200 يوم للبنان بلا رئيس للدولة لا تفويض رسمياً لـ «هيئة علماء المسلمين»

كتبت “النهار” تقول : إرباك على كل المستويات السياسية والقضائية والامنية، وتداخل في المهمات والصلاحيات، وكثرة رؤوس في التفاوض مع الخاطفين، عوامل تصب كلها في مصلحة اعداء لبنان، وخصوصاً الارهابيين التكفيريين الذين يتحكمون بمفاصل الحياة اليومية للبنانيين، وبشرايين الحركة في العاصمة وعدد من المناطق. وقد جسدت هذا الارباك أمس التسريبات المتناقضة في ترويج خبر افراج القضاء العسكري عن سجى الدليمي وعلا العقيلي وتسليمهما الى الأمن العام، ثم نقل نفي للخبر من رئيس المحكمة العسكرية العميد خليل ابرهيم، وايضا الزيارات التي قامت بها “هيئة علماء المسلمين” لعدد كبير من المسؤولين لعدم توافر مرجع واحد مكلف ابداء الرأي، او المضي في خطة واضحة للتفاوض لاطلاق العسكريين المخطوفين اذا أمكن ذلك. كذلك برز التباين في المواقف التي ستترجم خلافاً داخل مجلس الوزراء، ففي حين أعلن النائب وليد جنبلاط انه يوافق على ما نصت عليه مبادرة الهيئة لاطلاق الموقوفتين سجى الدليمي وعلا العقيلي، وانه مع المقايضة من دون قيد او شرط وأنه يؤيد تكليف “هيئه علماء المسلمين” التفاوض مع الخاطفين من أجل المقايضة، اعتبر عضو “تكتل التغيير والاصلاح” النائب فريد الخازن “ان “الهيئة” قامت بأكبر فضيحة في تاريخ المفاوضات مع طرف ثالث، حيث فاوضت في معركة عرسال من أجل خروج المسلحين من البلدة، لكنها انتهت بخروج الارهابيين ومعهم العسكريون المخطوفون”. وأكد الخازن “ان “التيار الوطني الحرّ” يرفض هذه “المزحة” التي تشكّل إهانة لأرواح شهداء الجيش وأهالي العسكريين المخطوفين الذين يتعرضون للابتزاز من المجموعات الخاطفة”.

وفي مقابل تأكيد رئيس الهيئة الشيخ سالم الرافعي بعد لقائه وزير الداخلية نهاد المشنوق انه “اذا لم تفوضنا الدولة فلن نقوم بأي وساطة”، وقول عضو “الهيئة” الشيخ عدنان أمامة إن “لا اتصالات مع الخاطفين قبل نيل هذا التفويض، حتى ان الخاطفين يتهموننا بالتخاذل وبالانحياز وأننا نبيعهم كلاماً فارغاً للتغطية على مواقف الحكومة”، اوضحت مصادر ان اللواء عباس ابرهيم اشترط ألا تكون المفاوضات تحت الذبح، وان يقدم الخاطفون تعهداً خطياً موقعاً ومختوماً من اميري “النصرة” و”داعش” في القلمون لعدم قتل أي عسكري ما دامت المفاوضات قائمة حتى لو تأخرت.

من جهة أخرى، تحدث مصدر متابع للملف الى “النهار” عن “استحالة صدور تكليف رسمي من الحكومة”، وقال: “ان كل ما يمكن ان تقدمه الدولة هو ما عبّر عنه أمس المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم من استعداد للتعاون وحصر هذا التعاون بجهة او جهات مكلفة ومحددة، وهو التعاون الذي كان قائماً في مرات سابقة”. وأضاف ان “التعاون مع الهيئة سيتحقق حتماً لأن لا منافذ أخرى للتفاوض بعد انسحاب الموفد القطري الذي كانت له حساباته الخاصة”. ونقل عن الرئيس نبيه بري لدى سؤاله عن خلية الأزمة المكلفة العسكريين المخطوفين، قوله إن “المخرج يكون في إبعاد المدنيين عن ملف المخطوفين”.

