سلام: حملة الغذاء مستمرة ومشروع النفايات قبل نهاية العام

فسحة الوقت على الطائرة التي أقلت رئيس مجلس الوزراء تمام سلام والوفد المرافق الى بروكسيل كانت “فرصة” للكلام على سلامة الغذاء الذي تركناه في لبنان هاجسا شغل اللبنانيين ولا يزال. كما انها “فرصة” لـ”النهار” اغتنمتها مع الرئيس سلام الجالس جنبا الى جنب مع وزير يمارس الصناعة الغذائية قبل أن يصبح وزيرا، هو وزير التنمية الادارية نبيل دو فريج، ووزير الاقتصاد ألان حكيم الذي يحتل موقعا اساسيا في حملة سلامة الغذاء الى جانب زميله وزير الصحة وائل أبو فاعور. وكان القسم الاول من الحوار، السؤال الاول: هل هناك فوبيا أم عمل واع في تحقيق سلامة الغذاء؟ أجاب سلام: “موضوع الغذاء حيوي على مستوى سلامة الناس، وبالتالي كل الوزارات تقوم بواجباتها بغض النظر عن اللجنة التي تكونت للتنسيق والمتابعة والتشديد على أن الامور متكاملة. فللموضوع جوانب عدة وليس فقط محصوراً بوزارة الصحة، وهناك وزارات اخرى. فليس هناك ما يدل على أن هذا الموضوع سيتوقف ويأخذ منحى آخر، بل سيستمر في ملاحقة كل الذين لا يحوذون على شروط سلامة الغذاء وبالتالي سلامة المواطن.

وهل من قرار سياسي يغطي العمل الوزاري؟ أجاب: “طبعا ولولا التغطية لما جرى تأليف اللجنة الوزارية. فهي لم تؤلف للحد من الموضوع، بل لإعطائه كل مستلزماته على مستويات قضائية واقتصادية وصحية وبيئية وادارية. انا راض حتى النهاية، وما يجري ليس فيه تجاوز للحدود”.
ويتشعّب الموضوع فيتصل بملف النفايات الذي لم يبصر القرار النور في مجلس الوزراء، فهل هو عالق؟ اجاب: “ان شاء الله لا انه يتحلحل الآن، وقد اتخذنا اجراءات تضمن أن يكون الملف على طريق المعالجة النهائية”. أيعني ذلك اننا سنراه قريبا في مجلس الوزراء قال: “ان شاء هذا الاسبوع أو في الاسبوعين المقبلين. وقد تم وضعه على جدول الاعمال، وقبل آخر السنة يجب أن نكون قد انجزناه، ولا خيار أمامنا غير الحل لملف النفايات”.
وكيف قرأ تصعيد صديقه النائب جنبلاط على هذا المستوى اجاب: “ما يقوله الاستاذ جنبلاط لم يأت من فراغ، بل من معاناة، ويعبر عنها لتوعية الجميع على المخاطر التي يمكن ان تتأتى اذا لم نتوصل الى حل. وان شاء الله خيرا. فالجهود تبذل وتصور الحل اجتاز شوطا كبيرا والتركيز الآن على الآلية التي يجب أن تعتمد، ان على مستوى جمع النفايات وكنسها ولمّها أو على مستوى المعالجة بأنواعها كافة”.

دو فريج
بعد سلام كان الحوار مع دو فريج: “انت آت من عالم الصناعات الغذائية، فهل انت راض عن مجرى الامور في ما يتعلق بسلامة الغذاء؟ اجاب: “انا قبل كل شيء راض بأن تستمر المراقبة لكنني أخشى ان تكون مرحلية، فيمر شهر وتتلاشى. يجب ايجاد آلية. واظن ان اللجنة الوزارية تعمل على ذلك، وآمل ان يصوت مجلس النواب على قانون سلامة الغذاء، أي اقتراح قانون باسل فليحان الذي شاركت معه في إعداده، وقد بلغ الآن عمر الاقتراح 12 عاما وهو اليوم جامد لأسباب سياسية، وبالتالي فان سلامة الغذاء باتت مسيّسة في لبنان. وآمل أن يتجاوز السياسيون هذا الحاجز، فيفكروا في سلامة الغذاء وفي المواطن وفي انفسهم وما يأكلونه، ويصادقوا على القانون وآلياته التطبيقية التي توفر استمرارية المراقبة بواسطة اجهزة متخصصة في القطاع الخاص، والتي تقوم بالفحوص اللازمة في كل المسائل المتعلقة بسلامة الغذاء. إذاً، القضية متكاملة: فهناك الصناعة وهناك الاقتصاد التي تضم مصلحة حماية المستهلك، وهناك وزارة الصحة وغيرها من الوزارات والهيئات المعنية. لكنّ المشكلة هي أن نأتي بعد سنوات فنقول إننا قمنا بالدهم ثم نخلد بعد ذلك الى النوم. المهم هو الاستمرارية. رحم الله باسل، فقد عمل كثيراً على إخراج القانون الى حيّز الوجود بالتعاون مع خبراء لبنانيين وأجانب، وأخذ في الاعتبار تجارب دول أخرى نجحت في تأمين سلامة الغذاء، فأدخلها في صلب القانون. ونلفت الى أن كل الجوانب التقنية في القانون ليست موضع خلاف، بل الخلاف هو على إنشاء الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء التي يترأسها رئيس الحكومة وتضم كل المعنيين، والدستور اللبناني يضع ضمن صلاحيات رئيس الحكومة التنسيق بين الوزارات. لذلك عندما تكون هناك أكثر من وزارة معنية فيجب أن يكون هناك تنسيق في ما بينها، ومن الطبيعي أن تقوم بهذا الأمر رئاسة الحكومة انطلاقاً من صلاحياتها الدستورية. غير أن هذا الجانب هو من عرقل القانون، وحجة المعرقلين هي: لماذا تضعون الموضوع عند رئيس الحكومة؟ فصار كل وزير معني يقول لماذا لا تكون الصلاحيات عندي؟ وهكذا، ما زلنا جامدين منذ 12 عاماً. الأمر خطير ومعيب، والضرر يقع على المواطن، والمسؤولون عن التعطيل يقولون إنه إذا تم انشاء الهيئة الوطنية فسنقفل الوزارات!” وأوضح “أن اللجنة الوزارية مرحلية الى أن يصدر القانون عبر مجلس النواب. وستكون له مراسيم تطبيقية تصدر عن مجلس الوزراء، وبالتالي فإن عمل اللجنة الوزارية حالياً تأمين استمرارية المراقبة”.

