مستقبل المرأة السورية بين جهاد النكاح والتحرر

عيون
بعد أن حاربت المرأة بهدف التحرّر من قيود المجتمع والرجل، عادت جماعات إرهابية بفكرها وممارساتها إلى فرض قيود وضوابط على المرأة العربية، في سورية خصوصا، كانت المرأة قد تخلّصت منها مطلع القرن الفائت. وحصرت الجماعات الدينية والعسكرية والاجتماعية دور المرأة في تقديم الخدمات الجنسية لعناصرها. في حين أنّ قوى لبنانية بدأت في "أسر" هذه المرأة لاستعمالها في صراعها مع القوى المسلّحة التي اختطفت جنودا لبنانيين؟

مسيرة طويلة من النضال خاضتها المرأة العربية، تحديدا في لبنان وسورية، لتقترب من المساواة مع الرجل، من حيث بعض الحقوق وبعض أقلّ من الواجبات. وباتت في دول المشرق والمغرب العربي تشارك في الحياة السياسية، بشكل أو بآخر، أقلّ أو أكثر هنا وهناك، تنتخب وتترشّح وتتبوّأ مناصب سياسية واجتماعية لابأس بها.
فبعد عقود من المعاناة استطاعت المرأة أن تنفض عنها صفة الزوجة وربّة المنزل فقط، لتصبح سيدة المجتمع والأم والعاملة والصديقة والحبيبة والشريكة، رغم أنّها لا زالت تعاني من بطش الرجل وسيطرته في بعض الدول، إلاّ أنها مستمرة في النضال من أجل الوصول إلى كامل حقوقها.
اليوم، في القرن الواحد والعشرين، وفي العام 2014 تحديداً، وبعدما تحرّرت المرأة من استعباد الرجل للتحول إلى المرأة مناضلة، ظهرت جماعات تطلق على نفسها صفات إسلامية، مثل «داعش» و«جبهة النصرة»، لتعيدنا بالزمن إلى عصر الجاهلية من خلال الممارسات المسيئة بحق المرأة.
رجمفعدنا لنرى رجم المرأة حتى الموت في سورية، وبيعها في سوق السبايا، كما حصل للمرأة الأيزيدية في العراق، واختصار دورها بتلبية رغبات الرجل الجنسية، فعاد بنا الزمن آلاف السنين إلى الوراء.
ففي القرن الواحد والعشرين تعرّفنا إلى «جهاد النكاح» في سورية والعراق، وإلى بيع النساء المسيحيات والأيزيديات العراقيات  بسوق السبايا الذي يسعّر المرأة بحسب عمرها.
شهادات كثيرة من نساء استطعن التحرّر والهروب ليخبرن حقيقة ما تعرّضن له من قبل تلك الجماعات، هم “الداعشيات” أو ما يطلق عليهنّ “الجهاديات”، ودورهنّ يقتصر على إشباع رغبات المجاهدين الجنسية. فهناك المرأة الواحدة التي أقنعها رجال بأنّها تجاهد في سبيل الله! وهي يمكن أن تلبّي الرغبات الجنسية لأكثر من رجل في ليلة واحدة، وصولاً إلى إجبارها على ممارسة الجنس الجماعي.
فما هي نظرة تنظيمي «داعش» و«النصرة» للمرأة؟ وهل ممارسات النصرة وداعش في حق النساء منبثقة من رحم الإسلام؟
المتخصّص في القضايا الإسلامية حسان قطب يجيب عبر «جنوبية» عن هذه الأسئلة: « التاريخ الإسلامي يقدم لنا شواهد متعددة على دور المرأة المتقدم، فالسيدة عائشة ام المؤمنين كان لها دور متقدم واساسي وقيادي في الصراع السياسي على السلطة بعد استشهاد سيدنا عثمان بن عفان، والسيدة زبيدة زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد كان لها دور بارز في قيادة الخلافة العباسية إلى جانب زوجها، واشتهرت برجاحة عقلها، وشجرة الدرّ كانت ممن قادوا الأمة الإسلامية لمواجهة غزو المغول والتتار لبلاد المسلمين خلال المرحلة المملوكية من تاريخ الأمة الإسلامية…وغيرها كثير من من الشواهد والدلالات».

