الحكومة اللبنانية و«أوراق القوّة»: نساء الخاطفين بين أيدينا

بين التأكيد والنفي يبقى لغز "زوجة زعيم داعش" بيد السلطات اللبنانية العسكرية وسط تناقض في المعلومات، ولكن ماذا لو لم تكن سجى الدليمي السيدة الأولى لداعش؟ وهل أصبحت كلّ إمرأة سورية هدفاً لإستخبارات الجيش اللبناني؟ وما الفائدة إذا تسبّبت العملية في سقوط شهداء للجيش مجدّداً؟ هل تحرير أسير يستدعي قتل اثنين؟ وهل بدأت سياسة "نساؤكم في قبضتنا"؟

بعدما تعثرت المفاوضات في ملف العسكريين المخطوفين وقعت “الزوجة الأولى في داعش” بقبضة السلطات اللبنانية. وهو إنجاز جديد أضيف لصالح الحكومة اللبنانية في هذا الملفّ المعقّد. لعلّ هذه الزوجة تصبح ورقة قوّة جديدة في يد الحكومة اللبنانية بمفاوضاتها مع خاطفي جنود الجيش اللبناني في جرود عرسال. ولعلّها تكون أوراق القوة التي تحدث عنها وزير الداخلية نهاد المشنوق .

رافقت عملية توقيف سجى الدليمي، المشكوك في أنّها إحدى زوجات زعيم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام “داعش” أبو بكر البغدادي،  سيناريوهات عديدة.  وكانت مصادر قضائية أكدت أن المرأة التي أوقفها حاجز للجيش اللبناني في منطقة الشمال منذ 10 أيام هي فعلا إحدى زوجات البغدادي، مع ابنها الذي لا يتجاوز الـ10 سنوات. ونشر في الإعلام أنّ المرأة اعترفت بذلك، مؤكدة أنها سجى الدليمي التي كان أُفرج عنها من السجون السورية في 9 آذار الماضي في إطار الصفقة التي أدت إلى الإفراج عن راهبات معلولا من قبل «جبهة النصرة».

الا ان مصادر قيادية مسؤولة في الجيش اللبناني قالت لصحيفة «الراي» الكويتية إنّ «سجى لم تكن زوجة للبغدادي سابقاً وانها أوقفت على حاجز المدفون وهي تحمل هوية لبنانية مزورة وبصحبتها اولادها الثلاثة وقد اقتيدت الى وزارة الدفاع للتحقيق معها، وهي تتعامل بخشونة مع المحققين الذين يحاولون التكلم معها منذ سجنها”.

وبحسب “الراي” أقرّت سجى الدليمي أنّها تزوّجت من فلسطيني كان يقاتل مع فتح الاسلام وهي حامل منه وأنّ أخيها يقاتل مع تنظيم الدولة الإسلامية وانها هي نفسها التي طلبت جبهة النصرة مبادلتها مع راهبات معلولة في مارس الماضي وتزوجت عدة مرات متتالية من أزواج قضى غالبيتهم أثناء القتال في سورية والعراق، وكان أحد أزواجها سامرائي (من سامراء) كما هو حال زعيم تنظيم داعش، فالتبس الأمر على المحققين بأنها زوجة البغدادي، إلا أن التحقيق لا يزال جارياً معها حتى الآن.

في المقابل أكد مصدر في الجيش اللبناني «أنّ الجيش أجرى فحص دي أن أي للبنت التي كانت مع الدليمي (تدعى هاجر)، وطابقت الفحوص مع والدها ابو بكر البغدادي الذي كان معتقلاً لدى السلطات الأميركية في العراق». في تناقض مع تقارير سابقة قالت إنها كانت تتنقل برفقة أحد أبنائها.. وقال المصدر إن التحقيق جار الآن بإشراف القضاء، وهو يتركز على معرفة دورها في أي عمليات تجنيد عناصر للتنظيم المتطرف أو إنشاء خلايا في لبنان.

أما في خصوص المرأة الثانية الموقوفة، فإنّ المصادر القضائية أكدت لجريدة “الحياة” أنّ المخابرات أبلغت القضاء أنّ المعلومات التي استقتها تفيد بأنها زوجة أنس شركس وهو من مسؤولي «النصرة»، وأن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر ينتظر تسلّمها من مديرية المخابرات للتحقيق معها. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، أن زوجة شركس أوقفت في بلدة زغرتا الشمالية مع شقيقها ويدعى راكان.

ولم تستبعد مصادر عسكرية أن يكون تسلل عناصر «النصرة» إلى جرود بلدة رأس بعلبك ونصبهم كميناً لمجموعة من الجيش، جاء كردّ فعل على نجاح الجانب اللبناني في توقيف العديد من الرموز التابعة لـ«داعش» و «النصرة» في الآونة الأخيرة. الكمين الذي  أسفر عن سقوط 6 شهداء وجريح للجيش اللبناني بينهم ضابط مساء أمس في جرود بلدة رأس بعلبك البقاعية الحدودية مع سورية .

بين التأكيد والنفي يبقى اللغز بيد السلطات اللبنانية العسكرية وسط تناقض في المعلومات، ولكن ماذا لو لم تكن الدليمي السيدة الأولى لداعش؟ وهل أصبحت كلّ امرأة سورية هدفاً لإستخبارات الجيش اللبناني؟ وما الفائدة إذا تسبّبت العملية في سقوط شهداء للجيش مجدّداً؟ هل تحرير أسير يستدعي قتل اثنين؟ وهل بدأت سياسة “نساؤكم في قبضتنا”؟

خصوصاً أنّ معظم زوجات المقاتلين السوريين إلى جانب “داعش” و”النصرة” يسكنّ في مناطق آمنة بين لبنان وسورية والأردن وتركيا. وبالتالي فإنّ هذه سبحة إذا كرّت قد لا تتوقّف، وقد تكون هي السبب في مقتل العشرات من مقاتلي “حزب الله” وجنود الجيش اللبناني خلال الأيام القليلة الماضية.

السابق
ذكريات مع سعيد عقل: أفول حلم الأمّة اللبنانية
التالي
جنى المطر توّقع «حياة في منتصف الموت»