رسالة إلى مخابرات الجيش: أوقفوا القهر والاستبداد

مخابرات الجيش
ما الهدف من حملة الاعتقالات التي تنفذها مخابرات الجيش؟ بحق مواطنين لبنانيين في مدن وقرى وبلدات لبنانية محدّدة، بسبب وشايات او تقارير مشبوه من وضعها حتى لا نقول مشبوه من ينفذها. ولماذا تتم هذه الاعتقالات وما الهدف منها. خصوصا أنّ المنطقة العربية والإسلامية تمر في مرحلة تسعى خلالها شعوب المنطقة إلى التخلص من حكم العسكر وظلم الطغاة، وهنا نجد من يحاول العودة به إلى الوراء إلى عهد الظلمات وترسيخ الظلم والقهر والاستبداد وحكم الميليشيات المسلحة بالحقد قبل السلاح..

منذ فترة تقوم مخابرات الجيش اللبناني بحملة مداهمات واعتقالات بحق مواطنين لبنانيين في مدن وقرى وبلدات لبنانية محدّدة، بسبب وشايات او تقارير مشبوه من وضعها حتى لا نقول مشبوه من ينفذها. وتطال هذه الاعتقالات، التي لم تنته فصولاً لا كمّا ولا كيفاً بعد، ولم تتوقف حتى الساعة، عدداً من الشبّان بتهم نقرأ عنها فقط في الصحافة التي يرعاها حزب الله ومن معه ومن يرعاهم جميعاً. ثم تنتشر كالنار في الهشيم في الصحافة المرئية (التلفزيونات) ووكالات الانباء والاخبار ووسائل الاتصال الاجتماعي.
تتضمن هذه الاخبار، كما تنشر اكتشافات مذهلة واعترافات خطيرة، ويسجل حينها للجيش اللبناني ومخابراته الرهيبة انتصارت وبطولات عظيمة. لكن بعد ايام يتم الافراج عن هؤلاء الشباب الواحد تلو الآخر دون توجيه تهم او اثبات شيء مما سبق ان نشر في هذه الصحافة المرتبطة والمصرة على تدمير العيش المشترك والسلم الاهلي والاستقرار الوطني. إلى جانب من يسرب لها او يفبرك لوسائلها الاخبار الكاذبة والوشايات والتقارير غير الصحيحة التي تسيء الى وطن وشعب وامة وشباب وعائلات وجماعات ومدن وقرى وجمعيات واصدقاء وأصحاب ونساء وزوجات وأطفال.
فلماذا تتم هذه الاعتقالات وما الهدف منها، خصوصا أنّ المنطقة العربية والإسلامية تمر في مرحلة صعبة وخطيرة وتخوض صراعات مصيرية وحاسمة. وفي حين تسعى شعوب المنطقة إلى التخلص من حكم العسكر وظلم الطغاة نجد من يحاول العودة به إلى الوراء إلى عهد الظلمات وترسيخ الظلم والقهر والاستبداد وحكم الميليشيات المسلحة بالحقد قبل السلاح وبالعنف لا بالمفاهيم الوطنية.
من هنا يبدو انّ هناك من يريد او يخشى من تراكم حالة من الغضب لدى فريق من اللبنانيين على تجاهل الدولة اللبنانية وجيشها ومؤسساتها الأمنية تدخل حزب الله في سورية واستهتاره بالقوانين وتجاوزه للأعراف قبل القوانين وتحكمه بمفاصل الدولة ومؤسساتها بما يخدم مشروعه لا مشروع الوطن واهدافه لا اهداف الشعب برمته. فيتم اعتقال واستهداف مجموعات وجمعيات وشباب معينة وفي بيئة محددة لترهيبهم وزرع الرعب في قلوبهم ومحاولة الحصول على معلومات قد تفيد الفريق الإيراني في لبنان ضمن حربه المفتوحة على العالم العربي والإسلامي.
خلاصة القول انّ فريقا لبنانيا يحقّ له ان يمارس الموبقات بسلاحه، وفريق آخر لا يحق له حتى ان يتنفس بحرية. أي بالأحرى الهدف هو إبقاء الساحة اللبنانية ناشطة بكل اشكال الفوضى والفلتان. وجريمة بلدة “بتدعي” في دير الأحمر لم تنته فصولاً. واخرى في حالة ترهيب وتخويف واستهداف بشكل رسمي وتنفيذاً للاتفاقات الدولية التحالفات الدولية، أو التحاقاً بها وبمضمونها.
بعد الخسائر الفادحة في سوريا وتورطه في حرب العراق …. فقد “أكدت قناة «المنار» التابعة لـ”حزب الله” في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني ان قائد فيلق القدس الايراني الجنرال قاسم سليماني قاد شخصياً معارك ضد تنظيم «داعش» في العراق برفقة خبراء عسكريين ايرانيين ولبنانيين”. فهل تحركت النيابة العامة؟ هل تحركت مخابرات الجيش ؟ بالطبع لا.
توسعت مهمات حزب الله وكثرة الجبهات التي يقاتل علها والتي يبدو انها تتزايد باستمرار (سورية، العراق، اليمن، وقريباً افغانستان..) حتى بات جمهوره غير كافٍ لتغطيتها. لذلك فإنّ جمهور حزب الله وفريقه يعيشون في حالة خوف وقلق من المستقبل الغامض والقاتم. وانتشار السلاح والحواجز في مناطق بيئة حزب الله الحاضنة هو علني ومشهود من قبل المواطنين العاديين دون ان تحرك مخابرات الجيش وقيادة الجيش ساكناً.
كأنّ المواطن اللبناني قد تُرِكَ لمصيره، والبيانات والاعلانات التي تنشر وتوزع عن قوة الجيش ودوره ووطنيته لا تفيد ولا تطمئن احداً يا قيادة الجيش. لأن لا توازن في الأداء والتعاطي والسلوك. لذلك فإن تحركات مخابرات الجيش في البيئات الرافضة لدور وسلوك ومهمات حزب الله في العراق وسورية وغيرها، وحتى داخل لبنان، هي فقط لطمأنة هذا الجمهور على حساب جمهور آخر، وللتخفيف عن قيادة حزب الله التي لم تعد تتحمل مواجهات إضافية وفتح جبهات جديدة في محيطها العربي فكيف في الداخل اللبناني.
ما هي ملاحظاتنا على هذه الاعتقالات والتي نوجهها مباشرة إلى قيادة الجيش والمخابرات في الجيش اللبناني؟
– اعتقال الشباب دون الاستناد إلى ادلة دامغة تسوّغ الاعتقال، بل بناء على وشاية او شبهة، ودون وجود مذكرات توقيف رسمية صادرة عن جهات قضائية ودون اصطحاب مخاتير لتنفيذ الاعتقال