https://www.youtube.com/watch?v=dw2tCd8mKI0

وعن نظرة تنظيمي داعش والنصرة إلى المرأة يقول قطب: «في فهمٍ متطرف ومغالٍ لثوابت النص وفي تجاهلٍ كامل للحوادث والمناسبات التاريخية، يتعامل هذا التنظيم مع المرأة على ان لها دور محدد وهو تربية الأطفال والاهتمام بشؤون المنزل، وهذا غير مقبول بل لا يتجانس ويتناسب مع واقع الحال وما وصلت إليه التطورات الإجتماعية التي هي في حقيقة الأمر لا تتناقض مع الاسلام ومفاهيمه، لكنها تتطلب قوننة وتوضيح وتطبيق بشكل صحيح، من هنا يمكن القول ان التنظيمات المتطرفة عقائدياً وفكرياً وثقافيا تتجاهل الغوص في مضمون النص لتخرج بإطلاق فتاوى لا تتوافق مع الواقع او ما يطلق عليه في المفهوم الشرعي (فقه الواقع)، وتكتفي بتطبيق سياسة المنع والتضييق فقط».
جهاد النكاحوأضاف قطب: « جهاد النكاح لا أصل له في الإسلام وما تم تداوله ونشره كان لتشويه صورة الثورة السورية والإسلام ككل وليس تنظيمات القاعدة سواء كانت داعش او جبهة النصرة، فمن يطلب من المرأة ان تلبس النقاب والا تكشف عن وجهها فهل يمكن القول إنّه يرضى ان تعاشر ازواجا او أشخاصا متعددين بما يخالف النص القرآني؟ اما موضوع السبايا فهو موضوع يجب على تنظيم الدولة الإسلامية ان يجيب هو عليه وان يوضح بشكل صريح لا لبس فيه إذا كان صحيحاً ام لا».
«الأم مدرسة إذا أعدتها أعدت شعباً طيب الأعراق» هذه العبارة التي تربينا عليها، فأي شعب نتوقع أن يخرج من هذا التنظيم الذي يسمح زعماءه لزوجاتهنّ وأولادهم العيش والتنقل بأوراق مزوّرة في بلاد معادية لهم! فزوجة البغدادي زعيم الدولة الإسلامية ألقي القبض عليها في لبنان مع ولديها وابنته! وأيضا القي القبض على زوجة وأولاد أنس شركس وهو من مسؤولي «النصرة»، في زغرتا شمال لبنان.
وكيف يمكن لمرأة تجبر على ممارسة الجنس مع عدد من الرجال في ليلة واحدة أن تعدّ شعباً طيب الأعراق؟
ورغم إرهاب هذه التنظيمات وممارساتها، هل يحقّ للدولة اللبنانية أن تعتقل نساء المجاهدين السوريين لمجرد أنهنّ متزوجات من إرهابيين؟
المحامي نبيل الحلبي يؤكد لـ«جنوبية» أنّ «القانون يمنع حجز حرية أي إنسان إن لم يرتكب أي جرم على الأراضي اللبنانية، وبالنسبة لزوجة البغدادي فإذا إرتكبت أي جرم على الأراضي اللبنانية يجب أن يصدر بحقها مذكرة توقيف من القضاء، وحتى الآن لم يصدر أي توضيح من القضاء».
وأضاف الحلبي: «توقيفها لمجرد أنها قريبة إرهابي، فهذا يخالف القانون، وإذا كانت تمتلك معلومات فيمكن السماع لشهادتها وليس احتجاز حريتها».

السابق
عباس ابراهيم : لا خيار لنا الا المواجهة ايا تكن التضحيات
التالي
رسالة من الفرزلي إلى بوتين