حسين الحاج حسن: وزير برجوازي غير مطابق لمواصفات الفقراء

في مقابلة تلفزيونية طلب وزير الصناعة اللبناني حسين الحاج حسن من "المواطن" البحث عن حلول لمشكلة الغذاء الفاسد عبر شراء "الماركات" كبديل عن "الفلت". ويطرح أيضاً على المواطن الدخول إلى المطابخ قبل تناول الأكل في المطاعم! وعلى النسق ذاته يمكننا المتابعة فنقول للمواطن: إشترك في بالكهرباء من المولدات الخاصة ولا تزعج نفسك لأنّ الدولة لا يمكنها تأمين الكهرباء واشترِ مياه الخدمة لأن الدولة غير قادرة على تأمين المياه، ثم مارس الرقابة الذاتية على الأمكنة التي تتواجد فيها لأنّه لا يوجد سلطة أو دولة قادرة على حمايتكَ.

لم أستطع منع نفسي من التساؤل والفضول عن نمط الحياة العائلية لوزير الصناعة اللبناني حسين الحاج حسن، المنتمي إلى “حزب الله”، خصوصاً بعد متابعتي للمقابلة التلفزيونية مع عماد مرمل ضمن برنامج”حديث الساعة”. تعجّبت حين تحدّث معالي الوزير عن حل سحري لقضية فساد المواد الغذائية ناصحاً المواطنين بشراء “الماركات” المطابقة للمواصفات عوضاً عن “الفلت” معللاً طرحه بأن الماركة لها خصوصية فريدة تمتاز بها عن غيرها من المواد الأخرى من النوع نفسه لناحية النوعية والجودة وبيان تواريخ الصلاحية (تاريخ الإنتاج والإنتهاء) وإمكانية الملاحقة والمحاسبة وتحديد المسؤوليات لمنتجي الماركة. وأضاف معاليه قائلاً: أنا أعلم أن المواطن سيدفع أكثر قليلاً مقابل الماركة إلا أنه سيكون بمنأى عن الضرر والتسمم! وختم بقوله: اللبنة التي تباع “فلت” من عبوة كبيرة بيضاء دون ذكر معلومات عن المنتج مخيفة لأنها عرضة للبكتيريا.

يبدو أن الوزير يواظب على شراء المواد الغذائية المعلبة من الماركات الممتازة والأسعار الغالية ويبدو أنه قد أصدر تعليماته إلى زوجته بالتبضع من المحلات التي لا تبيع سوى الماركات الفخمة والعالمية وذلك لضمان الصحة والسلامة له ولعائلته. ولكًم كنا نتمنى لو أن معاليه قد أوضح لنا الفرق بين سعر الماركة الأصلية وسعر المفرق أو “الفلت” الذى دعا المواطنين إلى إستهلاكه! على سبيل المثال لا الحصر، على المواطن أن يشتري وقية اللبنة المعلبة بثلاثة دولارات بدلاً من دولار واحد للوقية الفلت. وتبعاً لنظرية الوزير، يجب على المواطن أن يشتري حاجياته من اللحوم والدواجن من التعاونيات الإستهلاكية الكبرى مثل “سبينس” أو “لوشاركوتيه عون” و”السيتي سنتر”، كي تتطابق مع المعايير الصحية السليمة لكنّه أغفل إن كانت هذه المنتجات تتطابق مع مداخيل العمال والفقراء والمياومين والفئات الكادحة ربما لأنها تتناسب ومدخوله كوزير فلم يكلف نفسه عناء السؤال عن الفرق بين سعر كيلو التفاح في حي السلم/حي الكرامة (ألف ليرة لبنانية) وعن سعره في سبينس (6000 ألاف ليرة لبنانية). وعشرات الأصناف التي لا قدرة للمواطن على تأمينها. حساب بسيط يمكن أن يبين لنا أن إستهلاك الماركة يعني إنخفاض القدرة الشرائية للمواطن بضعفين أو بثلاثة أضعاف في بعض الأحيان مقابل إرتفاع الجودة.

المواطن بين خيارين إما الشبع والتسمم وإما الصحة وعدم الإكتفاء!

