داعش المقيمة فينا (2): في اليسار والماركسية والأديان

لا نستطيع أن ننكر، أيضًا، دور اليسار بنموذجيه الشائعين، الأيديولوجي والطائفي، في تهيئة التربة المناسبة لنمو التطرف. جميع الأديان، السماوية والأرضية، والأيديولوجيات كلها، أنتجت عبر التاريخ ظواهر داعشية. فالشيوعية، في هيئتها الداعشية، (ستالين) قتلت الملايين من مواطني الاتحاد السوفياتي السابق خلال فترة حكمها. والداعشية البعثية حدث ولا حرج، لم تقصر بحق مواطنيها، فاستخدمت الكيماوي في العراق ودمشق، ضد الكرد والعرب. والداعشية اليهودية أفعالها ماثلة للعيان في فلسطين منذ وعد بلفور، والداعشية المسيحية أنهكت أوروبا بالحروب الدينية،  

لا نستطيع أن ننكر، أيضًا، دور اليسار بنموذجيه الشائعين، الأيديولوجي والطائفي، في تهيئة التربة المناسبة لنمو التطرف. فقد أمضت هذه الأنماط من اليسار حياتها من فشلٍ إلى فشلٍ، غريبة وبعيدة من الناس، تنعم بشعارات وأيديولوجيات “قومية” و”شيوعية” و”ليبرالية” داعشية النهج والمظهر والقوام، ومارست، في محطاتٍ عديدة عبر التاريخ، السحل والذبح والنفي والقتل (ستالين، ماو، بول بوت) . هذه الأنماط تدفعها سذاجتها وسطحيتها، اليوم، نحو استلهام داعش بقصد الدخول في معركةٍ مع الإسلام والمسلمين، بدلًا من التفكير في أسباب فشلها في اطلاق نموذجها الإنساني العلماني الذي وعدت الناس به من جهة، والتفكير الجدّي بالتخلص من موروثات دكتاتورياتها، من جهة ثانية، والمساعدة في إطلاق نقاش حول كيفية القيام بإصلاح ديني، يبعد الدين فيه عن الدولة وحفظ حق الأشخاص بممارسته، دون فرضه على الدولة ومؤسساتها، كحاجة ضرورية وملازمة لأي تغيير سياسي حقيقي، من جهة ثالثة.

جميع الأديان، السماوية والأرضية، والأيديولوجيات كلها، أنتجت عبر التاريخ ظواهر داعشية. فالشيوعية، في هيئتها الداعشية، (ستالين) قتلت الملايين من مواطني الاتحاد السوفياتي السابق خلال فترة حكمها. والداعشية البعثية حدث ولا حرج، لم تقصر بحق مواطنيها، فاستخدمت الكيماوي في العراق ودمشق، ضد الكرد والعرب. والداعشية اليهودية أفعالها ماثلة للعيان في فلسطين منذ وعد بلفور، والداعشية المسيحية أنهكت أوروبا بالحروب الدينية، وبرفع رايات التكفير واتهامات الهرطقة المتبادلة منذ القرن الخامس للميلاد وحتى معاهدة ويستفاليا في عام 1648، وهكذا، فالداعشية جزء من تاريخ الجميع.

هي ليست النكبة الأولى بتاريخ الاسلام فباسم حماية المقدسات قُتًلَ الطبري، وصُلًبَ الحلاج، وحُبِسَ المعرّي، وسُفك دم ابن حيان، ونفي ابن المنمر، وحرقت كتب ابن رشد، والأصفهاني، وكفر الفارابي و الرازي وابن سينا والكندي، وذبح السهرودي وطبخت أوصال ابن المقفع في قدر، ثم شُويت أمامه ليأكل منها قبل أن يلفظ أنفاسه بأبشع أنواع التعذيب، وابن الجعد بن درهم مات مذبوحا، وعلقوا رأس أحمد بن نصر وداروا بها في الأزقة، وخنقوا لسان الدين بن الخطيب وحرقوا جثته، وكفروا ابن الفارض وطاردوه في كل مكان، ذلك كله باسم حماية المقدّسات!

ما يثير السخرية أن الأطراف التي ساهمت في توليد داعش اليوم، ترفع أصواتها متبرئة من هذا الوليد، وبطريقةٍ تعلن سلامتها هي ذاتها، وحصانة تفكيرها وممارساتها من النهج الداعشي في الحياة والسياسة، على الرغم من أنّها جميعها غارقة في وحل الداعشية. وهي تريد اليوم، سرًّا أو علنًا، أن تتحالف ضدّ مولودها الشرعي، ومن ثم تتابع حياتها الداعشية ذاتها، وإنتاج الدواعش تلو الدواعش إلى أبد الآبدين، وكلها تنظر إلى نفسها على أنها “باقية”، كالشعار البعثي “إلى الأبد.. إلى الأبد”! يسقط جميع الداعشيين من كل لون وملة.. إلى الأبد!

قَفلُ باب الاجتهاد ادخل داعش الى ديارنا ووضع الاسلام في قوقعة، على رجال الدين البحث في تحريم كلّ من الشرائع التالية: الرجم، الجلد، الصلب، الذبح، السبي، الجزية، الردة، الاسترقاق (بكافة مستوياته)، “ملكات اليمين”. وذلك بوصفها مفاهيم تنتهك حقوق الإنسان، ولا تتناسب مع قيم عصرنا. وتشريع بعضها أتى بسياق تاريخي معين انقضى، اذا استطعنا البحث بتلك النقاط حينها نعود لعصور التنوير… عصر المأمون وهارون الرشيد والأندلس، داعش ليست حالة طارئة هي نتاج ثقافة الانغلاق وسياسات الاستبداد الي زرعت في منطقتنا، التخلّص منها يكون بالثورة الفكرية وليس بضربات جوية.

السابق
بدء جلسة مجلس الوزراء في السراي
التالي
نقاط ساخنة على الحدود السورية ــ اللبنانية