الجمهور نجم «القمة» الأول

استقطبت مباراة «العهد» و«النجمة» الأنظار، وكانت حديث الناس، فهي أعادت عقارب الساعة إلى الوراء، لسنوات عدة، وأكدت بالتالي عافية كرة القدم اللبنانية، والإمكانيات الموجودة لإنجاح مثل هذه اللقاءات.

كان يوم المباراة أشبه بـ»يوم الحشر»، وفيه انكشف حب الناس وتعلقهم باللعبة، وكأنهم جاؤوا لينفسوا عن مكنوناتهم والكثير من المعاناة والأمور الأخرى التي أخذت الفرحة منهم وجعلتهم اسرى الوضع المتأزم على جميع الصعد.
هي كرة القدم جعلت الجماهير في مكان آخر، فلا قطع للطرقات، أو مظاهرات مطلبية أو غيرها، ولا شحن طائفيا أو مذهبيا، وكل ما هنالك أن كرة كانت تتناقلها أقدام لاعبي الفريقين على وقع هدير المدرجات التي استعادت حياتها بعد آخر موقعة لـ»المنتخب الوطني» في تصفيات الـ»مونديال» وفي «كأس آسيا»، فكان الجو أروع ما يكون واثبت مرة جديدة ان الجمهور اللبناني بحاجة إلى مثل هذه المناسبات للعودة من جديد ولإنعاش النفوس وتغيير الاتجاهات المؤلمة لتكريس الفرح الكبير.
كان الجمهور النجم الاول للمباراة، وجعلها أشبه بمناسبة وطنية شعر بها كل الذين كانوا يستبعدون أن تصل المباراة إلى خواتيمها، فالآلاف التي احتضنها «ملعب صيدا البلدي» أحست بمسؤولياتها كي تخرج «القمة» بهذا الشكل وكي تحتفل مع «النجمة» بالفوز، وهذا العدد نفسه من النجماويين بات ملح الملاعب وعزها، ومنظرا رياضيا بامتياز.
لكن المؤسف، كان ما حدث بعد المباراة وخلالها والتهور الذي أصاب بعض المندسين والمخلين الذين ارتكبوا الكثير من الأمور البعيدة عن الروح الرياضية، وتمثلت بالشتائم ورمي الملعب بعبوات المياه، ومحاولة القفز فوق السياج ونزول احدهم إلى ارض المباراة رافعا شعاره ومهرولا، ثم التصرف غير اللائق للبعض الآخر تجاه رايات «العهد»، ولاعبيهم وهو أمر يجب النظر فيه وردع هذه القلة كي تكون عبرة لمن اعتبر، من دون أن ننسى الاجتياح غير المبرر للملعب بعد انتهاء المباراة.
بين المدربين
مضى الأسبوع العاشر بعدما كان صراعا مفتوحا بين عدد من المدربين، بحيث ان الخطط لعبت دورها بإحكام، وظهر ان بعض الفرق التزمت بتعليمات مدربيها بينما ظهر البعض الآخر كأنه في واد وكأن المدربين في واد آخر.
ويأتي الكلام عن «القمة» في المقدمة، على اعتبار ان الصراع بين «لنجمة» و»العهد»، أصبح الشغل الشاغل لمتابعي «الدوري» وللأوساط على مختلفها. ففوز «النجمة» هو انجاز، لكنه لم يكن مقنعا إلى حد كبير وبالقدر الذي يمكن معه أن يضمن لـ«النبيذي» أن يكمل مشواره بهذا الشكل، ولو أن النقاط الثلاث كانت لب الموضوع، إذ لا فرق إذا قدم الفريق ما يرضي الطموحات أو لم يقدم، فالمهم التسجيل لأن اللغة الرئيسية لكرة القدم هي بالأهداف.
بوكير
نجح بوكير في اغلاق منطقته بثمانية لاعبين، بعد أن تقدم «النجمة»، بهدف خالد تكه جي، لكنه فشل كثيرا بعملية الإقناع، فاللعب بطريقة الانقضاض والتموضع في أماكن غير حساسة، لا يجدي نفعا في بعض الأحيان ولولا أن كرة تكه جي لم تخدع حمود وتعانق الشباك فانه كان على «النجمة» أن يعاني كثيرا لخطف النقطة على الأقل.
وقد التزم لاعبو «النجمة» بمبدأ السيطرة على وسط الملعب في بعض الأحيان وهو الأمر الذي أوصلهم الى منطقة «العهد»، لكن هذا الأمر لم يكن بالخطورة التي بنى عليها بوكير، والدليل ان الهدف جاء من خطأ دفاعي في إبعاد الكرة ومن تسديدة طائشة ليس إلا.
