«الكاميرا الخفيّة» تبحث عن الفرق بين «داعش» و«إسرائيل»

تحضر صورة تنظيم «الدولة الإسلامية» ـ «داعش» في وسائل الإعلام يوميا، وعلى مدار الساعة. ليس من خلال الصراع الجاري على الأرض والضربات الأميركيّة من الجو فحسب، بل من خلال قدرته على جذب الاهتمام، والبقاء في الواجهة، بكل ما يكلّف ذلك من رؤوس ودماء ووحشية.

ينشر التنظيم صورة إعلاميّة مدروسة لنفسه حول العالم، تواكبها صورة أخرى موازية، تشرح وتحلل قدرته على تجنيد شباب غربيين، عبر أحدث الوسائط التقنية وأكثر مواقع السوشل ميديا انتشاراً. لعل ذلك ما دفع الكاتب جِف باردن من «بزنس إنسايدر» إلى السؤال: لماذا تخسر الولايات المتحدة حرب الانترنت أمام «داعش»؟ يدفع الانتشار الإعلامي الممنهج لصورة التنظيم، إلى التساؤل عن مدى تقبّل الشعب الأميركي، مثلاً، لفكرة «الدولة الإسلامية» ووجودها، وإلى أية درجة يتأثر بالصورة الإعلامية المنقولة إليه عنها. وقد أشارت صحيفة «هافنغتون بوست» الالكترونية في هذا السياق، إلى استفتاء حديث أجرته على موقعها الالكتروني ونشر قبل يومين، يبيّن أنّ معظم الأميركيين لا يحبّذون مشاهدة مقاطع الفيديو التي تُظهر قطع الرؤوس احتراماً للضحايا. وضمن إطار تسويق الصورة الإعلامية والفكرة السياسية/ الاجتماعية، لا يمكن تجاهل اللوبي الإعلامي المؤثّر الداعم لـ«إسرائيل» في الولايات المتحدة، خصوصاً مع تنامي فكرة الرفض الشعبي بين فئات الشباب للممارسات الإسرائيلية، وذلك، بدرجة ما، ما يشير إليه منذ سنوات الباحث الأميركي اليهودي بيتر بينارت.
ومن أجل استقراء ردّ الفعل الشعبي بين أوساط الطلاب حول «داعش» و«إسرائيل»، قام الإعلامي الأميركي الساخر آمي هورويتز بتجربة في حرم في واحدة من أعرق الجامعات العالمية، وهي جامعة كاليفورينا/ بيركلي التي تأسست العام 1868. آمي هورويتز هو رجل أعمال سابق، يعمل كوميدياً ومخرج أفلام وثائقية، تأثر بأسلوب مايكل مور وساشا بارون كوهين، وشارك سابقاً في كتابة وإخراج فيلم وثائقي يتناول فساد الأمم المتحدة من الداخل.في شريط مدته ثلاث دقائق انتشر قبل أيّام على مواقع التواصل، يظهر هورويتز في حرم الجامعة، وهو يحمل علم «داعش»، ويلوّح به قائلاً إن الناس يسيئون فهم «داعش»، وأنّ أميركا والغرب يتحمّلان مسؤولية القتل والدماء في الشرق الأوسط. ويضيف متقمّصاً شخصيّة داعم لـ«داعش»: «كل ما نريده هو دولتنا. لماذا تقصفنا أميركا؟». أمام هذا الاستعراض، جاءت ردة فعل الطلاب مفاجئة، إذ سادت حالة من اللامبالاة والتجاهل، حتى أنّ أحدهم اقترب منه قائلاً: «حظاً طيباً».
في القسم الثاني من الفيديو، يحمل هورويتز علم «إسرائيل»، ويجول به في الجامعة، منادياً بضرورة مساندتها في مواجهة «إرهاب حماس». هنا فوجئ باستقبال مختلف تماماً، إذ بدأت تنهال عليه التعليقات الساخرة والشتائم الهجوميّة، مثل «إسرائيل تقتل الأطفال»، وتمثّل «سيكولوجية الإبادة الجماعية على هذا الكوكب». أثار هذا الفارق في ردود الفعل غضب الصحف والمواقع الإسرائيلية التي لخصت الأمر بأن «التجربة قد أثبتت لامبالاة الطلاب تجاه داعش وكراهيتهم لإسرائيل». كما أثار الشريط اهتمام قناة «روسيا اليوم» الأميركيّة، فاستضافت هورويتز فيإحدى نشراتها الإخباريّة، للحديث عن تلك التجربة. ولكن هل يمكن بالضرورة اعتماد مقطع من ثلاث دقائق كتجربة اجتماعيّة تكشف واقع ردود الفعل تجاه «الدولة الإسلامية» و«إسرائيل»؟ تبدو المسألة أعمق من هذا وأكثر تعقيداً، خصوصاً أنّ شبكة «فوكس نيوز» نشرت الفيديو على قناتها الرسميّة على «يوتيوب»، في إشارة إلى «خطورته» بحسب فهم القناة. كما أنّ أسلوب الفيديو يعكس نوعاً من المعرفة (المحتملة) بوجود «كاميرا خفيّة»، تصوّر ردود الفعل التي جاء بعضها أقرب للمفتعَل. لكنّ ذلك لا ينفي ضرورة البحث الجاد في تأثير «دولتين» تسوّقان، كل بطريقتها، لصورة إعلاميّة حول الجرائم التي تقومان بارتكابها.

السابق
مجدلاني: عون ضد الطائف من الأساس
التالي
قضية فرغسون تتفاعل.. وأوباما يدعو الى الهدوء