لست أدري ما هي المواصفات

سلامة الغذاء
جميل جداً أن نكتشف بعض المواصفات لبعض المأكولات من بعض المحلات أو المؤسسات في بعض الفحوصات، ولكن الأجمل لو كنا اكتشفناها قبل أن تستقر في بطوننا، وقبل أن يعلنها وزير الموسم وصاحب المركز الأول في الشهرة لما فجر من قنابل صوتية في الملف الصحي.

لست أدري هل ما أكتبه الآن سيكون مطابقاً للمواصفات أم أنه غير مطابقٍ لها، لست أدري هل ما نأكله أو نشربه مطابق للمواصفات، لست أدري إن كان ما نتنفسه مطابق للمواصفات أم لا، لست أدري إن كانت الأرض التي نمشي عليها مطابقة للمواصفات أم لا، لست أدري إن كانت القبور التي سندفن بها مطابقة للمواصفات أم لا، لست أدري أصلاً ما هي تلك المواصفات!

الوزارة تتهم أصحاب المحلات، وأصحاب المحلات تتهم موظفة الوزارة، والموظفة تتهم الموظف الذي أعطاها العينات، والعينة تريد النجار والنجار يريد بيضة، والبيضة. عند الدجاجة، وتفضل يا لبناني إركب معنا في هذه الدوامة .

جميل جداً أن نكتشف بعض المواصفات لبعض المأكولات من بعض المحلات أو المؤسسات في بعض الفحوصات، ولكن الأجمل لو كنا اكتشفناها قبل أن تستقر في بطوننا، وقبل أن يعلنها وزير الموسم وصاحب المركز الأول في الشهرة لما فجر من قنابل صوتية في الملف الصحي. والحبل على الجرار. مطاعم حلويات محلات مؤسسات ثم تتوالى البطولات. مسالخ ومذابح. ثم تتوالى التشميعات. مراكز تجميل، مراكز صحة، ثم تتوالى الخطط. مياه ومشروبات. ثم ماذا؟ ثم لماذا؟ وكما انتقدنا سابقاً، سأقع في الحفرة التي حفرتها لغيري. لماذا الآن؟

أين كانت أجهزة الرقابة عندما كنا نأكل مما تطابقت مواصفاته ومما لم تطابق؟ هل كانت دولتنا الكرمة غافلة عن رعيتها طيلة هذه الأيام؟ هل الوزير السابق أو الذي سبقه أو الذي سبق الذي سبقه مقصرون؟ ووزيرنا الحالي هو وحده من اكتشف الطامة الكبرى؟ إن كانت كذلك فتلك مصية. وإن لم تكن. فالمصيبة أعظم!

لقد أخبرتنا العين الساهرة على أمننا الغذائي أن صدر الدجاج غير مطابق للمواصفات. فماذا عن أجنحتها وماذا عن أفخاذها وماذا عن رقبتها؟ هل هي مصابة مثلاً بسرطان الثدي فكانت النتيجة في صدرها فقط؟ بالله عليكم ، على حجم سعادتنا بالاكتشافات، إلا أنها لم تكتمل ولم تترسخ تلك السعادة عندما نفكر ولمجرد تفكير بأننا وقبل الاكتشاف العظيم، كنا نأكل من هذه الأشياء الغير متطابقة ونتحلى بتلك المأخوذ منها عيناتٍ غير متطابقة، ثم نشرب المياه الغير متطابقة ولم ينقصنا سوى أن نتنفس الهواء الغير متطابق مع المواصفات.

ولكن، هلا تساءلنا للحظة ما، ما هي تلك المواصفات؟ وهل هي مواصفات جيدة أم سيئة، مثالية أو مقبولة؟ بمعنى آخر، هل ما يكون مخالف لهذه المواصفات أو كما استخدمها الوزير “غير مطابق للمواصفات” هل في هذه الحالة يكون غير مطابق فقط، أو غير صالح للإستخدام أو غير مناسب لأن يؤكل؟ هل هذه المواصفات ككل ما هو موجود في بلدنا سيء وفي أسفل سافلين خدماتياً؟ من قال أن مواصفات الدولة هي الأصح؟ وهي الأمثل؟ وهي الأنسب؟

لست بوارد أن أنظف صفحة أحد، ولا أبيض صفحة أحد، ولا أمدح بفلان أو أذم فلان. لا، ولكنني أتساءل نفس السؤال الذي يعتبر ساذج. وماذا بعد؟ بل وماذا قبل؟ كم مرة يمكن أن تقوم الوزارة أو الدولة بهذه الصولات والجولات؟ هل الهدف من هذه الحملات هو ذر الرماد في العيون عن مسألة التمديد لمجلس النواب، أو الفراغ الرئاسي أو أي عورة من عوراتهم؟ هل ستستمر هذه الحملات جدياً؟ هل ستنطلق بتجرد في كل المناطق وتستهدف كل المراكز والأماكن؟ بكل صدق وبكل اختصار: لست أدري!

السابق
الضاحية الجنوبية لا تحتفل بعيد الإستقلال
التالي
ايران تعرض «عضلاتها»