تكراراً، الأولاد السوريون قنبلة موقوتة

أتحدث مجدداً عن الاولاد السوريين في لبنان بعيداً من التهم الجاهزة دائماً بالعنصرية والتعصب، من أناس تنطلق ردودهم من تركيبة “عنصرية” تجاه الغير تنذر بخوف دائم من استحالة العيش مع شريك في الوطن لا يصغي، وليس مستعداً للحوار، يرث في ردات فعله نظام وصاية كانت تهمته الجاهزة دوماً “العمالة لاسرائيل”.

انطلقت في كتابتي الاسبوع الماضي من حوار دار في أروقة مؤسسات الامم المتحدة في لبنان مع خبراء سوريين، ومنهم من تولى مسؤوليات سابقة في النظام، ويرى هؤلاء ان نسبة الولادات في اوساط مواطنيهم السوريين في لبنان كبيرة جداً، وقد بلغ عددها 40 الفاً في السنة، وهو الى ازدياد، مما يعني ان عدد السوريين في لبنان سيزداد نصف مليون بشري في عشر سنوات اذا ما طال أمد الحرب ولم يعد النازحون الى قراهم ومدنهم، سواء برغبة منهم اذا توافر لهم عيش مستقر هنا، او اذا رفض النظام، أي نظام سيحكم، عودتهم، وهو الامر الذي يحصل حالياً.
واذا عدنا الى العدد، فإن نحو مليون ونصف المليون لاجئ باتوا مسجّلين في دفاتر مفوضية شؤون اللاجئين، تضاف اليهم اعداد من غير المسجلين وممّن لا يطلبون مساعدات، أو يمتنع الامن العام اللبناني عن إصدار لوائح بأعدادهم حتى لا يتّهم بالتحريض ضد السوريين، الذين يكاد عددهم يبلغ نصف عدد الشعب اللبناني المقيم.
أما بالنسبة الى الاولاد، فيشير وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب الى ان أعداد التلامذة في سنّ التعليم بلغ 470 ألفاً. وهؤلاء لا ذنب لهم في الحرب الدائرة في بلدهم، ولا في سياسات النظام وحسابات المعارضة، ولا في تضييق اللبنانيين عليهم، لكنهم يشكلون الضحية الكبرى التي تحتاج الى عناية ورعاية خاصتين.
وفي الحوار الدائر في مركز الامم المتحدة سؤال، بل اسئلة، عن مصير هؤلاء اذا ما توقف برنامج المساعدات لبرنامج الغذاء العالمي، او لمفوضية شؤون اللاجئين، او حرموا التعليم، خصوصا ان المجتمع الدولي لم يستجب كفاية للمطالب الملحّة، ولحاجة لبنان الى المساعدة لسد حاجاتهم. ويستحضرون واقع الاولاد في المخيمات الفلسطينية الذين تحوّل عدد كبير منهم الى التدريب والقتال، او الى القتل والسرقة والنهب، وهم لم يبلغوا سن المراهقة بعد.
وينطلق الخبراء في إعداد برنامج توعوي لإقناع الاهالي بتقليل عدد الولادات في اوساط السوريين، واستعمال الوسائل الطبية التي تساعد على ذلك، خوفاً من تفاقم حالات الفقر والعوز، وصولا الى الجوع الذي يمكن ان تستغله مجموعات أصولية تكفيرية فتعمل على جذبهم لإنقاذهم من واقعهم وتدريبهم واستغلالهم في اعمال ارهابية. والمجتمع اللبناني كله أمام هذا الواقع المرير، ولا خطر يدهم مسيحياً ويستثني مسلماً، ولا تفجير يصيب بقاعاً ويتجنب شمالا، فكلنا في مركب واحد، والحاجة الى البحث عن حلول، لا الى مبارزات كلامية.

السابق
المحكمة الدولية قررت إضافة جنبلاط وعلي حمادة إلى قائمة الشهود
التالي
حريق كبير في مطعم «خان الورد» في جل الديب