الحسيني: كل مشروع على قياس من قدّمه لأنهم خائفون على مطامعهم

اليوم تعقد لجنة الاتصال النيابية اجتماعاً جديداً ولا يعني ذلك تقدماً في مجال وضع قانون انتخاب جديد، لاستمرار الخلافات بين أعضاء اللجنة. “طبخة البحص” هذه، كما يحلو لبعضهم تسميتها، لن تتوصل الى أي شيء. فبين مشروع القانون المختلط الذي قدّمه النائب علي بزي باسم كتلة “التنمية والتحرير” ومشروع القانون الذي قدّمه “تيار المستقبل” وحزب”القوات اللبنانية” والحزب التقدمي الاشتراكي، وبين طلب ممثل “التيار الوطني الحر” تفسير المادة 24 من الدستور واعتراضه مع ممثل الكتائب على المشروعين المطروحين… ستضيع آمال اللبنانيين بوضع قانون انتخاب جديد يحقق العدالة والمساواة.

في رأي الرئيس حسين الحسيني أن أفضل نظام هو النسبي على اساس المحافظة على ما نصت وثيقة الوفاق الوطني. ويصف اجتماعات اللجنة بأنها للمكابرة، “فكل طرف يكابر على نفسه. وكل مشروع مقدم على قياس من قدّمه لأنهم خائفون على مطامعهم. والجميع يعرف ان اللجنة لن تخرج بقانون يحقق المساواة، كما ورد في وثيقة الوفاق الوطني، فلبنان وطن حرّ ونهائي لجميع أبنائه وليس لجميع طوائفه اي كل مواطن شريك في الميثاق الوطني”.
يحلو للرئيس الحسيني تشبيه الاجتماعات بمسرحية “ناطورة المفاتيح” للأخوين رحباني.
وأهمية الدستور عنده أنه يحمي الصيغة اللبنانية التي تتضمن صيغة العيش المشترك بين اللبنانيين. وأحكام الدستور هي التي تحمي هذا العيش المشترك بما تشكّل من ضمانات متبادلة بين اللبنانيين توفّر خضوع اللبنانيين جميعاً لسيادة القانون.
لكن ما الضمانات المتبادلة؟ يؤكد ان أبرزها قانون انتخاب يحقق المساواة لأن الشعب هو مصدر السلطة ويشترط فيه ان يحقق 4 عوامل: تأمين صحة التمثيل السياسي لكل فئات الشعب وأجياله، وفاعلية التمثيل. كل ذلك في اطار وحدة لبنان أرضاً وشعباً ومؤسسات.
بعد ذلك، تكون لدينا هيئة شرعية تنبثق من الشعب وتسنّ القوانين عنه، فبعد انتخاب مجلس النواب، يتمّ انتخاب رئيس الجمهورية ثم تؤلف حكومة وتأخذ الثقة من مجلس النواب وعند ذلك نكون في نظام ديموقراطي برلماني كما نص الدستور.
ويشدد الحسيني على ان ثمة قوانين عدة ومهمة يجب وضعها والى اليوم لم تر النور: “الأول، قانون تحديد آلية عمل رئاسة الجمهورية. الثاني، آلية عمل مجلس الوزراء، اذ ان المادة 65 تقول ان مجلس الوزراء يجتمع دورياً في مقرّ خاص ويأخذ قراراته والقانون يفصّل كل القرارات، فعندما تصدر بقانون يصبح ملزماً لأنه جزء تطبيقي للدستور. الثالث قانون تحقيق السلطة القضائية المستقلة التي تنبثق منها الهيئات القضائية كلها بما في ذلك المجلس الدستوري والمجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء ومجلس الشورى وديوان المحاسبة، وذلك بهدف المراقبة والمساءلة. وعلى هذه السلطات أن تكون مستقلة ولا تخضع لسلطة أحد كي تتخذ قرارات صحيحة. الرابع قانون الدفاع الوطني وينبثق منه قانون المؤسسات التي تدخل ضمن موضوع الأمن والاستقرار.
الخامس هو اللامركزية الادارية وهو مهم جداً لان وثيقة الوفاق الوطني تنص على وضع خطة تنمية شاملة تحقق الانماء المتوازن، وهنا يتبلور معنى العيش المشترك”.
