صباح وذكريات لبنان الفن والجمال

حياة صاخبة مليئة بالنجومية والتألق عاشتها صباح، أيام كان لبنان عنوان الفن والجمال في الشرق، لقد كانت مالئة الدنيا وشاغلة الناس، والكل كان يترقب ويتساءل: ماذا سترتدي صباح في اطلالتها المقبلة؟

غابت صباح الشحرورة منذ سنوات عن جمهورها اللبناني والعربي قبل أن تغيب جسدياً، غيّبها العجز وخفت صوتها تدريجا حتى اختفى عن الساحة الفنية كلّيّاً.

طفولتنا مليئة بالحديث عن حياتها الصاخبة، من أطول “أوووف” في العتابا والميجانا، وحتى أخبار فساتينها وآخر زيجاتها.

من حفلة عيد الاستقلال عام 1974 عندما حضرت الى قصر بعبدا وغنّت للرئيس الراحل سليمان فرنجية “زأفة يا شباب لعيون سليمان والله… “، إلى فستانها الذي يشع أضواءً وكانت قد ظهرت به في إحدى حفلاتها الغنائيّة،فأصبح بعدها حديث الناس، لتظهر بعد ذلك دمى للأطفال عليها ثوب يشبه “فستان صباح يلي بيضوي”وأصبح لعبة البنات الصغيرات المفضلة.

وما أذكره وأنا طفل دون العشر سنوات ما ضجّت به الأخبار يومها من أن أحدهم واسمه  “عبدو” وهو اسم لقب شائع تقدّم بشكوى ضدّ المطربة صباح بسبب أغنيتها “عبدو عبيد عبيدو”، التي كانت تنتهي بـ” روح تجوز يا عبدو “، فقد أصبح عبدو موضع سخرية الحي وبعض الأصحاب المتنمرين، يغنون له المقطع الأول من الأغنية التي تتحدّث عن حبّ عبدو لـ”البصبصة على البنات”.

كما أذكر فيما أذكر زواج مطربة الشعب اللبناني الأولى صباح من المغترب الجنوبي الثري يوسف حمود الذي استمر ثلاث سنوات، وقد كانت تدلّعه بـ”جو ” بدل يوسف فأصبح إسم الدلع هو الغالب. وعندما فاز بالنيابة عام 1972 وكان متزوجا منها، قال من قال، بأن زواجه من صباح كان له أثر في تضاعف شعبيته فربح في الانتخابات.

ولما تقدّم يوسف حمود في السن واعتزل النيابة بعد انتخابات 1992 فإنني سمعت ما تناقلته الروايات عنه  بعد أن فقد ثروته أيضا فقال للشامتين : كنت أنا وصغير أذهب مع والدي إلى دار الطيّبة لرؤية النائب أحمد بك الأسعد زعيم الجنوب، فتقلّدت النيابة في البرلمان مدّة عشرين عاماً وبنيت قصراً في بلدتي جويّا أجمل من دار الطيبه، وكنت استمع الى الراديو لصوت صباح أظرف فنانة وأجمل صوت في لبنان والعالم العربي وأشتهي أن أراها ذات يوم، فتزوّجتها، ولذلك لم يعد يهمني من أمري شيئاً بعد أن حقّقت كل ما أحب في حياتي”!

الأحاديث كثيرة، وحكايا صباح أكثر، أيام كان لبنان عنوان الفن والجمال في الشرق،  لقد كانت مالئة الدنيا وشاغلة الناس، والكل كان يترقب ويتساءل: ماذا سترتدي صباح في اطلالتها المقبلة؟

اليوم تعود صباح “جانيت فغالي” لترتدي أجمل ثيابها، وتترك ذكراها الطيبة وصوتها الأصيل الحنون في وطن عجز عن مكافأتها، وستذهب إلى مكان اختارته بنفسها مليء بالحب والفرح كما كانت تشتهي وتحبّ دوماً علّها تجد الوفاء والإخلاص اللذين فقدتهما بيننا لتعود ضحكتها الشهيرة المبهجة إلى عهدها.

هنيئاً لكم أهل السماء فستصل إليكم نجمتنا المتألقة ” الصبوحة”، بتألّقها وصوتها الذي لا يشبهه أي صوت في العالم.

السابق
شهادات جورج شكور ومحمد حسن الأمين في شعر سعيد عقل
التالي
«نحو مشروع حضاري..» للشيخ محمد مهدي شمس الدين