ايران تعرض «عضلاتها»

سؤالٌ كبيرٌ يسود العالم حالياً: ماذا سيحدث بعد تاريخ 24 الشهر الحالي. سواء نجحت المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة الاميركية وباقي أعضاء مجموعة “5+1؟

الأرجح لن يكون ذلك التاريخ يوم القيامة ولن تعلن الحرب وتنهمر الصواريخ، وإنما سيكون يوما اخر لمفاوضات طويلة لمعالجة الملف نفسه او ما تبقى منه وطرق ووسائل تنفيذه. ولكن، يبدو ان عقدة المفاوضات لم تعد في الجانب التقني، فقد قدمت طهران كل التنازلات التي تضمن ما يريده العالم منها، وليس فقط واشنطن، لعدم إنتاج السلاح النووي. العقدة الحقيقية هي في إلغاء العقوبات دفعة واحدة ام تدريجياً؟ وكيف يكون تسلسلها وضمن اي فترة؟

وزير الخارجية الايرانية، محمد جواد ظريف، لديه مشكلة كبيرة لا تكمن في حاجته الى القدرة والخبرة في المفاوضات النووية في وجه وزراء وخبراء مفاوضين لا يقلون خبرة وحنكة عنه فحسب، وإنما حاجته الى الحرية في الحركة. فهو منذ تسلمه ملف المفاوضات النووية مع دول “5+1″، يفاوض وعقله في طهران وفي التعامل الصعب والدقيق مع الخطوط الحمر والصراعات داخل النظام، ومحاولة خصوم رئيسه، حسن روحاني، من المحافظين المتشددين عرقلة التوصل الى اي اتفاق اذا لم يضمن لهم عدم تسجيل المعتدلين النجاح في خانتهم من جهة، ومن جهة ثانية تسجيل الفشل في حساب المعتدلين على قاعدة انهم خالفوا تعاليم الثورة وذهبوا بعيدا في التفاوض مع “الشيطان الأكبر”؛ كل ذلك لاستثمار الفشل والنجاح على السواء لمصلحتهم في الاستحقاقات الداخلية المقبلة والمتعددة، التي منها ما هو متعلق بقمة النظام نفسه.

لذلك، تجري حرب من التصريحات لكبار المسؤولين، مع استعراض لإمكانات ايران القوية والمقتدرة، مما يدفع الوزير ظريف الى وضع قاعدة لكل حركته بالقول إن “إيران لن تتخلى عن عزتها وشموخها.. وإن يوم ٢٤ نوفمبر هو يوم الانتصار الوطني، سواء توصلنا الى اتفاق ام لم نتوصل”.

وفي إطار تقديم براءة ذمة للقيادة وامام الشعب الايراني يقول: “لقد أثبتنا عزمنا الراسخ على الدفاع عن حقوقنا وتمسكنا بمبادئ التعاون “. فماذا عن ” تسونامي” التصريحات؟

* البداية من المرشد اية الله علي خامنئي: “اثبتت قواتنا العسكرية جدارتها، لذلك، يحسب العالم لها حساباً، فهو يدرك انها ستقاتل بكل قوة اين ما كانت ساحة القتال والمسؤولية”. الرسالة واضحة: نحن مستعدون للقتال في العراق وسوريا وافغانستان…

* قائد الباسيج، العميد محمد رضا نقدي وهو “العصا الإعلامية” للمرشد قال: “٢٢ مليون من الباسيج، وألفي فوج قتالي مستعدون للتوجه الى سوريا وغزة (بعدما انتهت الحرب)، أما العراق (حيث يوجد الأميركيون) فلا يحتاج دعمنا”. ويضيف نقدي ربما لأول مرة بهذه العلانية والوضوح فيقول مهدداً بـ”العصا العسكرية” للنظام: “ان الجنرال قاسم سليماني هو الان رمز التصدي للوجود الاجنبي في المنطقة”.

* قائد القوة الجوية -فضائية، اي سلاح الصواريخ، العميد أمير علي حاجي زادة، وفي مقابلة صحافية طويلة مع وكالة “فارس” الإيرانية، كشف بعض مسار صناعة ايران لهذا السلاح والذي قام بتأسيسه العميد حسن طهراني (الذي قتل مؤخرا بين سوريا ولبنان) قال: “إنهم يريدون ان نتفاوض معهم على قدراتنا الصاروخية لأجل تعطيل صناعتنا”. ويبدو واضحاً ان هذه عقدة مستقبلية، لان ايران تخشى تدحرج المطالب الاميركية.

* اخيراً، يكشف عضو لجنة الامن القومي، ابراهيم آغا محمدي، عقدة العقد في المفاوضات فيقول: “إن عدم رفع الحظر دفعة واحدة لا معنى له”.

تبدو القيادة الايرانية وكأنها تستعد للأسوأ، لذلك ظهر قادة السلطات الثلاث، الرئيس، حسن روحاني، ورئيس مجلس الشورى، علي لاريجاني، ورئيس السلطة القضائية، محمد لاريجاني، معاً بعد اجتماع طويل وهم يدعون ضمناً للتهدئة، في وقت يتم الاستعداد لمواجهة ترددات الأزمة إذا طالت في قطاع النفط، فيقول وزير النفط، بيجن نامدار زنكنه “ان هبوط سعر النفط أثّر على ايران، لكننا نمتلك الأدوات القادرة على اجتياز هذه المرحلة”. سلاح المرشد في ذلك هو الاقتصاد المقاوم والعمل على تعددية المصادر الإنتاجية، مما يعني مطالبة الشعب الايراني سنوات عديدة، حتى يتحقق ذلك، فهل من ضامن؟

السابق
لست أدري ما هي المواصفات
التالي
مسؤولة كردية: لا نريد دولةً بل المساواة في ظلّ نظام فيديرالي