مبروك لأسير حزب الله.. ماذا عن أسرى الجيش؟

اسرى الجيش
استبشر اللبنانيون خيرا مع الاعلان عن اطلاق اسير حزب الله لدى قوات المعارضة السورية عماد عياد، وتأملوا ان تكون فاتحة للعمل على اطلاق الجنود الاسرى لدى هؤلاء، غير ان مصادر حزب الله استبعدت ذلك بالقول ان ما انجز هو صفقة من امكانيات ذاتية بادر فيها الحزب، وانه لم يتفاوض مع جبهة النصرة، رغم ان معلومات وتحليلات تنقض ذلك.

“نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون” هذا ما قاله السيد حسن نصرالله امين عام حزب الله وهو شعار ما زال ذو مصداقية عالية حسبما تكشّف ويتباهى به انصار الحزب.

ولكن ورغم فرحة اطلاق المقاوم ابن حزب الله وطرفلسيه الجنوبيه عماد عياد، وفرحة اهله وعموم اللبنانيين بفك أسره من اعدائه “الجيش الحر”ّ، ولكن الكثيرين ما كانوا يتمنون له ولرفاقه ان تكون معركتهم مع ثوار سوريا وان يوفروا جهودهم لمعركة المصير التي يتحدّث عنها الاسرائيلي كل يوم بانها واقعه يوما ما لا محالة مع حزب الله مهما طال الزمن.

واليوم في حمأة احتدام الجهود والوساطات المحلية والعربية، من اجل اطلاق الجنود اللبنانيين العشرين المختطفين لدى “داعش” و”جبهة النصرة” وفصائل الجيش الحر، كان أهالي هؤلاء الجنود الذين زجوا في معركة حزب الله في سوريا وهم معلقين الان بين الحياة والموت، يتمنون أن تشملهم كلمة “أسرانا” في قول السيّد أعلاه، وان يوضح حزب الله ويفسر الفرق بين مصطلحي”المبادلة” و”المقايضة” الذي اعلن امين عام الحزب وعبّر بصراحة عن رفضه له، وانه لا يمانع ان تتفاوض الحكومه ولكن خارج اطار مقايضة الجنود الاسرى بسجناء “روميه” من ارهابيين اسلاميين محكوم عليهم بالسجن او متهمين منهم قيد التحقيق.

أطلقت المصادر الاعلامية لحزب الله معلومات عدة متناقضة حول صفقة التبادل التي تمت أمس الثلاثاء، وذلك بعد تكتم شديد والاكتفاء بالاشارة الى انها جاءت بعد مفاوضات استمرت اسابيع عدة مع الجهات الخاطفة، وجاء في بيان رسمي للحزب بعد ظهر الثلاثاء انه وبعد مفاوضات “استمرت لأسابيع مع الجهات الخاطفة تم تحرير الأسير عماد عياد ظهر اليوم”المنار قالت:. وتمت العملية “مقابل إطلاق سراح أسيرين كانا لدى “حزب الله” من المسلحين”. عملية تحرير عياد تمت عبر وسيط محلي سوري إنتهت إلى إرغام المسلحين على القبول بعملية التبادل.

وفيما لم يذكر البيان الجهة الخاطفة بالتحديد، قالت قناة “المنار” على حسابها في “التويتر” أن المفاوضات تمت مع “جبهة النصرة”. ولاحقا قالت الـ”OTV” أن “التفاوض بشأن الأسرى تم بين حزب الله والجيش السوري الحر.

ولكن مصادر الحزب عادت لاحقا لتعلن، ان لا “خلفيات” للمفاوضات التي جرت وأسفرت عن إطلاق عيّاد. وأوضحت أنّ كلّ ما في الأمر هو أنّ “حزب الله” استخدم أوراق القوة الموجودة لديه، والتي تتمثل في أسرى المسلحين لديه، مع تشديدها على أنّ عملية التفاوض تمّت مع “الجيش السوري الحر” وليس مع “جبهة النصرة”، كما ذكرت بعض وسائل الإعلام، وذلك عبر أحد الوسطاء، مع تلميحها إلى أنّ الوسيط هذه المرّة ليس نفسه الوسيط التقليدي الذي كان يُعتمَد من قبل الحزب.

