الفساد ينخّر سوق الادوية في لبنان

ادوية فاسدة
يعتبر لبنان من اكثر البلدان في الشرق الاوسط استهلاكاً للادوية. فهنا كلمة الدواء مرتفعة والمراقبة على جودتها ونوعيتها سيئة. الفساد أكل كل شيء في هذه البلاد حتى تلك التي مفترض ان تشفينا.

يبدو أن تراجع لبنان مستمر، وخصوصاً في الجانب الثقافي المتعلق بالقيم والمبادئ لتطال مفاعيله أوجه حياتنا كافة ومنها القطاع الصحي. وهذا ما دفع برئيس الهيئة الوطنية الصحية د. إسماعيل سكرية للحديث عن هذا الموضوع في مؤتمر نظمته جمعية «لا فساد» بعنوان “سوء الممارسة الطبية والاستثنائية في لبنان”، يوم الخميس الماضي في فندق هوليداي إن – بيروت. إذ قال سكرية: “بات من النادر أن تسمع بقسم ابقراط، وقدسية التزام أخلاقيات الطب كرسالة، لا مجرد مهنة، وحيث انحنى سلطان العلم أمام سلطة المال، بدءاً من توجيه مسبق للبحث العلمي يتناسب مع مصلحة المانح الاقتصادية (براءة الاختراع) ومروراً بشتى أشكال التواطؤات بين أطراف القطاع الصحي، وانتهاء بالأخطاء الطبية المتعمدة من اعمال غير مبررة لأهداف مادية”!
وأضاف سكرية: “تطور الطب الحديث، منذ انطلاقه مطلع القرن العشرين، من علاقة مباشرة شبه مقدسة بين “الحكيم” والمريض حتى منتصف القرن الماضي، حيث دخل “الوسيط” على خط العلاقة مخففاً من “حميميتها وإنسانيتها” وأضحى شريكاً في التشخيص والقرار، متمثلاً بشركات الدواء والتطور التكنولوجي الطبي وشركات التأمين، فأتجه الطب نحو ثقافة “العرض والطلب” فازداد الاستهلاك التكنولوجي كما المخبري والدوائي، مما أدى إلى اتساع مساحة المشاركة بالخطأ الطبي، كما الضوابط التأمينية شاء الطبيب أم أبى.. ولنأخذ مثلاً أن عشرة دقائق من أشعة السكانر CT للمريض، توازي 400 صورة شعاعية للصدر”.
وعن الوضع الصحي في لبنان، أوضح سكرية: “لدينا نظام صحي استهلاكي بامتياز، تتحكم بحركته بنسبة كبيرة ذهنيتان: سياسية متخلفة وتجارية مادية، وتحت عنوان الاقتصاد الحر المتفلت من أية ضوابط، مما أدى إلى الواقع التالي: لدينا 12315 طبيب (طبيب لكل 350 مواطناً) وهي النسبة الأعلى في العالم. وأن أكثر من 3000 طبيب مردودهم الشهري دون الـ1000$». اضاف: “يوجد تفاوت كبير بالمستوى العلمي بينهم. وهذا أدى إلى ارتفاع مستمر بنسبة الأعمال الطبية وأخطائها لأسباب مادية”.
وحول أطباء أسنان: “لدينا 6980 طبيب أي طبيب لكل 600 مواطناً. و580 مختبر أسنان. أما الصيدلة: لدينا 6787 صيدلي. و2636 صيدلية. ويدخل إلى سوق العمل 400 خريج صيدلة سنوياً”. اما عن سوق الادوية، فقد قال: “يدخل حوالى 1600 دواء بصفة (حكم الدواء). هو دواء، ولايعتبر دواء للتحايل على القانون وعدم تسجيله في الوزارة، وأخطرها، الأدوية المنمية Anabolics للرياضيين. 4860 فيتامين ومتمم غذائي، نتيجة المرسوم 11710، (بعضها حصل على موافقة وزارة لتوفر شروط المؤسسة التجارية حتى لو كانت دكاناً) وبصفة علاجية. وهو ما تشاهدونه يومياً على شاشات المرئي”.
أما المفارقة الكبرى، فإنه وبالرغم من أن استهلاك الدواء أصبح عبئاً على الفاتورة الصحية، ووصل إلى 37% من مجملها وهي النسبة الأعلى في العالم، فإنه وفي المقابل، لم يلحظ تقدماً مماثلاً في مستوى الصحة العامة والعلاج. فاتورة الدواء لعام 2014 قاربت مليار و400 مليون دولار وهي الأعلى عالمياً قياساً بالحجم السكاني.

السابق
كيف يمكن للمجتمع المدني أن يراقب قطاع البترول في لبنان؟
التالي
المجلس الدستوري يؤكد على دستورية رد الطعن بالتمديد