ولقد كان القائد عباس عطوي الوحيد القادر على سحب الفريق بحيث تعاطى مع التمريرات البينية بشكل بارز فيما لعب محمد شمص دور الـ «ليبرو» والمتنقل بين جهة وأخرى دور «المغوار»، وكان الأفضل بين النجماويين.
لكن الذي لم يتنبه له بوكير كان ضعف حركة الظهيرين اللذين لم يقوما بالدور الهجومي وأخفقا كثيرا في الدور الدفاعي.
والصورة التي رسمها «العهد» تؤكد أن محمود حمود كان الأكثر نباهة خصوصا أن لاعبيه لجأوا هذه المرة إلى اعتماد الكرات القصيرة فتبادلوها بتعمق، بحيث كان فاعور هو نقطة الارتكاز دائما و»ليبرو» متفوق على نفسه وشغل مركزه في الوسط باقتدار، بينما تعملق حسين دقيق بشكل رائع ودخل المنطقة بأكثر من هجمة وكان من أكثر اللاعبين إيصالا للكرات داخل المربع، وهو ما شدد عليه حمود في هذه الناحية.
والثغرة الوحيدة التي أغفلها حمود كانت بالطريقة التي لعب فيها ريمي الذي كان يترك مركزه ليتراجع حتى حدود الـ«سنتر»، فيفرغ بتراجعه الناحية الهجومية، ورغم ذلك فان مدرب «العهد» تفوق على الألماني في نواح عدة ولو انه خسر المباراة.
زوران وحسون
كان «الأنصار» المستفيد الوحيد من الفوز الصعب على «الغازية، لكن هذا الفوز لا يعكس إمكانياته العالية مقارنة بمستضيفه، لأن الأخضر لديه الكثير من مفاتيح اللعب وكان بإمكانه العودة من كفرجوز بنتيجة ثقيلة لو عرف المهاجمون كيف يستغلون كراتهم، في الوقت الذي لم يحسن فيه زوران التعامل مع خط دفاعه الذي كان عرضة للكثير من هجمات «الغازية».
وأصبح من الضروري الاعتماد على لاعبين مهمين في الفريق هما ربيع عطايا ومحمود كجك او عماد غدار، أما المدرب مالك حسون فانه أحسن التعامل في البداية مع ضيفه معتمدا على أجانبه كانوتيه وديكو والمدافع ستانلي بحيث لعب بثلاثة مدافعين يساندهم خط الوسط بينما اخفق في تقوية الهجوم وتكثيف اللاعبين في الهجمات المرتدة.
خليفة
ويبدو ان «النبي شيت» نجح في تدوير الزاويا وعرف الطريقة الأجدى لخوض المباريات وهو الفريق الصاعد بلاعبيه الذين يمثلون البلدة إلى جانب من ضمهم من أندية أخرى، وهي خطوة جريئة ومهمة على التغيير الذي أحدثه في الجهاز التدريبي لأن السوري عساف خليفة عرف كيف يوظف اللاعبين وكان هذه المرة على قدر التطلعات، والدليل أن تأخر الفريق بهدفين امر ليس بالسهل وان يتم تعديل النتيجة (2 ـ 2)، ثم (3 ـ 3)، من دون أن يرف أي جفن للاعبيه فهو انجاز كبير بحد ذاته.
وبنى عساف خطته على إحداث تغييرات شاملة فترك السنغالي ديوك على مقاعد الاحتياط، ثم اخرج المصري إسلام مصبح واستبدله بأبو عتيق، وأشرك محمد حلاوي كبديل لاسماعيل فاضل في الدفاع حتى انه أكمل المباراة بالسوري خالد صالح فقط وهو أمر تفوق فيه على كل شيء.
ويبقى فوز «الساحل» على «الراسينغ» بأقل مجهود وهو امر يجب التوقف عنده، وشحن لاعبيه، وهذا امر قد يستدركه جمال طه الذي يعرف تماما من أين تؤكل الكتف، بعكس مدرب «الراسينغ» ليبور بالا الذي يمضي بفريقه بالخطة نفسها التي تعتمد على الهجمة المرتدة والتي لا توفر الخبز اليومي للمباريات.

السابق
غوغل تطوّر تقنية لمُحاربة مرض السرطان
التالي
4 ضحايا في نهر ابرهيم..والجاكوزي السبب؟