لا يتطرق الحسيني في التفصيل الى التمديدين لمجلس النواب، لكنه يقول “ان مجلس النواب منذ انتخابه بما في ذلك مرحلة التمديدين، لم يأخذ شرعية، بمعنى انه قانوني لكنه غير دستوري، لأن القانون الذي على أساسه حصلت عملية الانتخاب يناقض الدستور وتحديداً المادة 24 منه، كذلك الامر بالنسبة الى مجلسي 2000 و2005.
أما عن الحالة الاستثنائية (عدم وجود أمن واستقرار) التي تحجّجوا بها لعدم اجراء الانتخابات فهم أوجدوها. فالحالة الاستثنائية شرطها الاساس ان تكون قاهرة او طارئة وخارج ارادة من يتحجج بها، لذا لا يمكن اعتبار حالة استثنائية عمل أوجدها اصحاب القانون أو من يطالبون بعدم اجراء الانتخابات”.
اذاً، يرى الحسيني ان القوانين هذه أنتجت مجالس قانونية لكنها غير دستورية وغير شرعية. هذا المجلس هو مجلس واقعي ولديه صلاحية وحيدة ان يضع قانون انتخاب دستورياً، بما يشكّل خطوة في سبيل اعادة الشرعية. ويكمن تصحيح الخلل، وفق الرئيس الحسيني في تصحيح التمثيل النيابي وفقاً للدستور. “بعد الطائف كان يجب علينا وضع حصانة لبلدنا لإقامة الدولة، فتعرّضنا لأربع ضربات قاتلة: الاولى، القرار 1559 الذي هو ضد اتفاق الطائف، اذ جعل حل أزمة لبنان مرتبطاً بحل أزمة المنطقة. وبالتالي يعفي الدول الكبرى من مسؤوليتها عن استمرار الاحتلال الاسرائيلي، كما طالبوا سوريا بالانسحاب الفوري من لبنان، من دون العودة الى ما ورد في الطائف لناحية الحرص على العلاقات المميزة في اطار السيادة والاستقلال للبلدين وكما نصت معاهدة الأخوة والتنسيق. كما ان سوريا أعفت نفسها من كل الالتزامات الواردة.
الضربة الثانية هي اغتيال الرئيس رفيق الحريري من اجل افتعال فتنة بالقوة، وما زالت ارتداداتها الى اليوم.
الضربة الثالثة هي تلافي الضربة الثانية عبر خطأ مماثل اذ شكلوا “التحالف الرباعي” في انتخابات 2005 بين “حزب الله” والرئيس نبيه بري من جهة والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط من جهة مما أظهر ان المسيحيين لا شركة لهم في القرار الوطني، وبالتالي ألغت الجهة الاسلامية الحياة السياسية في مناطقها وحصرت المنافسة في المناطق ذات الغالبية المسيحية، مما أخلّ بكل موازين القوى التي كانت سائدة والتي كانت ترجح الاعتدال اللبناني في كل الفئات. فأصبحنا ذاهبين الى اصطفاف طائفي وكل يجلس في متراس وثمة حذر شديد من الآخر، وهذا ضد طبيعة تكوين لبنان.
اما الضربة الرابعة فمهّدت لها الثالثة، وهي نقل النظام من نظام برلماني ديموقراطي يسوده العيش المشترك الى نظام المحاصصة التي تقضي على الحريات العامة وعلى المراقبة والمحاسبة”.
بالنسبة الى الحسيني ليس مصادفة انه منذ العام 2005 لا موازنة ولا مراقبة وثمة جباية للضرائب من دون قانون وإنفاق لأموال الناس العامة من دون قانون ولا مراقبة ولا محاسبة. وبالتالي هذه العملية هي سطو على الاموال العامة”.
يختم الحسيني بأن ثمة هوّة واسعة جداً اليوم بين المواطنين والطقم السياسي، ولا تعالج بالمسكنات، بل بخطة العمل التي فرضها الدستور، تبدأ بقانون انتخاب يحقق المساواة وتنتهي بكل القوانين التطبيقية.

 

 

السابق
منصور والمولوي في عين الحلوة: هل اقترب «تدمير صيدا»؟
التالي
تدابير امنية للجيش عند مداخل عين الحلوة