إنخفض سعر البنزين.. فلماذا لم ينخفض «السرفيس»؟ (2)

التاكسي في لبنان
200 ألف ليرة شهريا تخسر كلّ عائلة لبنانية، أو كان يجب أن توفّر، في ظلّ تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، واحتمال استمرار التراجع إلى أجل غير مسمى. فنسأل: ألا يجب أن تعود أسعار النقل العام إلى قاعدتها سالمة؟ أم أنّ المواطنين نائمون على حرير الحرب المذهبية ولا يهتمّون لمن "يسرق" منهم؟

بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006، الذي حل دماراً شاملاً على الأصعدة كافة، رفعت النقابة العامة لسائقي السيارات العمومية في لبنان تعرفة “السرفيس” إلى 1500 ليرة في 17 آب 2006، أي بعد 3 أيام من انتهاء الحرب. وعلّلوا ذلك بارتفاع أسعار النفط العالمية، وهو لم يكن ارتفاعا جديّا. بل كان أقرب إلى “تصحيح أجور” سائقي سيارات الأجرة.

في 31 أيار 2008 أعلن المدير العام لمديرية النقل في وزارة الأشغال العامة والنقل عبد الحفيظ القيسي أنّ وزير الأشغال العامة والنقل محمد الصفدي وقّع على قرار رفع تعرفة النقل «السرفيس» بشكل رسمي من 1500 إلى 2000 ليرة، مبرراً هذا الإجراء بأنّ سائق السيارة هو مواطن ويريد أن يعيش، ومعللاً السبب الى ارتفاع أسعار المحروقات عالمياً. واستمرّينا على هذه التعرفة حتّى يومنا هذا.

منذ حوالى أسبوعين بدأت أسعار النفط في الأسواق العالمية تنخفض بحيث وصلت إلى أدنى مستوى ممكن، فهبطة من 128 دولارا للبرميل في 2010 إلى 75 دولارا حاليا، وهي مرشّحة لتنخفض إلى ما يقارب الـ50 دولارا، بحسب توقّعات المحللين الاقتصاديين.

أقلّ الإيمان أن تنخفض تعرفة سيارات الأجرة إلى 1500 أو حتّى إلى 1000 ليرة للسيارة، و750 أو 500 ليرة للفان. علماً أن تعرفة النقل في لبنان هي الأعلى في العالم، بحيث تمثِّل 33 في المئة من قيمة الحد الأدنى للأجور، البالغ 700 ألف ليرة، وبدل النقل يصل إلى 208 آلاف، في حين أنها لا تتعدى عالمياً نسبة 5 في المئة من الحد الأدنى.

وبحسابات بسيطة وعلى سبيل الافتراض، أنّ مواطناً ولديه ولد واحد فقط يرتاد الجامعة ويحتاج إلى سرفيس ثلاث مرّات في اليوم، ما يعني أنّه يدفع 6 آلاف ليرة لبنانية يومياً، بمعدّل 180 ألف ليرة شهريا. والوالد والوالدة يعملان ويحتاجان إلى 6000 يوميا لكلّ منهما، ما يعني أنّ العائلة تدفع 540 ألف ليرة شهريا لسيارات الأجرة. في حين أن تراجع أسعار النفط يجب أن يقوّي قدرة العائلة الشرائية، بحيث تدفع في الحدّ الأقصى 4 آلاف يوميا للشخص بدلا من 6، أي بمعدّل 360 ألف ليرة شهريا، بتوفير يجب أن يصل إلى 200 ألف ليرة شهريا.

خلاصة الوقائع، الغريب العجيب في الأمر أنّ اللبنانيين الغارقين في كراهية بعضهم البعض، خصوصاً ذوي الدخل المحدود من الفقراء، وقود المعارك، ممن لا يملكون سيارات، والأكثر ضرراً من غيرهم، يبدون في دنيا غير هذه الدنيا، ولا نعلم هل تأقلموا مع الفقر، وماذا ينتظرون ليطالبوا بحقوقهم، في ظل تراجع أسعار النفط عالمياً.

السابق
ديفيد بيكهام.. أجمل رجال العالم 
التالي
تكتيك إيراني في رفع العقوبات الاقتصادية