ماذا عن تباين بري وجنبلاط في قضية العسكريين المختطفين؟

الذين زاروا رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس خرجوا باستنتاجات جوهرها انه ليس في حال التطابق التام مع توجهات رئيس “اللقاء الديموقراطي” لمعالجة جديدة لملف العسكريين المختطفين في جرود عرسال، لا سيما في موضوعي المقايضة غير المشروطة مع الخاطفين وتكليف رسمي لوسيط جديد في الملف، عوض الوسيط القطري الذي انسحب في نهاية الاسبوع الماضي، وهذا ما يتباين الى حد ما مع مضامين الكلام الذي ادلى به زعيم المختارة امام اهالي العسكريين المختطفين لدى زيارته المفاجئة واللافتة لمخيم اعتصامهم مساء الثلثاء الماضي.

الرئيس بري لم يشا الذهاب بعيدا في توضيح الكلام عن الموضوع انطلاقا من رغبته المعروفة في الحفاظ على علاقته التفاهمية العميقة مع رئيس الحزب التقدمي، وهي العلاقة المبنية اصلا على قواعد قديمة ومصالح استراتيجية، لكن “اعتراض” بري على ما بدا انه محاولة لاخذه الى مواقف معينة تتعارض ضمنا مع توجهاته المعروفة حيال قضية بالغة الحساسية والتعقيد، اوحى لدوائر معنية في قوى 8 اذار بأن هذا الامر هو بمثابة خط اعتراض اولي من جانب هذا الفريق على مسلك معين يمكن ان تاخذه قضية العسكريين المختطفين والصراع الحاد مع القوى الارهابية التكفيرية التي اختطفتهم منذ 2 اب الماضي وتحتفظ بهم في ظروف بالغة السوء في جرود موحشة وباردة وتعمل عبرهم على التهديد بذبحهم بقرار الحرب والسلم في الداخل اللبناني.

لا ريب في ان حدود اعتراض هذا الفريق لا يتوقف فحسب عند توجهات تروج لها جهات معينة في الحكومة، وفي مقدمها النائب جنبلاط وتسعى الى تكريسها رسميا ومنها تكليف “هيئة العلماء المسلمين” الاضطلاع بدور الوسيط بعد الفراغ الذي احدثه الانسحاب المفاجىء للوسيط القطري بل يتخطاه الى قضايا وعناوين اخرى متصلة ابرزها:

-الكلام الذي يتم الترويج له اخيرا عن تعذيب يمارس في حق المعتقلين الاسلاميين والمشتبه بعلاقتهم بالجهات الارهابية في السجون اللبنانية. اذ ان هذا الكلام يتنافى تماما مع وقائع معروفة منذ زمن بعيد وتتداوله وسائل الاعلام في شكل شبه يومي ومنها ان بعض هؤلاء المعتقلين يتمتعون باقامة مميزة ومريحة في سجن رومية الى درجة الحديث عن امساكهم زمام الامر قي اقسام معينة من هذا السجن.

-الكلام الصادر اخيرا وبكثافة عن جهات معينة عن حصار مفروض على بلدة عرسال البقاعية، خصوصا ان هذا الكلام يتكرر في محطات ومناسبات معينة وحساسة وهو ينعكس سلبا على الاجراءات والتدابير الميدانية التي يتخذها الجيش لاستكمال حلقات الحصار على المسلحين الخاطفين للعسكريين في جرود عرسال وقطع كل خطوط الامداد والدعم عنهم.

وبناء على كل ذلك، يبدو جليا ان البحث مجددا في الخطوات والخيارات التي ستاخذها الدولة قريبا لمعاجة قضية العسكريين المختطفين بعد دخولها فصلا جديدا اثر انسحاب الوسيط القطري واثر اعدام “جبهة النصرة” الدركي على البزال، سيشهد لدى العودة المرتقبة الى مناقشته في خلية الازمة في الاسبوع المقبل مزيدا من التباينات ويحتاج الى جهود مضاعفة بغية رسم خريطة طريق لبنانية مختلفة لمعالجة ملف هذه القضية المعقدة وتلافي تداعياتها المتدحرجة.

السابق
شاركت في مسابقة جمال ولم يكتشفوا أنها رجل! 
التالي
البرلمان الايرلندي يصوت لصالح الاعتراف بدولة فلسطين