2014 أخذ الفنانين.. وترك السياسيين

شهر واحد ونودّع عام 2014 لنستقبل عاماً جديداً، آملين أن يكون مليئ بالإستقرار والمحبة والحياة والأمان. بعكس ما مرّ على لبنان والوطن العربي طيلة هذا العام الذي بتنا ننتظر رحيله بفارغ الصبر، علّ وعسى أن تكون نهايته تحمل لنا نهاية لمآسينا، وتكون بداية 2015 بداية لتحقيق أهم أمنية لكل الوطن العربي «السلام» الذي نفتقده في أوطاننا منذ سنوات.
قلّة هي الأحداث التي أفرحتنا في وطننا العربي هذا العام، وربما لا تخطر في بالنا إن أردنا استحضارها من ذاكرتنا، لأن الآلام كانت أكبر بكثير. حروبٌ، قتلٌ، دمارٌ، ذبحٌ، موتٌ، كل هذا وأكثر مرّ علينا هذا العام.
حربٌ جديدة دمرت غزة  وأخذت معها أكثر من 2000 شهيداً أكثرهم من النساء والأطفال، إعتداء من قبل العدو على المسجد الأقصى واهالي القدس المحتلة.
استمرار الحرب السورية التي دمرت سورية وهجرت أهلها وقتلت أطفالها ونسائها، حرب بين نظام مجرم متمسك ببقائه يدمر ويقتل دون رحمة وضمير، ومعارضة هشة أضاعت الثورة بأجندات خارجية.
ولعلّ من أكبر مآسي عام 2014 امتداد «الدول الإسلامية في العراق والشام» داعش، التي ارتكبت أفظع الجرائم بحق الإنسانية والإنسان، من إغتصاب وذبح ورجم حتى الموت وتهجير بحق مسيحيو العراق  والأيزيديين والإسلام والأكراد وكل هذا بإسم الإسلام!
أما لبنان فقد بدأ عام 2014 بإنتحاريين يفجرون أنفسهم بأبرياء، وفي وسطها أحداث عرسال الذي إستشهد فيها خيرة ضباط وجنود الجيش اللبناني، وأسر عسكريين منهم من ذبح ومنهم من أفرج عنه، ومنهم من ينتظر مصيره المجهول، إضافة إلى أحداث متفرقة في طرابلس التي راح ضحيتها مدنيين وعسكريين، وكل الأمل اليوم أن لا ينتهي عام 2014 بمأساة جديدة في ذبح العسكريين على يد من يدعون الإسلام لأن ذنبهم الوحيد انهم في دولة لا قيمة لمواطنيها فيها، وسياسيين يدمرون البلد من أجل مصالحهم.
أحداث دامية كثيرة مرت هذا العام في كل الوطن العربي السعودية مصر وليبيا وغيرهم، وكل هذه الأحداث يقف وراءها حكام وسياسيين يبيعون المواطن العربي ومصالح بلادهم من أجل مصالحهم مع الدول التي تضمن بقائهم في السلطة.
أما من زرعوا البهجة والفرح والمحبة في قلوب العرب طيلة العقود الماضية رحلوا واحداً تلو الآخر. غيّب الموت عام 2014 أبرز عمالقة الفن العربي، ففي 28 تشرين الثاني رحل الشاعر الكبير سعيد عقل بعد مئة وسنتين من الإبداع، وصف لبنان بشعره كما يحلم به اللبنانيين، لبنان الحياة والمحبة والجمال.
وفي 27 تشرين الثاني رحلت الفنانة اللبنانية نهوند صاحبة الصوت الجميل.
وفي صباح 26 تشرين الثاني أخذ الموت الفنانة صباح أسطورة الفنّ الجميل، التي غنّت للحب والوطن والسلام، وزرعت البهجة في كل أعمالها الفنية من أفلام ومهرجانات. فقد قدمت «الصبوحة» للوطن العربي في حياتها آلاف الأعمال الفنية التي ستبقى خالدة إلى نهاية الزمان.
ومن كبار الفنانات اللبنانيات اللواتي رحلن هذا العام القديرة ليلى حكيم في 25 نيسان بعد سنوات من العطاء للفن اللبناني.
ولمصر أيضاً حصتها في خسارة كبار فنانيها طيلة هذا العام المشؤوم، ففي 1 آب رحل الفنان الكوميدي الكبير سعيد صالح عن عمر يناهز ال76 عاما.
وفي 6 آب توفي الممثل المصري مرسي خليل المصري إثرة أزمة قلبية عن عمر 68 عاما.
وفي 22 أيلول توفي الممثل الكوميدي المصري يوسف عيد عن عمر ناهز ال 66 عاما إثر أزمة قلبية.
وفي 25 أيلول أخذ الموت الممثل المصري خالد صالح عن عمر يناهز ال 50 عاماً وتميز في أداء الأدوار الرومانسية والكوميدية لكنه برع في أدوار الشر في الدراما التلفزيونية والسينما.
وفي 3 تشرين الثاني توفيت «حسناء الشاشة» الفنانة الكبيرة مريم فخر لدين
ففي 10 تشرين الثاني توفيت الفنانة الكبيرة معالي زايد بعد صراع مع مرض السرطان.
وكما خسر مصر ولبنان أهم فنانيها، كان للدراما السوريا خسارتها أيضا، ففي 15 آذار توفي الفنان الكبير وفيق الزعيم الذي اشتهر بدور «أبو حاتم» عن عمر يناهز 53 عاماً بعد صراع مع مرض السرطان.
وفي 26 حزيران قتلت الفنانة السورية الشابة سوزان سلمان إثر سقوط قذيفة هاون قرب منزلها في وسط دمشق.
وفي 24 تشرين الثاني رحل الفنان عصام عبه جي بعد صراع مع المرض.
هذا العام الذي لم يكتفي بسرقة الأمن والأمان من أوطاننا بل أخذ كل العمالقة والكبار الذين أضحكونا وأفرحونا وأبكونا في أعمالهم الفنية، أخذ هذا العام معه معظم صانعي الزمن الجميل، وسيرحل هذا العام قريبا تاركاً لنا سياسيين وحكام يتحكمون بمصائرنا يزرعون الكره والحقد بين العرب، يتفرجون على الدمار الذي يحل بأوطاننا دون تحريك ساكن سوى الكلام.
السابق
توقيف 11 شخصا في طريق الجديدة والكورة
التالي
الروبل حطم رقما قياسيا جديدا في التراجع