أساسية، من أهمها أن الإرهاب لا دين ولا وطن له، وأنه عمل دخيل على المبادئ الإسلامية والتربة الخليجية، فضلاً عن إعمال الحكمة والتروي في التعامل معه، باعتبار ذلك الوسيلة الأنسب للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، وهذا يقتضي، ألا يقتصر الأمر على الحل الأمني فقط، بل تكون الحرب على الإرهاب، متعددة الجوانب، لقناعة دول المجلس، بأن الإرهاب لا يمكن تبريره بأي ظرف أو باعث أو غاية، وبالتالي يجب مكافحته بجميع أشكاله ومظاهره والتصدي لكل من يدعمه أو يموله أو يبرره».

السابق
مؤتمر دولي في مراكش ل”مواجهة الإرهابيين الأجانب”
التالي
مخابرات الجيش أوقفت رقيبا في قوى الأمن متهما بتهريب سوريين ومطلوبين