ميشال عون يريد الجمهورية برمّتها

يريد العماد ميشال عون الجمهورية اللبنانية وليس فقط الرئاسة، يريد الجمهورية، والجمهورية هي هو نفسه، هذا "الهو" المتضخم ليصبح نحن، مشكلته مع الرئيس و"الكُل السياسي" أنه أراد أن يأخذ من حصته، والرئيس هو رئيس الجمهورية.

“كل بدعة في الدين ضلالة”. أكثر ما يصدق هذا القول في رئيس “تكتل الاصلاح والتغيير” ميشال عون. الرجل يريد سياقاً معيناً في انتخابات رئاسة الجمهورية المتأخرة منذ أشهر. يريد حصر المعركة بينه وبين رئيس الهيئة التنفيذية لحزب القوات سمير جعجع. زعمه على طول الزمن التمثيل المسيحي المغبون حقّه. يتناسى أنّ المسلمين شركاء معه في نهوض البلد، أو بفترض بأنّ غريمه السرمدي جعجع يمثّل القوة السُنية الأرجح “تيار المستقبل”. وينفي عن نفسه “التابعية” المطلقة للقوة الأرجح شيعياً، “حزب الله”.
قد يكون الجنرال أصاب إعلامياً في دعوته إلى تعهّد الكتل بحصر التصويت بينه وبين جعجع. هكذا يكون قد حرم الأخير من ممارسة متعته المعهودة في إجراء مؤتمر صحافي بعد كلّ تأجيل يعلنه رئيس “حركة أمل” والمجلس النيابي في آن، نبيه بري.
في ما اقترحه عون، يؤكد الرجل انه يريد الجمهورية برمتها لا الرئاسة، لكن على أساس أن يكون الرئيس رئيسا، لأن ما حصل عام 2009 كان مخططا، الأبشع من ذلك تفريغ الدولة من الكادرات وهذا لم يبدأ من أمس. يعرف جيّدا ان ما أسماه “الفيتو السعودي” على شخصه يوجد في مقابله ما يماثله على اسم “الحكيم”، لكنّه يمارس خدعته الأصلية فلا يقول ما يرنو إليه، وما يسعى في مناكبه.
فجأة يصبح عون خارج الطبقة السياسية. يقرر ذلك ويريدنا أن نصدقه القول والفعل. يقول “جابوا رئيس” ليكون حَكَمًا لكن أراد أن يأخذ من حصّتنا. الوزير هو من يقترح تعيين مسؤول معه وليس الخيار لأحد آخر والوزير يتحمل المسؤولية، أن نواجه ونفصل النيابة عن الوزارة ، نحن النواب نمثل الشعب اللبناني لن نجعل أحدا يلوي جلدنا.
هكذا يتحدث زعيم أكبر كتلة مسيحية في البرلمان اللبناني. بالحرف لا زيادة ولا نقصان. يريد الجمهورية، والجمهورية هي هو نفسه، هذا “الهو” المتضخم ليصبح نحن، مشكلته مع الرئيس و”الكُل السياسي” أنه أراد أن يأخذ من حصته، والرئيس هو رئيس الجمهورية. وحيث أنّه، بحسب العماد عون، لا حقّ لأحد بانتخاب رئيس للجمهورية غير المسيحيين فإنّه يمنع على المسلمين ان يقترحوا ويمارسوا حقّهم بالمشاركة. ولا يحقّ لأحد أن يأخذ شيئا من حصّة الموارنة الذين يمثلهم العماد. فليأخذوا من حصة أي أحد آخر.
العماد يريد الجمهورية. وعلى أي كان ألا يأخذ من حصته. هل يرضى العماد أن يأخذ الرئيس من حصّة طرف آخر؟ وفي هذه الحال، هل تكون الحصّة التي أخذها الرئيس واقعة ضمن حدود الجمهورية التي يريدها العماد عون أم خارجها؟ يريد العماد الجمهورية لا الرئاسة. لكنّه يهدّد ويرغي ويزبد لأنّه غير راضٍ عمّا يستحوذه منذ “مأثرة” الصهر المُعطل.هل هذه هي الجمهورية التي يعدنا بها جنرال التغيير والإصلاح؟ أم أنه يريد فقط ربع الجمهورية أو نصفها. فيجعل أحد وزرائه مسؤولا عن الديبلوماسية، فينعم اللبنانيون في ربع جمهوريته بالحضور الدولي على خارطة العالم. وهؤلاء اللبنانيون أنفسهم لن ينعموا بطرقات من دون حفر لأنّ وزير الأشغال العامة ليس واحدا من أعمدة ربع الجمهورية السعيدة؟
ثم إلى متى يفترض باللبنانيين أن ينتظروا نتائج التغيير والإصلاح؟ حجة الجنرال أن الذين سبقوه خربوا الدولة بأكملها. كم نحتاج وقتا لإصلاح ما تم تخريبه؟ الأرجح أن الجنرال يريد أن يعاقب اللبنانيين طويلا ومديدا، فقط لأنه يريد أن يثبت أن الذين سبقوه خربوا الدولة وأبنيتها السياسية والحقوقية. وعلى اللبنانيين أن يسلّموه الإدارة ملفوفة بأوراق الهدايا، حتّى يعيد تخريبها مرّة أخرى ليتسنّى له الإدّعاء أنّ الذين سبقوه خربوا البلد.
البلد في حال مراوحة فراغ. هل يمكننا أن نسأله ماذا عن الأكلاف؟ هل يدخل هذا الامر في حساب الجنرال؟ كل ما يقوله يقع متناً في مراسه السياسي وليس هامشاً. في اطلالاته يُغقل الجنرال حيثيات أخرى لموقع الرئاسة من مثل جان عبيد أو جان قهوجي، أو رياض سلامة: لا لشيء، إلا لأنّه يريد الجمهورية كهدية من عموم اللبنانيين.

السابق
مسيرة تطالب بانتخاب رئيس جمهورية
التالي
مسؤول فلسطيني: إسرائيل هددت السلطة باجتياح رام الله