من هو الشيشاني الذي هدد بخطف نساء واطفال لبنانيين؟

لم يستطع أبو علي الشيشاني احد قادة المسلحين في جرود القلمون ان يتمالك نفسه بعد توقيف زوجته وحجز طفليه في لبنان، فأطل عبر “فيديو” ضعيف الاخراج والسيناريو، ليهدد بخطف نساء وأطفال وعسكريين من لبنان، وبمنع الموفد القطري من دخول الجرود.

“الفيديو” لا يحمل اي لمسات فنية ابداعية يعتمدها تنظيما “جبهة النصرة” أو “الدولة الاسلامية” داعش، ولم يصدر حتى عبر أحد حسابات التنظيمين بل إنه حساب جديد خُصص لنشر الفيديو الذي سرعان ما تمّ حذفه، فمن هو الشيشاني وهل يستطيع التأثير في المفاوضات بشأن المخطوفين العسكريين؟

من القصير إلى الجرود

إنه أنس جركس، سوري من بلدة القصير، تدعى زوجته الموقوفة في لبنان علا مثقال العقيلي ولديه منها ولدان، الصبي عمره 4 سنوات والبنت لا تزال رضيعة وعمرها 6 اشهر. وبحسب ما ذكرت مصادر قيادية في “الجيش السوري الحر” تنشط في القلمون لـ”النهار”، فإن الشيشاني أسس بداية كتيبة درع الاسلام في القصير، وانضم إلى كتائب الفاروق التابعة لـ”الجيش الحر”، وبعد سقوط القصير بيد “حزب الله” والنظام السوري انتقل إلى يبرود، حيث انضم إلى كتائب البراء وأخيراً انتقل إلى الجرود، حيث بدأ يغازل “جبهة النصرة” و”الدولة الاسلامية” باعتباره اسلامياً. حاول أن ينضم إلى فصائل عدة لكن معظمها رفضت. ومنذ فترة بايع “الدولة الاسلامية” مع مجموعات من القصير، منهم قائد لواء القصير ابو عرب الزين، وقائد فرقة الفاروق المستقلة موفق ابو سوس وعبد السلام حربا، وابو طلال الذي يقود لواء فجر الاسلام بعد توقيف عماد جمعة وعلى الأرجح هي قد رفضت.

تعتبر المصادر ان “مجموعة الشيشاني صغيرة ولا تأثير لها على أي ملف، وجلّ ما يمكن أن تفعله الخطف او القتل او السرقة، ويبلغ عديد المجموعة بين 15 و 20 مقاتلاً يتواجدون في وادي ميرا، المنطقة التي يُقال إن العسكريين محتجزون فيها مع “جبهة النصرة” المنتشرة في كامل الجرود من الطفيل إلى جوسيه. واعتبرت ان “ربط اسم الشيشاني بمكمن رأس بعلبك الاخير أمر مستحيل، فلا قدرة لمجموعته على تنفيذ مثل هذه العملية خصوصا ً أنها وقعت في منطقة تعتبر قريبة من نفوذ جبهة النصرة”. إلا ان الأخيرة لم تصدر اي بيان رسمي على حسابها عبر “تويتر” تتبنى فيه العملية.

رسائل الشيشاني

أطلّ الشيشاني وبجانبه مقاتلون ملثمون، وخلفه راية سوادء شبيهة بالتي يرفعها عناصر “الدولة الاسلامية” (فيها الختم النبوي). ووجه ثلاث رسائل. الأولى عتب فيها على “أهل السنة في لبنان وخصوصا في طرابلس”، وقال: “زوجتي علا المثقال العقيلي، أخذت منذ يومين من طرابلس من دار المدينة التي تسمى قلعة المسلمين… أين أنتم يا أهل طرابلس من أعراضنا”، محملاً الشيخ سالم الرافعي و”هيئة العلماء المسلمين” المسؤولية الكاملة في اخراج زوجته. وقال: “أخذوا زوجتي وأولادي من غير وجه حق، وكانت في مدرسة، لاجئة مثلها مثل باقي النساء، ولا شأن لها، فلماذا اعتقلوها بسبب زوجها؟”،
الثانية توجه فيها إلى الجيش اللبناني و”حزب الله”، إذ قال: “ان لم تخرج زوجتي فلا تحلموا ان يخرج العسكريون من غير مفاوضات، وانا كنت تركت الامر لاخواني في “الدولة الاسلامية” و”جبهة النصرة”، لكن اختلفت الامور الآن، وان لم تخرج فإن نساء واطفال “حزب الله” والجيش اللبناني هدف مشروع لنا قريباً وسآتي بهم وبعساكر قريباً إلى هنا (الجرود)”.

الثالثة غازل فيها “داعش”: “أنا جندي وعنصر عندكم، اقول لكم كفانا تفاوضًا، فهذه الحرب التي افتعلها “حزب الله” في عرسال خديعة لنترك قرانا تحت مرمى النصيرية… اتركوا الشأن اللبناني وتعالوا نحرر قرانا”. ليهدد بعدها سير المفاوضات: “اذا لم يُحلّ الموضوع في القريب العاجل فالموفد القطري ليس مرحباً به في الجرود ولن اسمح بدخوله”. وأعلن انه ليس من صفوف “جبهة النصرة”.

هيئة العلماء المسلمين

مصادر من هيئة العلماء ردّت على الشيشاني بالقول لـ”النهار”: “لا تستطيع الهيئة ان تفعل أكثر من مواقف كلامية اعلامية ولا قدرة لها على اكثر من ذلك”، متسائلة: “ماذا تستطيع أن تفعل، فهل هي سلطة أو يمكنها ان تحل مكان الدولة؟ تستطيع فقط أن تدلي بموقف. وسبق أن سجلت مواقفها إزاء عدد من التوقيفات التعسفية التي تطال الأبرياء”.

وذكّرت بأن الرافعي “مصابٌ ولا يستطيع ان يتحرك”، مضيفاً: “في حال لم تمارس اي دور في الامن فنحن لا نرى اي مبرر لاعتقال زوجة الشيشاني، وسننتظر ونرى تحت اي خانة تم توقيفها، وسيثبت في حال كانت على اتصال بجهات إرهابية ام لا، لأن المعلومات لا تزال تسريبات وليست في بيانات رسمية”.
ولا تخفي المصادر ان اعتقال النساء وحجز الأطفال قد يؤثر سلباً على المفاوضات لكنها لا تتمنى ذلك. وعن تهديد الموفد القطري، قالت المصادر: “حتى لو دخل الموفد إلى الجرود، فأمر المفاوضات بحسب رأينا، لم يعد لدى “الدولة” في القلمون، بل يبدو انه بات لدى القيادة في الرقة، والأمر نفسه بالنسبة إلى النصرة”، معيداً سبب تحميل الشيشاني المسؤولية إلى الهيئة “لأنها مظلة الحركات الاسلامية السنّية وجامعتهم”.

السابق
الجراح: التوتر السني الشيعي مرتفع والفراغ يهدد الكيان اللبناني
التالي
توقيف مشتبه به في عين الحلوة