أميركا تحاكم بيل كوسبي:المغتصب 

بالنسبة لبيل كوسبي، فالموقف أشبه بحالة سقوط «بطل تراجيدي» أكثر منه لكوميدي أضحك أجيالاً في أميركا والعالم. ما يعيشه الممثل السبعيني اليوم، هو أفول نجمه بشكل قاس. فحين تخرج المسألة إلى مواقع الإنترنت وفضائيات الأخبار وحمّى السوشل ميديا، وحين تتعلق القضية بالتحرش الجنسي والاغتصاب، لن تحتفظ ذاكرة جمهوره بالكثير من الذكريات الجميلة عنه، بل سيسيطر عليها تقلب المشاعر والسخرية وعدم التسامح أو القدرة على إيجاد المبررات.

خلال خمسة عقود، كان بيل كوسبي أحد الوجوه البارزة في الكوميديا الأميركية، وحقق نجاحات كبيرة ومبهرة، لا سيما عبر مسلسلَيه «ذي كوسبي شو» (بين 1984 و1992) ثم في «كوسبي» (1996 حتى 2000). ظهر في دور الأب الظريف وربّ الأسرة الذي يتمتع بحسّ نكتة عال وذكاء كبير يعالج من خلالهما المواقف التي يمرّ بها مع أسرته. تميّز بتقديمه كوميديا اجتماعية لاقت قبولاً واسعاً وقدّمت صورة مثيرة للاهتمام لعائلة من السود، أفرادها أشخاص طبيعيون من الطبقة الوسطى، في مواجهة بروباغندا تؤطّر السود ضمن قوالب فكرية وسلوكية معينة. هذا كله يكاد أن يصبح طيّ النسيان مع الفضيحة التي هزّت كوسبي وسيرته المهنية كلها.
بدأت القصة عبر نكتة ألقاها الكوميدي الأميركي الشاب هانيبال بوريس في فيلادلفيا قبل شهرين، خلال عرض ستاند أب كوميدي. تعرض بوريس لكوسبي وقال إنه ناجح لكنه «مغتصب للنساء». صوّر أحدهم هذه النكتة ونشرها على الانترنت، لتعيد إلى الأذهان ما تردّد عن اتهام جيمي سافيل لكوسبي العام 1987، عن تورّط هذا الأخير في اعتداءات جنسية. لكن من كان ليستمع إلى سافيل، المذيع البريطاني الشهير، وهو الغارق في شبهات التحرش والاعتداء الجنسي، والتي تبيّنت صحّتها بعد وفاته، ما تسبّب بفضيحة كبيرة لـ»بي بي سي» ما زال جرحاً لا يبدو أنّه سيندمل قريباً.
طوال عقود، ساد تجاهل إعلامي واضح لكل ما قيل عن تورط كوسبي في الاعتداء على عارضات وممثلات. فالرجل يحظى بنفوذ كبير في الوسط الإعلامي الذي كان لا يزال مستفيداً من صورة النجم. لكن وبعد انتشار فيديو النكتة إياه، قام كوسبي بخطأ (قاتل) حين طلب من متابعيه على «تويتر» أن ينشروا صوراً له مع نكات أو تعابير له، فإذا به يفاجأ أن معظم ما نُشر كان يسخر منه كمتحرش ومغتصب. ثم بدأت حملة إعلاميّة واسعة، تتصدرها «سي أن أن» لـ«نبش» ماضي كوسبي والبحث عن ضحاياه، فإذا بـ 21 امرأة، حتى الآن، يعلنّ تعرّضهن لاعتداء جنسي من قبل كوسبي.

أصبحت قضية كوسبي من الأكثر مشاهدة ومشاركة خصوصاً على «تويتر» و»ريدت» في الأسابيع الماضية. وركّزت «سي أن أن» اهتمامها على «تجريم» كوسبي والبحث عن أسباب عدم استماع الإعلام الأميركي للضحايا خلال السنوات الماضية، مع أنها هي ذاتها من أبرز القنوات الإعلامية التي تجاهلت الأمر.
من جهته، لم يصدر تعليق مباشر من الممثل، لكن صوره التي نُشرت إبان تصاعد الفضيحة، تظهر حجم الصدمة التي يمر فيها، خصوصاً مع إلغاء «أن بي سي» اتفاقها معه على تقديم مسلسل جديد، وتأجيل «نتفليكس» ـ إلى أجل غير مسمى ـ عرض برنامج كوميدي خاص «بيل كوسبي «77 (في إشارة إلى عمره). بالإضافة إلى إلغاء عرض كان مبيعاً بالكامل في فلوريدا، وانسحابه من الكادر الشرفي لجامعة «تمبل». لكن مع هذا، لعلّ أسوأ ما تعرض له كوسبي هو تشويه نجمته على رصيف المشاهير في هوليوود، حيث كتب عليها أحدهم: «مغتصب».

السابق
أضواء الميلاد تنير نهر ميديللين
التالي
«لميس» أشهر نجمة في الشرق الأوسط!