رسائل فلسطينية من معرض بيروت للكتاب

تميز معرض بيروت العربي والدولي للكتاب هذا العام بمشاركة مراكز دراسات وأبحاث ومؤسسات وجمعيات ومنظمات فلسطينية غير حكومية محلية وإقليمية ودولية، ساهمت في إضافات نوعية على المستوى الأكاديمي والثقافي والأدبي والفكري والسياسي..، لتشهد أجنحة المؤسسات المشاركة إقبالاً لافتاً من قبل الزوار على المستوى الشعبي والنخبوي والرسمي والدبلوماسي، عدا عن الزيارات من قبل المشاركين في المعرض من المؤسسات ودور النشر والدول العربية.

بمشاركة 235 من دور النشر اللبنانية والعربية وجامعات ومؤسسات ثقافية غير حكومية محلية وإقليمية ودولية وبرعاية وحضور رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام، تم إفتتاح معرض بيروت العربي والدولي للكتاب الثامن والخمسين يوم الجمعة 28/11/2014، ويستمر إلى 11/12/2014، هذا وينظم المعرض بشكل سنوي كل من “النادي الثقافي العربي” و”نقابة اتحاد الناشرين في لبنان”.

تتقاطع أهداف جميع المؤسسات الفلسطينية المشاركة بتوفير المزيد من التثقيف والتوعية والتوجيه والتعريف بالقضية الفلسطينية وبجميع مكوناتها؛ منذ أن وجدت هذه القضية على خريطة العالم حتى يومنا هذا، فتنوعت وتعددت المؤسسات المتخصصة في قضايا اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة والمخيمات والشتات الفلسطيني وأعمال التهويد وجدار الفصل العنصري والقدس والمستوطنات..، فمن مشاركة مركز الزيتونة للدراسات والإستشارات، إلى مؤسسة الشهيد غسان كنفاني، ومؤسسة القدس الدولية، ومركز العودة الفلسطيني – لندن، والحملة الدولية لمطالبة بريطانيا بالإعتذار عن وعد بلفور، ومؤسسة الدراسات الفلسطينية، والمشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية “هوية”، والحملة الدولية للحفاظ على الهوية الفلسطينية “إنتماء”، ومجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، ومنظمة “ثابت” لحق العودة، وسفارة دولة فلسطين، وأكاديمية دراسات اللاجئين، ودار العودة للنشر، ومشغل “جذور” وغيرها من المراكز ودور النشر التي يتقاطع عملها مع القضية الفلسطينية عموماً.. وجزء من تلك المؤسسات يشارك في المعرض للمرة الأولى.

شَكَّل هذا الحضور من الفسيفساء الفلسطيني المتنوع، رسالة غاية في الأهمية لمن يريد أن يلتقطها، بأن هذا الوعي الجمعي لفلسطين شعباً وثقافةً وحضارةً وتاريخاً وقضية، يمثل حالة إنعكاس فلسطيني عالمي جاء ليكرِّس عدالة وأحقية القضية الفلسطينية بروايتها الحقيقية، وليُكذب الرواية الصهيونية التي تدَّعي زوراً وبهتاناً بأن فلسطين كانت أرضاً بلا شعب استحقها شعب بلا أرض، فزوَّار الأجنحة لم يقتصر على العرب وحدهم، إنما تعداه للأجانب من الجنسيات المختلفة الباحثين عن المعرفة، وعن المزيد من المعلومات، فقد تضمنت إصدارات باللغة الإنكليزية والفرنسية بالإضافة إلى العربية وغيرها من اللغات.

رسالة مهمة كانت حاضرة بشكل خاص أمام الجمهور اللبناني الذي يتأثر وبشكلٍ نسبيّْ بما يتم تداوله عبر بعض وسائل الإعلام اللبنانية وغير اللبنانية عن أوضاع المخيمات الفلسطينية وعن ما يشاع من اتهامات باطلة بالبُؤر الأمنية وغيرها من الإتهامات التي لا تمت للحقيقة بصلة..، بأن “قبل أن تحكموا علينا كفلسطينيين عليكم أن تتعرفوا إلينا”، وإن لم تستطيعوا زيارتنا في مخيماتنا فبإمكانكم التعرف علينا من خلال مشاركاتنا وحضورنا الثقافي والحضاري والفكري والأدبي والسياسي سواء في معرض الكتاب، أو غيرها من المعارض والمحافل الثقافية الميدانية والالكترونية..

الملفت في المعرض هو إقبال الشباب وطلاب الجامعات على الأجنحة الفلسطينية من اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين وجنسيات أخرى عربية وغير عربية ومن طوائف ومذاهب مختلفة، وكانهم يريدوا ان يتأكدوا ويقارنوا بين ما يُسمع والحقيقة؛ تعرَّفوا على الآليات التي يستخدمها العدو الصهيوني في تهويد القدس والإعتداءات على الأقصى، وكيف يُغتصب الحق الفلسطيني أمام سمع وبصر المجتمع الدولي ولا يحرك ساكناً، تعرفوا على أن الفلسطيني عندما يطالب بحقوقه المشروعة في لبنان فهو لا يزاحم أحد، وأن أماكن اللجوء ليست سوى إقامة مؤقتة للفلسطينيين وأن البوصلة بالنسبة إليهم لم تنحرف ولا تزال باتجاه العودة إلى فلسطين. تعرفوا أن الفلسطيني في لبنان لا يريد التوطين، انما فقط يحتاج لأن يعيش بكرامة إلى حين العودة، تعرفوا على مأساة فلسطينيي سوريا ومعاناة الفلسطينيين المهجرين منهم في الدول العربية والغربية والشتات وفي أماكن اللجوء الثانية في الأردن ولبنان وغزة، وقَّعوا على بيان مطالبة بريطانيا بالإعتذار عن وعد بلفور، وأبدوا إستعدادهم كي يكونوا مندوبين وسفراء للحملة في جامعاتهم، شاهدوا زوار المعرض من فلسطينيي المخيمات والتجمعات الباحثين عن الكتاب وعن المزيد من المعرفة والثقافة، وأدانوا حملات التجريح والتشهير التي تشمل الفلسطينيين في لبنان، حَمَلوا معهم منشورات التعريف بالقضية الفلسطينية والهدايا المختلفة..، أخذوا بطاقات التعريف عن المؤسسات ودور النشر للمزيد من التعارف وبناء العلاقات والتواصل، استمعوا إلى لهجة الفلسطيني وتعرفوا على التراث الفلسطيني وعلى العادات والتقاليد التي لم تتغير على الرغم من مرور أكثر من 66 سنة هي عمر اللجوء…

يشكل المعرض منارة يستضاء فيها وسط الجهل والتُّهم الباطلة التي تُنسب للفلسطينيين من وهنا وهناك… أما لماذا التركيز على الشباب فلسبب بسيط؛ فهم جيل الغد الواعد الذي نتطلع أن يكون صاحب الدور الريادي في التعديل والتغيير والتطوير لما فيه مصلحة الشعب الفلسطينية والقضية الفلسطينية.

 

 

السابق
حملة للتبرع بالشعر في صيدا
التالي
ماذا في المعلومات السرية التي نشرتها «التلغراف»؟