أيّها السياسيون.. لا تتركوا الجنود مخطوفين

يا دولتنا الموقرة، يا أيها السياسيون ، يا من تصدر لحمل مسؤولية تثقل أكتاف حاملها، أعلنوها اليوم، أننا خاضعون لأي طلب يطلبه الخاطفون وأعيدوا الفرحة والبسمة لوجوهٍ اشتاقت لأن تبتسم ولأطفالٍ استاقوا أن يشُم عرق والده وهو عائدٌ من عمله، لا تتركوهم هناك ، ولا تأخذكم العزة والهيبة فتبيعونهم بثمنٍ بخس.

في البدء لم يكن هناك مال، ولا نقود، ولا عملات، في البدء كان مبدأ المقايضة هو المتعارف عليه والمتعامل به، لم يكن يهم القيمة الثمنية لأي شيء، لا يهم إن كانت هذه المادة ثمنها أغلى من تلك، كل الذي يهم، أن تكون حاجتك لها تعادل حاجة من تقايضه لما لديك. إذاً هذا هو المبدأ الأساس الذي من خلاله بدأت البشرية تتعامل به في أوائل انتشارها.

ولكن ولأن كل شيء في لبنان، هو مخالف لأدنى الشروط الطبيعية البديهية، فإن مبدأ المقايضة وبعد عدة فحوصات مخبرية تم إجراؤها عليه تبين أنه غير مطابق للمواصفات فيما خص هذا المبدأ.

ولمن لا يعرف المواصفات المطلوبة لدى الدولة اللبنانية لموضوع المقايضة، نسرد لكم بعضاً من سيئاته، فهو منقص للهيبة، مدمر للوهرة، فاسد للعقلية، قاتل للحرص!

لا أدري أي هيبة أو وهرة أو حرص أو عقلية يتحدثون بها، وأبناء مؤسساتهم محتجزين مأسورين؟ لا أدري كيف يمكن لوزير أو مسؤول أو نائب أو زعيم، أن يضع عينه بعين والد أحد هؤلاء العساكر المخطوفين، أو والدةٍ أو أختٍ لهم؟ لا أدري هل هؤلاء من لحم ودم؟ هل تجري في عروقهم دماء الغيرة والحرص على أبناء هذا الوطن، كل أبنائه؟

عندما تم توظيف أولئك العسكريين، وأقسموا اليمين على حفظ الأمن وحفظ الحدود، وحفظ الوطن، فهل أقسم الوطن على رد القليل لهؤلاء؟ هل أقسم أحد من المسؤولين، أن لا تقر عينه بنومٍ قبل أن ينام أبناء العسكريين في أحضان ذويهم المبعدين عنهم؟ هل أقسم قائدهم ورئيسهم أن يكون آخر من يعود من أرض المعركة، أو كان مندفعاً أكثر من اللزوم، فعرض تسليم نفسه مقابل عودة العساكر؟

هل قررت الدولة إعلان عفوٍ عام عن آلاف المساجين، مقابل ألا يشاك أحد العساكر شوكةٍ واحدة في معتقله؟ هل شعر أحدٌ ما بألم الخصي، عندما استعاد حزب الله أسيره عماد عياد، وبنفس مبدأ المقايضة؟

كيف يمكن أن يعتبر أهالي العسكريين أنفسهم من هذا الوطن، إذا كانوا يرون من يعتبر أبناءهم مجرد أرقام وعدادات ، يعتبرونهم مجرد تعويض مالي لأسرته واعتباره في عداد الأموات ، بالإضافة إلى ترفيعه رتبة إضافية ينالها من لقي حتفه أثناء الخدمة لا تسمنه ولا تغنيه من حرية يحتاجها الآن قبل الغد؟

بأي منطق وأي عقل وأي دين وأي شريعة، يُعتبر أحد الأحياء ميّتاً وفي صدره قلبٌ ينبض؟ وفي عروقه دمٌ يكاد يجف رعباً وقهراً وخوفاً ورهبة؟

هل تفكرون ولو للحظة ماذا يمكن أن يحدث للوطن ولأبنائه عندما يرون السلطة السياسية قد تخلت عن أبنائها التي أرسلتهم هي نفسها ليلاقوا ما لاقوه؟ هل حسبنا لردة فعل أصحابهم وأصدقائهم الذين يعرفون أنهم اليوم لا زالوا يتنفسون من هواء بلدهم ووطنهم قبل أن يستقيم خط نبضات قلوبهم؟

لو كان الأمر بيدي، لأخليت سبيل كل الموقوفين والمحكومين والمختفين في بلادي وغير بلادي، حتى أسترجع واحد مهم، فكيف بهم جميعاً؟

يا دولتنا الموقرة، يا أيها السياسيون، يا من تصدر لحمل مسؤولية تثقل أكتاف حاملها، أعلنوها اليوم، أننا خاضعون لأي طلب يطلبه الخاطفون وأعيدوا الفرحة والبسمة لوجوهٍ اشتاقت لأن تبتسم ولأطفالٍ استاقوا أن يشُم عرق والده وهو عائدٌ من عمله، لا تتركوهم هناك ، ولا تأخذكم العزة والهيبة فتبيعونهم بثمنٍ بخس.

السابق
صباح كان ينقصها رجلٌ فقط.. فيروز هزمتها برَجُلَين وأكثر
التالي
البطولات الأوروبية: «مرسيليا» يعزز صدارته