وهنا تبرز عدّة أسئلة من حق الرأي العام اللبناني الاطلاع عليها، والسؤال الأول حول طبيعة المفاوضات ومن فاوض، وكيف لحزب الله الذي يقاتل فصائل المعارضة السورية بهذه الشراسة منذ عام ونصف متكبدا مئات “الشهداء” في معركته هذه أن يتوصل لهذا الاتفاق السريع والنهائي مع من يجري بيه وبينهم نهر من دم وحقد؟ فمن هو هذا الوسيط؟ هل هو قطري؟ إخواني؟ من حماس؟ من تيار المستقبل، الخصم السياسي الذي يسعى الحزب الى حوار معه؟

والسؤال الثاني ، ما هو الثمن الذي دفعه حزب الله لقاء افراج “النصرة” أو “الجيش الحر” عن عياد، وهل كان الثمن فعلا مسلحين اثنين من الجيش السوري الحرّ فقط؟ فقد ربطت مصادر مواكبة بين انجاز”الصفقه “، وبين توقيت اخلاء سبيل العقيد في الجيش السوري الحر ومسؤول المجلس العسكري للقلمون عبدالله الرفاعي الاسبوع الفائت، في ضوء معلومات ترددت عن ان الرفاعي كان مسؤولا عن المجموعة المسلحة التي اسرت عياد خلال اشتباكات في القلمون في الشهر الماضي، وكان الرفاعي قد القت مخابرات الجيش القبض عليه وهو يتنقل كعادته على الحدود اللبنانية السورية ، وتم الاعتقال على حاجز مدخل وادي حميّد قرب عرسال.

وربطا بالأمر نفسه يطرح السؤال الثالث، وهو لماذا اعلنت قناة المنار التابعة لحزب الله بداية ان التفاوض تم مع جبهة النصرة ثم عادت واعلنت انها تمت مع “الجيش الحر” فقط، خاصة كل الخبراء يؤكدون ان اليد الطولى العسكرية والأمنية هي لجبهة النصرة على حدودنا مع سوريا في مناطق الثوار في السلسلة الشرقية التي تمتد اليها جرود عرسال، وانه لا يمكن لوسيط أن يمرّ من دون موافقة ومعرفة “الجبهة” ، فما هي حصة جبهة النصرة من هذه الصفقة؟

فالواضح ان حزب الله باصراره على القول انه لم يفاوض الا “الجيش الحرّ”، كان من أجل يتجنب الاحراج ، كون الجبهة مصنفة كتنظيم ارهابي رديف للقاعدة و مسؤولة عن أسر عدد من الجنود اللبنانيين تحاول مبادلنهم بعدد من معتقليها في سجن روميه وهو ما كان قد صنفه السيد نصرالله انه من باب “المقايضه” المرفوضة.

والسؤال الأخير: ماذا عن مخطوفي الجيش؟

يأتي الجواب سريعا على لسان مصادر الحزب بأنّ “الربط بين المسألتين غير واقعي، أولاً لأنّ مفاوضات “حزب الله” كانت مع “الجيش الحر” الذي يحتجز أسرى من عناصره، وليس مع داعش والنصرة اللذين يختطفان جنود الجيش اللبناني، وثانيًا، وهنا الأهمّ، لأنّ مفاوضات مخطوفي الجيش تتولاها الدولة اللبنانية بشكل رسمي”.

وهنا بشكل مفاجىء، يصبح حزب الله خارج الدولة اللبنانية، والسؤال المتفرع من سؤالنا الأخير: لماذا تدخل الجيش اللبناني التابع للدولة والقى القبض على العقيد عبدالله الرفاعي القيادي في الجيش السوري الحرّ دون ان يقدم الاخير على فعل أي عمل امني وعسكري معاد، فساعد بذلك على اتمام الصفقه السعيده مع حزب الله اثر اطلاقه تمهيدا لانعقادها، ولا يساعد حزب الله بدوره الجيش اللبناني على اطلاق سراع اسراه ومعتقليه؟

لا شك بانها مناورات اعلامية تلك التي يبثها الحزب لتبرير سرعة ابرام صفقة تبادل اطلاق اسيره عماد عياد، ومراوحة المفاوضات بالمقابل حدّ الشلل بالنسبة لتلك التي من المفترض ان تؤدي لاطلاق اسرى الجيش المحتجزين لدى فصائل المعارضة السورية.

مبروك للأسير عياد، وعلى أمل ان تكون الصفقة المبرمة مع من كانوا يحتجزونه تحوي تفاهمات قد تؤدي لاطلاق سراح الجنود اللبنانيين المختطفين، وذلك من أجل تبريد قلوب اهاليهم الملتهبه في عزّ البرد القادم مع موجات العواصف المتتالية التي تضرب ربوع بلدنا الشقيّ المعذّب.

السابق
«اسمي أحمد» قمة التحريض الإسرائيلي ضد العرب!
التالي
تفاصيل جديدة حول عملية التفاوض لتحرير عيّاد