اعتقال

– يتم الاعتقال دون مراعاة حرمة البيوت وقدسيتها ودون تقدير التأثير السلبي على نفسية ومستقبل الاطفال الذين يتم اعتقال شقيقهم او والدهم بهذه الطريقة التعسفية الخطيرة والتي تذكرنا بعصورٍ غابرة وسلوكيات مرفوضة وممجوجة

– تسريب خبر الاعتقال واسبابه ودوافعه عبر صحافة محددة بعينها ووسائل إعلام مرتبط بمشروع حزب الله – الفارسي، ما يعطي انطباع بان هذا الاعتقال إنما يتم خدمةً لهذا المشروع. وإلا لأصدرت قيادة الجيش ومخابراته بياناً رسميا بأسباب الاعتقال وموجباته وحيثياته ودوافعه. وهل هو احترازي او مبرر او بناءً على معطيات.

– بعد ايام يتم الافراج عن المعتقلين تباعاً، ويتبين ان ما نشرته هذه الوسائل بناءً على تسريبات تقول إنها من مصادر امنية ومرجعيات امنية غي صحيح مطلقاً. لكن لا يصدر اي بيان عن قيادة الجيش والمخابرات أي بيان توضيحي. فمن يعتذر من هؤلاء الشباب؟ ومن يقوم بالتعويض عليهم مادياً ومعنوياً بعد حملة التشهير الاعلامية والتعذيب النفسي والجسدي التي يتعرّضون لها من قبل مواطنين لبنانيين آخرين صدف انّهم يلبسون الزي الأمني الرسمي؟

– هل هذا يعطيهم الحقّ بتعذيب وضرب معتقل بسبب شبهة او وشاية؟ والتشهير به ثم الافراج عنه؟ ومن المسؤول ومن يتحمّل المسؤولية. هذا سؤال برسم قائد الجيش ومدير مخابراته. –

– وألا يجب معاقبة وعزل مدير المخابرات في المنطقة التي تم فيها الاعتقال لأسباب غير موجبة وغير صحيحة؟ بل مفبركة وتهدف للإساءة وقد تؤدي إلى فتنة وتشويه سمعة الجيش ودوره الوطني؟

– أما كان من المفروض بهذا المسؤول التأكد من معلوماته قبل القيام بأيّ تحرك؟

– ثم الا يجب على المؤسسة الأمنية الالتزام بأصول التوقيفات والاعتقالات؟

بتنا نعيش في ظل نظام امني بوليسي مخابراتي وهو مرفوض بالشكل والعنوان والمضمون. وما نراه ونعيشه ونعانيه هو ما يدفع الشباب إلى التطرف والتوجه إلى رفض ازدواجية التعاطي من قبل المؤسسات الأمنية. فإما أن نعيش في مساواة تامة، وإما أن نعيش في حالة خوف وقلق ورهبة وعدم اطمئنان على المستقبل.
وعلى قيادة الجيش الاعتذار من المواطنين الذين تم اعتقالهم دون سبب او مبرّر او بسبب وشاية صادرة عن جهاز غير رسمي وتم تنفيذها من قبل جهاز رسمي. ويجب عزل المتورّطين وإلا فإنّ هذا السلوك سوف يتكرّر والهوّة بين المواطن ومؤسسته الأمنية سوف يزيد اتساعها
نعرف أن لا أحد سوف يردّ أو يتجاوب، لكنّها كلمة الحق ويجب ان تقال.

· المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات

السابق
تقدم «الدولة الإسلاميّة» قرب مطار دير الزور
التالي
اليونيفل على الحدود السورية بموافقة حزب الله