مجلس الوزراء
وعلمت “النهار” ان رئيس الوزراء تمّام سلام أجرى اتصالات استمرت الى ما بعد ظهر امس لاستكشاف إمكان عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء، لكنه وجد أن الامر لن يؤدي الى النتيجة المطلوبة في ما يتعلق بقضية العسكريين المخطوفين لوجود تباينات بين مكونات الحكومة. ففي حين ترفض غالبية القوى الممثلة في الحكومة إعطاء “هيئة علماء المسلمين” تفويضاً، تدعو أقلية وزارية الى منح الهيئة هذا التفويض. ولاحظت مصادر وزارية ان تحركات الهيئة أمس اتسمت بطابع طائفي، علماً ان المخطوفين ينتمون الى كل الطوائف. كما ان الهيئة نالت تأييداً من واحدة من الجهتين الخاطفتين فقط. ووصفت الانباء عن إطلاق موقوفتين بأنها كانت بمثابة بالون اختبار انتهى الى ردود فعل سلبية.

رئاسة الجمهورية
وبين هذا المشهد الداخلي المعقد، ومشهد المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي، يحل اليوم الـ 200 للشغور في موقع رئاسة الجمهورية، ولا يتنبه كثيرون الى موعد الجلسة الـ 16 المقررة اليوم لانتخاب رئيس. جلسة لن تختلف عن سابقاتها من حيث عدم توافر النصاب في ظل مقاطعة “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”. وتعقَد هذه الجلسة في ظلّ حراك دولي يتجسد في وجود مدير شؤون الشرق الأدنى وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو في بيروت ولقائه السياسيين وحضهم على الاسراع في انتخاب رئيس. لكن مصادر سياسية أبلغت “النهار” بأن الموفد الفرنسي لا يحمل مبادرة واضحة في هذا الشأن، وانه يستطلع الآراء، كما فعل قبله نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف. وكان الموفد الفرنسي جيرو أطلع الرئيس نبيه بري على تفاصيل جولته التي قام بها من السعودية الى إيران وصولا الى الفاتيكان، وهو لا يحمل مبادرة في ملف الاستحقاق. وركز جيرو على الاستعجال في انتخاب رئيس، وسيزور “الدول المؤثرة” سعياً الى تحقيق الهدف.

ورحب جيرو بالحوار المنتظر بين “حزب الله” و”تيار المستقبل”، واعتبر ان هذا الحوار يساعد في السعي الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

وفي هذا السياق، استرعى الانتباه تصريح العماد ميشال عون بعد الاجتماع الأسبوعي لـ”تكتّل التغيير والإصلاح”، والذي أعلن فيه أنّ “المشكلة لدينا ليست انتخاب شخص لرئاسة الجمهورية بل بقاء الجمهورية”، معرباً عن ترحيبه بالتفاوض لمصلحة الجمهورية، وبرئيس حزب “القوات” سمير جعجع إن رغب في زيارة الرابية.

في غضون ذلك، علمت “النهار” ان الرئيس أمين الجميّل سيزور اليوم بكركي للقاء البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والتشاور معه في التطورات. كما علمت “النهار” ان البطريرك الراعي سيحاول عبر الاتصالات بالزعماء الموارنة الاربعة: الجميّل والعماد ميشال عون وسمير جعجع والنائب سليمان فرنجيه معرفة إمكان عقد قمة مارونية تتصل بالاستحقاق الرئاسي، لكن أمر هذه القمة غير مقرر بعد.

المحكمة
وفي لاهاي، حفل اليوم الثاني من المرحلة الثانية الذي خصصته المحكمة الخاصة بلبنان لاستجواب النائب مروان حماده بجملة محطات لافتة أبرزها قرار هيئة المحكمة قبول طلب مكتب المدعي العام غرايم كاميرون استدعاء رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط لاستجوابه بصفته شاهداً في القضية نفسها، ثم قبول الطلب عينه لاستدعاء الصحافي علي حماده بالصفة عينها للإدلاء بما يملك من معلومات عن تبادل رسائل شفهية حصل بين الرئيس رفيق الحريري والرئيس السوري بشار الاسد. وكذلك موضوع تغيير النائب حماده رقم هاتفه القديم بعد محاولة الاغتيال في الأول من تشرين الأول 2004، والفترة الزمنية الفاصلة بين توقيفه الرقم القديم وتسجيل الرقم باسم شخص جديد، للقول إن داتا الاتصالات التي لم تكشف الشخص أو الجهة التي استخدمت رقم هاتف حماده القديم يمكن ضرب صدقيتها في موضوع كشف شبكات التخابر والأرقام الخليوية.

السابق
الرافعي من رياض الصلح: نتواصل مع أبو علي الشيشاني
التالي
بالفيديو.. هكذا عدّلت «النصرة» صورة إعدام البزال