نقاط ساخنة على الحدود السورية ــ اللبنانية

سوريا و لبنان

مع إعلان دولة لبنان الكبير، في عهد الانتداب الفرنسي، بدأت تتشكل الحدود بين سوريا وبلاد الأرز، لتمر أحياناً بين قرى متلاصقة، ولتمتد من هضبة الجولان المحتل إلى شواطئ البحر، مروراً بجبال القلمون وسلسلة جبال لبنان الشرقية، قبل أن تتحول الحدود ذاتها إلى مسرح للعمليات العسكرية على وقع الصراع السوري في الداخل وانعكاساته على دول الجوار.

وتتقاسم أربع محافظات الحدود السورية ــ اللبنانية، وهي تبدأ من القنيطرة ثم ريف دمشق، صاحبة الحصة الأكبر، ومعها حمص ثم طرطوس. وبينما تتمتع الأخيرة بهدوء تام، وتعيش حمص حالة مشابهة، يبدو المشهد في الجولان وريف دمشق مختلفاً، مع انتشار مجموعات مسلحة على الشريط الحدودي، تحاول العمل على تأمين خطوط انتقال للمقاتلين وإمداد بالذخيرة والسلاح من الجهة المقابلة، وهو ما يطرح اليوم تساؤلات، مع انتشار فكرة «المناطق الآمنة»، وتركيز «الائتلاف الوطني السوري» المعارض على منطقة القلمون قرب الحدود اللبنانية، ما يدفع إلى البحث في تفاصيل الشريط الحدودي بين البلدين.
الجولان.. الطريق الوعر
عند مزارع شبعا وبلدة النخيلة المجاورة يبدأ مثلث الحدود اللبناني ـــ السوري مع الأراضي المحتلة في الجولان، حيث يتربع جبل الشيخ، وتمتد عند سفوحه عشرات الطرق الجبلية الوعرة، والتي تحول بعضها إلى ممرات للتنقل بين البلدين، وخاصة إثر سيطرة مجموعات مسلحة على مساحات من ريف المحافظة.
أما على الحدود، فتنتشر سلسلة من البلدات والقرى، بداية من حضر الخاضعة لسيطرة الدولة السورية، ثم بيت جن ومزرعة بيت جن (المسافة بينهما ثلاثة كيلومترات) وهي خاضعة لسيطرة «الجيش الحر» و»جبهة النصرة»، ثم تنتشر بلدات كفرحور وبيت تيما وصولاً إلى قلعة جندل، التي تتواجد فيها القوات السورية.
وينسحب هذا المشهد كلما اتجهنا شمالاً، حيث قرى وبلدات عين الشعرا وحينة وعرنة، الخاضعة لسيطرة الدولة، وتمتد بينها وبين الجانب اللبناني المقابل، عند محافظتي النبطية والبقاع، طرق إمداد كانت تستخدم للتهريب، وهي تحت سيطرة الجيش اللبناني و»حزب الله».
ولعل النقطة الأبرز في منطقة الجولان هي محور بيت جن ــ شبعا، حيث لا تبعد البلدتان أكثر من 16 كيلومتراً، ويمكن لرعاة الأغنام وحتى البغال عبور الممرات الجردية من بيت جن الخاضعة للمسلحين، حيث تستغرق الرحلة، بحـــــسب مصـــــادر محلية، ثمــــــاني ساعات تزيد في فصــل الشتاء وصولاً إلى الطرف اللبناني الخاضع لسيطرة الجيش اللبناني، مدعوما بقوات «اليونيفــــــيل»، والذي منع مؤخراً عملـــــيات نقل جرحى من المقاتلين أو تهـــريب الأسلحة عبر هذه الطرق. وتمتد الأراضي اللبنانــــــية من شبعا إلى راشـــــيا وحاصــبيا والعرقوب.
ريف دمشق الغربي.. المسلحون محاصرون
لا حدود واضحة تفصل مناطق ريف دمشق الحدودية عن بعضها البعض، فهي تمتد من وادي بردى إلى جبال القلمون بشكل سلسلة جبلية، سمحت للمسلحين بالتنقل خاصة من خلال النقاط الجردية إثر التحولات التي طرأت بعد معارك القلمون.
ويمتد الريف الغربي للعاصمة من بلدة رخلة برقس ثم دير العشاير التي تقابل عين العرب اللبنانية وكفركوك في جبال لبنان الشرقية. وشمالاً تتواصل البلدات حيث ميسلون وجديدة يابوس عند المعبر الحدودي الرسمي، ويقابله لبنانياً المصنع ثم السلطان يعقوب ومجدل عنجر.
وتتواصل البلدات السورية عند الديماس وبلودان والزبداني ومضايا وسرغايا، وهي آخر نقاط الريف الغربي، فيما يقابلها معربون ورياق في الجهة اللبنانية. وتخضع هذه البلدات لسيطرة الجيش السوري، باستثناء الزبداني التي تتمركز فيها فصائل تتبع لـ»الجيش الحر» و»حركة أحرار الشام» و»جبهة النصرة»، فيما ترددت انباء عن مبايعة مجموعات من «النصرة» و»الحر» تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ــ «داعش» وتمدده باتجاه مضايا.
ويختلف الوضع الميداني هنا عن باقي المناطق. فعلى الرغم من سيطرة المجموعات المسلحة من «الجيش الحر» و»أحرار الشام» و»جبهة النصرة» على الزبداني، إلا انها شبه مطوقة من مختلف الجهات، فجميع النقاط المقابلة لبنانياً يتمركز فيها الجيش و»حزب الله»، بالإضافة إلى معسكرات تابعة لـ»الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــ القيادة العامة».
وعلى الجانب السوري، تنتشر مراكز تابعة للقوات السورية في الديماس وبلودان، بالإضافة إلى تواجد للمدفعية على الجبال المحيطة بالزبداني. أما بلدة مضايا المجاورة، ورغم سيطرة المسلحين عليها، إلا انها تعيش ضمن اتفاق هدنة على غرار عدد من مناطق الريف الدمشقي، وتعد الطريق الوحيد بالنسبة إلى المسلحين، حيث اتجه منها إلى يبرود في وقت سابق عدد منهم وعادوا باتجاهها بعد استعادة الجيش لمواقع في جبال القلمون.
القلمون: معارك مع وقف التنفيذ
ويختلف الوضع الميداني في منطقة القلمون، الممتدة من رنكوس إلى قارة، حيث تقع بلدات حوش عرب ثم المعمورة والجبة والصرخة وعسال الورد ورأس المعرة ثم فليطة ويبرود، وصولاً إلى قارة، وجميعها تحت سيطرة القوات السورية، بينما يسيطر الجيش اللبناني و»حزب الله» على الجهة المقابلة، خاصة مع عزل عرسال عن محيطها في الجرود حيث تتواجد «جبهة النصرة» و»داعش» ومجموعات من «الجيش الحر».
ويقوم الطيران السوري، بالإضافة إلى المدفعية، باستهداف المجموعات المسلحة خلال محاولتها التنقل بين الجرود السورية واللبنانية.

السابق
داعش المقيمة فينا (2): في اليسار والماركسية والأديان
التالي
مؤسسة الهادي احيت اليوم العالمي للأشخاص المعوقين