الماركة هي الحل. الرجاء من المواطنين الكرام المشحرين المعترين أن يستهلكوا البن من المحامص الراقية والشوكولا ذات المنشأ الأجنبي والكنافة من محال الحلويات الفاخرة.

كل مواطن يخاطر بحياته ويستهتر بسلامة أطفاله اذا ما تجرّأ واشترى حاجياته بأسعار رخيصة من الأسواق الشعبية ، لأن الدولة عاجزة عن إقتفاء أثر المنتوجات السامة ومعالجة الخلل.

اغنياء فقراء

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يقول الوزير الذي يبدو أن النعمة قد أفقدته الإحساس بالفقراء والمعدمين – دون أن ننسى انه من حزب ديني يقدس “الصوم” والصلاة – أن يأكلوا برواتبهم نصف شهر وأن يصوموا النصف الثاني منه أو أن ينفقوا كل مدخراتهم على شراء الماركات. إنه فكر طبقي برجوازي بامتياز! فكر تجلّى علانية منذ فضيحة “عزالدين” المالية.

أما الحزب الذي ينتمي إليه فقد تحول قولاً وفعلاً من تقديم خطاب يناصر المظلومين إلى ترويج أنمطة خطابية مخجلة متمظهرة إما في خطاب طائفي وإما في عقلية مخابراتية وأخيراً خطاب رأسمالي طبقي شرس. منظومة ذات أبعاد ثلاثية (المقدّس والمال والمخابرات).

ما هو المنطق الذي قدمه لنا وزير الزراعة بزلة لسان واعية!؟ إنه منطق اللامنطق واللادولة بوضوح تام. منطق الإستقالة من المسؤولية دون الإستقالة من المنصب. فهو يطلب من المواطن البحث عن حلول لمشكلة الغذاء الفاسد عبر شراء الماركة كبديل عن الفلت. ويطرح أيضاً على المواطن الدخول إلى المطابخ قبل تناول الأكل في المطاعم! وعلى ذات النسق يمكننا المتابعة فنقول للمواطن: إشترك بالكهرباء من المولدات الخاصة ولا تزعج نفسك لأن الدولة لا يمكنها تأمين الكهرباء واشتر مياه الخدمة لأن الدولة غير قادرة على تأمين المياه، ثم مارس الرقابة الذاتية على الأمكنة التي تتواجد فيها، وربما يتحفنا الوزير بالطلب من بعض المواطنين الوقوف على إشارات السير لعدم وجود أعداد كافية من عناصر الأمن!

المفروض أنه نائب عن منطقة بعلبك الهرمل التي تعاني الكثير من الحرمان، وليس أخرها ما آلت إليه حال سكان المنطقة من حرب أشعلها حزبه تحت ذرائع عدة. حبذا لو كلف نفسه القيام بجولة في أيام الشتاء في قرى بعلبك وجوارها ليلمس عن كثب حال أغلبية السكان. عندها سيكون في إمكانه أن يسمع تململ الأهالي من أسعار المحروقات وارتفاع أسعار المواد الغذائية وعدم تمكّنهم من تامين أولوياتهم لكان تراجع عن طرحه. شخصياً – وأنا إبن تلك المنطقة – سمعت صبياً عمره 12 عاماً يقول: “وعدونا حزب الله بالمازوت لنتدفئ وما جابولنا شيء، يمكن نسيونا، بابا عم يقاتل بحمص ونحنا متلجين هون، بطلت بدي صير مقاتل بس إكبر”.

على المقلب الأخر، نجد أن الأستاذ عماد مرمل، مقدم البرنامج، قد تماهى مع طرح الوزير وأيده بسذاجة تامة وأشاد بطرح الحاج حسن السحري وبإمكانية تفتيش المواطن للمطابخ والمطاعم دون أي اعتراض من أحد.

يبدو أن الأمثال الشعبية لا تخلو من حكمة: “على شكلو شكشكلو”!

السابق
إيران أكدت الالتزام بإتفاق جنيف في شأن ملفها النووي
التالي
تلاعب بالأسعار في سوبرماركت صيداوي