ثلاثة خطوط حمر 

لم تُفاجئ الغارات الإسرائيلية على مواقع عسكرية داخل سوريا المراقبين السياسيين، فهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ولا علاقة لها بالنزاع الدموي وموازين القوى بين النظام ومعارضيه والمسلّحين المتشدّدين، وإنما باستراتيجية إسرائيل التي تعتمد الضربات الإستباقية عند شعورها بأي تهديد، والأمثلة كثيرة.

في عام 1981 دمّرت اسرائيل المنشآت النووية في العراق، وفي العام 2007 في سوريا. وفي تشرين الأول 2012 أغارت على مصنع أسلحة في السودان بحجة تزويده فلسطينيّي غزة بالسلاح.

وفي 30 كانون الثاني الماضي قصفت قافلة محملة بالسلاح كانت في طريقها من سوريا الى «حزب الله» في لبنان وفيها صواريخ SA-17 متطورة مضادة للطائرات. وضربت مخازن صواريخ ياخونت الروسية الصنع في 5 تموز 2013 بعد فترة قصيرة من وصولها إلى طرطوس.

رسمت إسرائيل ثلاثة خطوط حمر منذ بدء النزاع في سوريا:

1 – نقل أي سلاح استراتيجي من سوريا الى «حزب الله» في لبنان.
2 – وقوع أي سلاح نوعي في يد الجماعات المسلحة التي تقاتل النظام السوري.
3 – إستعمال سوريا أي سلاح استراتيجي، ضد إسرائيل.

وانطلاقاً من هنا، إستهدفت الطائرات الإسرائيلية صواريخ بالستية إيرانية قصيرة المدى من طراز فاتح 110، خاصة بـ«حزب الله»، بين دمشق والحدود اللبنانية، لأن إسرائيل تتجنّب ضرب أهداف لـ «الحزب» داخل الأراضي اللبنانية، لأن ذلك يعتبر تغييراً في قواعد الإشتباك بينهما، وبالتالي لا أحد يضمن رد فعل «الحزب» وإمكان توسّع المواجهة بينهما واندلاع حرب جديدة.

ورجّحت تقارير إستخباراتية أن تكون عملية نقل الصواريخ الإيرانية إلى «حزب الله» في هذه المرحلة، مجرد رسالة سياسية، الغرض منها تفادي المواجهة مع إسرائيل، لا إثارتها، خصوصاً وأن موقف «الحزب» يزداد صعوبة مع استمرار قتاله في سوريا، وتحوّل النزاع هناك إلى حرب استنزاف ما يهدر من موارد «الحزب» ويُهدّد خطوط إمداداته الحيوية.

ويمكن أن تكون المفاوضات النووية بين إيران والغرب شجّعت عملية نقل هذه الأسلحة، إذ أن التقارير عن صواريخ فاتح 110 أتت في أعقاب إقتراحات أميركية بتوسيع المفاوضات لتشمل عمليات تفتيش برامج طهران الصاروخية.

وبالتالي فإن تزويد «حزب الله» بهذه الصواريخ ينطوي على رسائل عدّة أبرزها:

1 – إن البرنامج الصاروخي غير مشمول في المفاوضات النووية.
2 – تذكير الأميركيّين وإسرائيل بالآثار المترتبة على الفشل في التوصل الى اتفاق مع طهران.
3 – تأكيد نفوذ إيران في المفاوضات وإظهار جانب من أوراق القوة التي تملكها في المنطقة.

أمّا الجزء الخطير في التقرير الإستخباري الغربي، فهو اعتبار أن «هذا هو الوقت المناسب للهجوم على «الحزب» وتدمير أجزاء منه»، فيما ينهمك «الحزب» ويُخصّص موارد مختلفة للداخل السوري تُضعف موقفه في وجه إسرائيل.

وفي النتيجة إن أي سوء تقدير من أي جانب، قد يُهدّد التوازن العسكري الدقيق بين «الحزب» وإسرائيل منذ حرب تموز 2006.

http://www.aljoumhouria.com/news/index/192798

 

السابق
وفد من حماس في طهران تحضيراً لزيارة مشعل
التالي
عائلة الدليمي.. انقسام بين «النصرة» و«داعش»