المؤتمرات الدينية: مواجهة التطرف تتطلب توفير العدل

قاسم قصير

تتنقل المؤتمرات الفكرية والدينية والسياسية بين العواصم العربية والاسلامية وصولا لبعض العواصم الدولية وكلها تنعقد تحت عنوان : مواجهة التطرف والعنف او التصدي للتكفير و”الارهاب” والدعوة للحوار وقبول الاخر واقامة دولة المواطنة.

فبعد المؤتمر الذي عقد في تركيا في شهر تموز الماضي وتم على ضوئه اطلاق ” مبادرة علماء الاسلام الى تبني السلم والاعتدال والحس السليم”  وتم تشكيل لجنة مبادرة المساعي الحميدة ، شهدت ايران في الاسبوع الماضي انعقاد مؤتمر عالمي تحت عنوان : مواجهة التيارات التكفيرية وحضره عدد كبير من العلماء المسلمين ودعا المؤتمر لاقامة مجمع عالمي لعلماء المسلمين والدعوة للدفاع عن الاسلام ومواجهة محاولات تشويه صورة الاسلام والمسلمين، كما انعقد في فيينا وبدعوة من المركز العالمي لحوار الاديان المدعوم من السعودية مؤتمراً حاشداً لبحث كيفية مواجهة التطرف ودعم الاعتدال، وفي لبنان وبدعوة من مؤسسة اديان والجامعة اللبنانية والاميركية وبدعم من عدد من المؤسسات الدولية انعقد مؤتمر تحت عنوان: “الاديان والقيم السياسية ” بحضور حشد من الباحثين العرب والاجانب وجرى خلاله بحث ما يجري في العالم العربي والاسلامي وعلى الصعيد العالمي من انتشار للتطرف والعنف وتم التركيز على كيفية تعزيز القيم السياسية والروحية والخطر الذي يمثله تنظيم داعش اليوم على العالم، كما تشهد العاصمة المصرية (القاهرة) في هذين اليومين مؤتمر عالمي بدعوة من الازهر الشريف وبحضور مئات رجال الدين من 130 دولة والهدف حسب المشرفين على المؤتمر مواجهة العنف والتطرف و”الارهاب”.

اذن نحن امام “ورشة شبه عالمية” ومتنقلة بين عواصم العالم من اجل  مواجهة التطرف والعنف والتعاون من اجل دعم الحوار ودولة المواطنة، لكن فيما تنعقد هذه المؤتمرات، وخصوصا في بعض العواصم العربية ،نشهد ايضا المزيد من القتل الجماعي والظلم وارهاب الدولة وتعميق الديكتاتورية عبر اعتقال المواطنين وارهابهم او قتلهم ،كما تنعدم اسس دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية ويزداد الظلم والقهر.

ان كل المبادرات العلمائية والدينية والسياسية والفكرية لمواجهة التطرف والعنف لن تنجح في تحقيق اهدافها طالما ان الظلم والقهر يسود العالم  وفي ظل غياب الديمقراطية والتنمية والعدالة وفي ظل انتشار الفساد والقتل وارهاب الدول.

فكيف يمكن ان نقنع الشباب والنساء في اية دولة عربية او اسلامية بعدم الانخراط في منظمات التطرف او اللجوء الى العنف طالما ان هؤلاء يتعرضون للقهر والظلم ويتم زجهم في السجون لانهم يطالبون بحقوقهم السياسية والانسانية وبالعدالة والتنمية والديمقراطية؟.

نحن اذن امام معادلة بسيطة وغير معقدة: الظلم والقهر وغياب الديمقراطية والعدالة= العنف والتطرف وبروز المنظمات المتطرفة.

والعكس صحيح فان سيادة العدالة والديمقراطية والتنمية ووقف القتل وارهاب الدولة يؤدي الى سيادة الاستقرار والامان والحوار وبذلك نستعيد الشباب من براثن المنظمات المتطرفة.

ومن هنا يجب ان بدأ : اي بمعالجة الازمات السياسية التي تواجهها دول المنطقة وبالاسراع بوقف الصراعات السياسية والعسكرية ووقف قتل المواطنين وارهابهم والتضييق عليهم ، وباقامة دول العدل والديمقراطية والتنمية، وان اي مبادرة علمائية او سياسية او فكرية لن تحقق اية نتيجة عملية في ظل استمرار الظلم في المنطقة.

وعلى ضوء ذلك تقع مسؤولية العالم اجمع وخصوصا الدول العربية والاسلامية بالاسراع بوقف هذا الانهيار السياسي والعسكري والأمني في المنطقة واذا تحقق ذلك ننجح بوقف التطرف والعنف ولا سبيل الا هذا الطريق.

السابق
قهوجي: سنهزمهم مهما ضحّينا.. قرائن ورسالة تُثبت هوية مطلقة البغدادي
التالي
الحريري يحسم: نادر إلى الحوار بلا السنيورة