حكيم
ثم كان الحوار مع وزير الاقتصاد: هل بين وزارتك ووزارة الصحة تنافس، والمثال ما يتعلق بموضوع اللبنة؟ أجاب: “التنسيق كامل، كما أن هناك تكاملاً بين وزارتي الصحة والاقتصاد. على رأس الانتاج هناك وزارتا الصناعة والزراعة. وفي الاستهلاك عند نقاط البيع تقع وزارات السياحة والاقتصاد والصحة. وللصحة حق الاطلاع على الاستهلاك والتوزيع وصولاً الى التصنيع. ومن ناحية اللبنة، الموضوع ليس آنياً ولم يظهر بعد حملة الوزير أبو فاعور، بل ظهر في إطار العمل الروتيني لوزارة الاقتصاد. ربما لم تكن وزارة الصحة تقوم بواجباتها من قبل، لكنها اليوم ارتأت تحت مسؤولية الوزير أبو فاعور أن لديها مراقبين، ففعّل الوزير المراقبة. أما في وزارة الاقتصاد فالمراقبون موجودون، وهم يلاحقون يومياً 60 الى 70 ملفاً، فإذا كانت المخالفة مهمة جداً وتشكل خطراً على الصحة العامة يتم الكشف عنها إعلامياً. أما إذا كان حجمها ليس كبيراً ونوعيتها ليست مهمة فلا يجري الإعلان عنها، بل يتم تحويلها الى النيابة العامة لملاحقتها قضائياً”.
ورداً على سؤال قال: “أنا ضد كل ضجيج إعلامي في هذا الشأن. فأنا مع الملاحقة والآلية وتعقّب المخالفات وإحالة مرتكبيها على القضاء. قد يساهم الإعلام في مرحلة ما في تسليط الضوء على مشكلة موجودة، ولكن أطمئن اللبنانيين دائماً الى أن لا مشكلة دائمة عندنا في جميع نقاط البيع، بل هناك مشاكل في بعض المحال بسبب سوء آلية المراقبة وغياب بعض الوزارات المعنية، مما سمح بعمل الوزارات الآن بتوجّه واحد تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء لتأمين سلامة الغذاء حتى نتوصل الى إقرار قانون، وأنا منذ أن أصبحت وزيراً رحت أطالب بإقرار قانون باسل فليحان، لكن التناقضات بين المعنيين وتنافسهم تؤخّر الإقرار. وآمل أن يؤدي ما حصل الى دفع مجلس النواب الى تشريع القانون”.
وماذا عن تشويه سمعة المؤسسات اذا ما تبيّن أنها بريئة مما ينسب إليها؟ أجاب: “في أوروبا والعالم عندما تكون هناك ملاحقة قضائية وإقفال بالشمع الأحمر لا يصل ذلك الى الاعلام، اذ لا أحد يتحدث عن واجباته التي يقوم بها. وأنا ضد الكلام الاعلامي… أتكلم على ذلك يومياً. واليوم نحن متضامنون حول دولة الرئيس وتوجهه لتوفير سلامة الغذاء. ربما يطبّق كل وزير إجراءاته حسبما يرى إعلامياً. لكنني غير مؤمن بما يجري إعلامياً، لأنه يضر بلبنان وصورته السياحية والاقتصادية ومؤسساته المحترمة جداً”.

السابق
الحكومة تلملم تناقضاتها كنز الدليمي: أسرار أمنية واتصالات عابرة للحدود
التالي
قهوجي: سنهزمهم مهما ضحّينا.. قرائن ورسالة تُثبت هوية مطلقة البغدادي