تعويذة فرنسية للانتخابات الرئاسية تقلّل حظوظ قائد الجيش

في بيروت، حركة سفراء ومبعوثين ديبلوماسيين يتمّ العمل على استثمارها، علّها تفتح الطريق أمام تسوية الانتخابات الرئاسية اللبنانية المعلّقة منذ مايو/أيار الماضي. باتت العاصمة بيروت محطة زياراتٍ غربية وشرقية، من فرنسا وروسيا، وفي اليومين المقبلين من الولايات المتحدة، تؤكد أجواؤها على وجوب فصل الملف الرئاسي عن كل ما يجري وراء الحدود اللبنانية.

بعد شغور مستمر منذ 200 يوم، وصل نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، وتحدث إلى المسؤولين في لبنان عن ضرورة التوصل إلى مرشح توافقي للرئاسة. ينسف الموقف الروسي تعنّت فريق 8 آذار (حلفاء النظام السوري)، وتمسّكه باسم رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، كمرشح رئاسي، إذ عطّل هذا الفريق جلسات انتخاب الرئيس منذ منتصف مايو/أيار، عبر مقاطعة كلٍّ من تكتل عون وكتلة الوفاء للمقاومة (حزب الله) ونواب حزبَي البعث والقومي. رسم بوغدانوف الخطوط العريضة للانتخابات الرئاسية، فأكد ضرورة حصول توافق لبناني من دون الدخول في أي تفاصيل أو أسماء أو أحجام تمثيل في المجلس النيابي، وعلى المستوى الشعبي المسيحي (باعتبار أنّ موقع رئاسة الجمهورية من حصة المسيحيين) أو الوطني العام.

إلا أنّ مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية، جان فرنسوا جيرو، كان أكثر وضوحاً خلال لقاءاته المسوؤلين اللبنانيين الذين لم يستثنِ منهم أحداً. فبعد تردادِ لازمة “محلية الاستحقاق الرئاسي وطابعه الوفاقي” على مسمَع زعماء لبنان، أكد جيرو بحسب أجواء وزارة الخارجية اللبنانية، على وجوب “احترام الدستور اللبناني والمحافظة على روحه وما تبقى منه في ما يخص موقع الرئاسة”. فأشار إلى أنّ “المجتمع الدولي لا ينظر بإيجابية إلى وصول مرشَّح رئاسي إلى سدة الرئاسة عن طريق التعديلات الدستورية”. ليكون قطع الطريق بشكل علني ونهائي على كل من قائد الجيش، جان قهوجي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، باعتبار أنّ الرجلين في وظيفتين رسميّتين من الدرجة الأولى، ويحظر الدستور اللبناني وصولهما إلى رئاسة الجمهورية، إلا في حال مرور عامين على استقالتهما من موقعيهما.

وتؤكد مصادر في قوى 14 آذار لـ”العربي الجديد” أنّ “جيرو لم يطرح أي اسم خلال جلساته مع المسؤولين فيه”، إذ اكتفى بتحديد شروط أخرى، هي الآتية، في حال نيله ثقة كل المكوّنات السياسية اللبنانية: أولاً، أن يحظى بقبول عربي وإقليمي يمهّد له الطريق للمحافظة على موقع لبنان في المنطقة. ثانياً، أن ينال دعم المجتمع الدولي بما في ذلك من محافظة على المواثيق والمبادئ الدولية. ثالثاً، وفي محصلة النقطتين السابقتين أن يكون قادراً على التواصل مع  كافة المحاور الإقليمية والدولية المتصارعة، وتأمين الساحة المشتركة في ما بينها، “الأمر الذي من شأنه تجنيب لبنان تردّدات أي أزمة في المنطقة”.

قد تكون هذه النقاط الفرنسية معروفة، إلا أنّ أهميّتها تكمن في مصدرها، أي جان فرنسوا جيرو نفسه. يعدّ الأخير مهندس الحكومة الوحدة الوطنية الحالية برئاسة تمام سلام، إذ نسّق من باريس وبيروت الاتصالات بين القوى اللبنانية مطلع فبراير/شباط الماضي، وتمّت العملية بنجاح. واللافت أنّ جيرو ترك العاصمة اللبنانية متوجّهاً إلى إيران، في خطوة استكمالية لنتائج زيارته إلى لبنان. فالرجل يعرف المنطقة جيداً لكونه كان سفير بلاده في سورية، بين 2002 و2006، وثم في العراق حتى عام 2009، أي في عزّ الأزمة والاغتيالات السياسية محلياً والحروب والاجتياحات إقليمياً.

وبينما تعوّل قوى 14 آذار على حركة جيرو وتبدي تأييدها الكامل لطرحه، واضعةً الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل في هذا الإطار، يحافظ فريق 8 آذار على صمته، ربما لكون الجواب قد يأتي مباشرة من المصدر السياسي، أي طهران نفسها.

السابق
الهدف المقبل لـ«داعش».. درعا أم الغوطة؟
التالي
فليتشر زار ميقاتي :الإستحقاق الرئاسي شأن داخلي