الحريري يُطلق الإشارة لحوار «احتواء الاحتقان»

حسم الرئيس سعد الحريري مرحلة طويلة من التساؤلات عن موضوع الحوار الثنائي بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” باعلانه انه مع حوار جدي لمصلحة البلاد وانقاذها على رغم الخلافات الكبيرة القائمة بين التيار والحزب. وإذ بدا ذلك بمثابة اضاءة اشارة خضراء لتزخيم التحضيرات التي يتولاها رئيس مجلس النواب نبيه بري لاطلاق هذا الحوار، اتسمت المواقف التي أعلنها الرئيس الحريري في حديثه الى برنامج “كلام الناس” من “المؤسسة اللبنانية للارسال” مساء امس بحرصه على الصراحة والوضوح في شرح أهدافه من هذا الحوار، والتي حل في مقدمها احتواء الاحتقان السني – الشيعي واطلاق العجلة في البلاد من خلال انتخاب رئيس للجمهورية، من غير ان يخفف حدة الخلافات القائمة مع الحزب في قضايا اساسية ولا سيما منها تورطه في الحرب السورية.

تناول الحريري أولا واقع التعقيدات الامنية والسياسية والاقتصادية في لبنان لكنه جزم “بأننا لن نستسلم مهما كانت المشاكل وممنوع ان نفقد الامل”. وأكد أنه سيعود الى لبنان في وقت “قريب جداً”. وشرح مجريات تنفيذ الهبتين السعوديتين للجيش والقوى الامنية، لافتاً الى انه تم فتح اعتمادات بـ400 مليون دولار من هبة المليار دولار للجيش والقوى الامنية الاخرى والباقي على الطريق، وسيكون للجيش 30 طائرة وذخائر متعددة لمكافحة الارهاب. وقال إن المملكة العربية السعودية “كل عمرها تقدم الخير للبنان ويجب ان نقول للملك عبدالله بن عبد العزيز شكراً”. واعتبر في المقابل ان “أهم هبة يمكن ان تقدمها ايران للبنان هي اخراج حزب الله من سوريا”. أما في موضوع الحوار، فأكد الحريري ان “هناك مشاكل جذرية بيننا وبين حزب الله ولكن هناك أمور تهم البلد وحماية البلد أهم من مصلحة سعد الحريري”. وذكّر بموقفه من التمديد لمجلس النواب لرفضه الفراغ وتشديده على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية، وأضاف: “انا لست مع المواقف الشعبية، انا مع المصلحة الوطنية… أنا مع حوار ليس لمجرد الحوار بل مع حوار جدي لمصلحة البلد وانقاذه”. وشدد على “أننا نريد رئيساً توافقياً واجراء انتخابات نيابية ومن أهم وظائف الحوار احتواء الاحتقان السني – الشيعي”. وأشار الى أنه “من المبكر جدا لقاؤه السيد حسن نصرالله”. وفي موضوع الانتخابات الرئاسية أعلن الحريري ان “لا فيتو على أحد ونسعى للاتيان برئيس توافقي ولن نتناول أسماء في الحوار”. وأوضح أن كل الدول بما فيها ايران “تقول إن على المسيحيين أن يتفقوا على اسم”. وأوضح انه في حال حصول أي مرشح آخر من 14 آذار على أصوات أكثر من تلك التي نالها الدكتور سمير جعجع، لن نمانع في ذلك”. متسائلا: “هل اذا حصل الرئيس امين الجميل أو الوزير بطرس حرب على 75 صوتاً سيزعل جعجع؟”
وقبيل اطلالة الرئيس الحريري ردد رئيس مجلس النواب أمام زواره انه يفترض في الحوار بين “حزب الله” و “تيار المستقبل” أن يبدأ قبل نهاية السنة. وأكد ان موضوع سلاح المقاومة ومشاركة الحزب في سوريا ليسا على جدول الأعمال. واذا كانت ثمة ملفات كثيرة موضع خلاف بين الطرفين، ألا يعقل الاتفاق على مواضيع تكون محل اتفاق والتشديد عليها؟”. وأضاف: “لا معنى لحوار بشروط. وأنا على استعداد اذا ارتضى الفريقان ان تتم جلسات الحوار بينهما في عين التينة او في مجلس النواب او في اي مكان يحددانه. وسيتمثل كل طرف بالشخصيات التي تكون أقرب الى الرئيس الحريري والسيد حسن نصرالله بغية الاستفادة من الوقت والتواصل معهما”. وتردد في هذا الاطار ان الحوار سيضم النائب جمال الجراح ومدير مكتب الرئيس الحريري السيد نادر الحريري عن “المستقبل”، والمعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين خليل عن الحزب.
وقد تزامنت مقابلة الحريري مع استقبال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مساء في الاليزيه للرئيس ميشال سليمان الذي تناول معه مسار تنفيذ الهبة السعودية لدعم الجيش. كما علمت “النهار” ان سليمان تمنى على الجانب الفرنسي ان يقدم هبة فرنسية لتسليح الجيش.

