عن الطوائف والصيغة التوافقية للديموقراطية اللبنانية بالاستناد الى فكر مهدي عامل

مهدي عامل

الطوائف هي كيانات اجتماعية ترتبط برابط الدين او المذهب. اما في لبنان، فالطائفية، هي عملية تحويل هذه الطوائف الى مؤسسات سياسية وثقافية واقتصادية، أي مأسستها، بمعنى إعطاء شكل سياسي لوجود الطائفة. فبعض “الطوائفيات” تبدو أكثر مأسسة من “طوائفيات” أخرى يغلب عليها أكثر، طابع الاثنية، وذلك بحكم موقع كل واحدة من تلك “الطوائفيات” في مركز السلطة والتحكّم والإمساك بحقّ “الفيتو”.

وترتبط هذه “الطوائفيات” فيما بينها بصيغة حكم هي “الصيغة التوافقية”، التي بموجبها تتراكم كل الأزمات بين الطوائف والطائفيات السياسية في بنية هذه الدولة اللبنانية المأزومة والتي تتعطّل بتعطّلها، وبها تدوم وتتتجدّد.
فبحسب تحليل “مهدي عامل” لهذه الصيغة، فإنها تقوم على ضرورة وجود الوعي الطائفي، على التوازن، على حق استعمال ” الفيتو”، وعلى الديموقراطية الطائفية.
– الوعي الطائفي ضروري لوجود هكذا دولة لا تتجدّد الا بتجدّده، فاذا استحال هذا الوعي وعياً وطنياً تعطلت الدولة بما هي دولة طائفية ولذا، وهي تعمد الى تشجيع الفكر والفعل الطائفيين من أجل المحافظة على الذات.
لم ينعكس التوازن في تاريخ لبنان لا مساواة ولا مشاركة بين الأقليات الطائفية ( الكيانات السياسية)، بل على العكس من ذلك، كان هذا التوازن دوماً وهمياً لأنه أمّن هيمنة أقلية واحدة او اثنتين على باقي الأقليات في ادارة شؤون الدولة التي بهذه الهيمنة تصبح دولة مركزية قادرة على حفظ هذا التوازن الاستتباعي الوهمي، وهذا ما جرى بعد الاستقلال عندما استفردت المارونية السياسية وبدرجة اقّل- السنّية السياسية- بحكم الدولة، وبإدارة معظم مرافقها الاساسية على حساب باقي الأقليات.
– حق استعمال ” الفيتو” هو حصراً حق الأقلية المهيمنة في هذا التوازن (لأن النظام نظام اقلّي)، فهي باستعمالها هذا الحق في مواجهة قرار الأكثرية(المؤلفة من أقليات عدة، ما كانت لتتكوّن لو لم تستشعر وجود أقلية مهيمنة) تتعطّل الدولة، واذا ما استعملت هذه الأكثرية حق النقض في مواجهة قرار الأقلية، ينتج عندها الغاء حق الأقلية المهيمنة في المشاركة، وهذا منافٍ للتوافق، وتتعطل الدولة ايضاً وتدخل في أزمة.
– أما الديموقراطية الطائفية، فهي ليست الديموقراطية الفعلية لأنها ليست سوى ديموقراطية الأقلية والتي تنتج بالتالي ديموقراطية عنصرية( هذا النوع من الديموقراطية لا يوجد الا في لبنان).
– ان تغيير هذا الواقع المأزوم ليس بالامر اليسير، ولن يتم بمحاولات اصلاحية من النظام، لأن الأزمة بنيوية، بل يتمّ عبر سيرورة تاريخية طويلة تتميّز بأشكال متعدّدة من النضالات الشعبية الديموقراطية. وهنا يُطرح السؤال: من هي القوى التي ستقوم بهذا التغيير، وما هي مصلحتها، وإن وُجدت، فما هو برنامجها الوطني، وكيف ستعبّر عن وجودها السياسي، أمن خلال أحزاب وتيارات وحركات ومؤسسات مدنية تحمل أفكاراً مختلفة بإختلاف الظروف التاريخية التي فيها تنشأ؟

http://www.annahar.com/article/195002

السابق
ماذا يريد الشباب من المعرض؟
التالي
مفاجأة… حلّ لغز الموناليزا!