ملف المخطوفين
في غضون ذلك، سجلت في قضية العسكريين المخطوفين تطورات تصعيدية أدت الى قرار اتخذه أهالي العسكريين مساء امس بقطع طريق الصيفي المؤدي الى وسط بيروت اعتباراً من الثامنة من صباح اليوم وربما قطع طرق اخرى في بيروت. وجاء هذا القرار عقب اصدار “جبهة النصرة” بياناً وصفته بأنه “الانذار الاخير”، وهددت فيه بقتل أحد المخطوفين العسكريين اللبنانيين بعد 24 ساعة من صدور بيانها ما لم “تثبت الحكومة جديتها في متابعة المفاوضات عملياً واطلاق (الموقوفة) جمانة حميد كمبادرة حسن نية ومن ثم البدء بتنفيذ الاقتراح الذي اختارته الحكومة في عملية المبادلة”.
وعلمت “النهار” ان مداخلة رئيس الوزراء تمّام سلام في جلسة مجلس الوزراء امس كانت لافتة في تناول موضوع صفقة التبادل التي أنجزها “حزب الله” لإطلاق أسير له في سوريا. ومما قاله في هذا الصدد إنه حصل في اليومين الأخيرين إطلاق عنصر لـ”حزب الله” الذي أحدث ضجة إعلامية كبرى حول هذه الخطوة، مما أثار أهالي المخطوفين العسكريين. وأكد ان الحكومة تتابع الاتصالات لتحرير العسكريين، وهناك تقدم لكنه غير كاف ولا تزال الجهود المبذولة في مرحلة صعبة. وبعد ذلك كانت للوزيرة أليس شبطيني مداخلة سألت فيها: هل هيبة الدولة في موضوع المفاوضات كانت مصونة عندما جرى التفاوض خارج الدولة ومن دون علمها؟ فرد الوزير محمد فنيش بأن كل ما في الامر ان هم “حزب الله” كان استعادة أسيره عندما لاحت الفرصة.
وقالت مصادر وزارية لـ”النهار” إن اتصالات جرت مع أهالي المخطوفين العسكريين لعدم التصعيد اليوم، لكن البيان المتشدد الصادر عن “جبهة النصرة” كانت الغاية منه إعادة إثارة الاهالي ودفعهم الى التصعيد مجدداً.

 الاتحاد الاوروبي
الى ذلك، توقعت رئيسة بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان أنجلينا إيخهورست ان تحقق زيارة الرئيس سلام لبروكسيل الاثنين المقبل “أهدافاً كثيرة”. ووصفت هذه الزيارة التي هي الاولى من نوعها لرئيس الوزراء بأنها “مهمة” من ناحيتين: تغيير الادارة في الاتحاد وتمتين العلاقات الجيدة. وأضافت ان رسالة الزيارة الى الاتحاد هي “لا تنسوا لبنان”.
وأفادت ان مدخل البحث في ملف اللاجئين السوريين سيكون الامن والاقتصاد في لبنان الذي هو أكبر مضيف للاجئين في العالم. وعما أثارته ورقة العمل الحكومية من ملاحظات على التعامل مع ملف اللاجئين السوريين وخصوصاً لجهة توجيه قسم من المساعدات الى المجتمعات المضيفة، قالت إن الاتحاد الاوروبي وقبل نشوء الازمة السورية كان يركز على تلبية حاجات المناطق الفقيرة في الشمال والبقاع والجنوب والتي تبلغ نسبة الذين يعيشون فيها تحت خط الفقر 30 في المئة من عدد السكان ولكن لا خطة تنمية يمكن من خلالها تقديم المساعدات.
وسألت إيخهورست عن مصير مشاريع قوانين موجودة في مجلس النواب تمهد للشركة بين لبنان والاتحاد. كما سألت: “كيف يدار البلد وهو بلا موازنة عامة منذ عام 2005؟”.

السابق
الحريري: اتبنى كل كلمة قالها مروان حمادة في المحكمة الدولية
التالي
أسبوع أفلام الشحرورة صباح في مسرح إسطنبولي بصور