هكذا تحمين طفلك من التحرش

تحرش

أظهرت دارسة أجرتها منظّمة «كفى عنف واستغلال»، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، أنّ أكثر من 885 ألف طفل لبناني، أي ما يعادل طفلاً من سبعة، هم ضحيّة العنف، بما فيه اللفظي والجسدي المتمثّل بالاغتصاب. فكيف تحمين طفلك من الاغتصاب؟ وهل تؤدّي التوعية الجنسية دوراً في هذا السياق؟

تشير أرقام وزارة الشؤون الاجتماعية ودراساتها، التي أجرَتها بالتعاون مع المنظّمات الأهليّة والمؤسّسات الهادفة إلى حماية الاطفال من شتّى أنواع العنف، إلى ازدياد مستمرّ في معدّل اغتصاب الأطفال، وهذا ما دفعَ مؤسّسة «حماية» وسواها من مؤسسات المجتمع المدني، إضافة للأهالي، إلى دقّ ناقوس الخطر ورفع الصوت مطالبين إقرار قوانين واتّباع استراتيجيات تحمي الأطفال وطفولتهم البريئة. فما دور الأهل في هذا السياق؟ وما أهمية توعية الأطفال وتربيتهم جنسيّاً؟ باختصار، ما سُبل حماية الطفل من الاغتصاب الكلامي والجسدي؟

التوعية مسؤولية منزلية

«تقع على الأهل مسؤولية حماية أطفالهم من المخاطر المحدقة بهم، والتي تتجلّى من خلال مختلف أنواع العنف، ويكون ذلك عبر توعيتهم في المنزل على أهمّية الحفاظ على خصوصيّتهم وفرض حدود للآخر، والاعتراف بحدود الآخرين أيضاً، إضافة إلى أهمّية احترام أجسادهم»، وفق ما أكّدت مستشارة جمعية «حماية»، الاختصاصية في علم الاجتماع باسمة رمّاني بلّوط.

وشددت، في حديثها لـ«الجمهورية»، على ضرورة أن يعلّم الأهل أبناءهم مبدأ الرفض «فمعرفة قول الطفل كلمة كلا والدفاع عن نفسه، تُنقذه من عدد من المشكلات والمخاطر المُحدقة به، إذ يعلم الطفل متى تحمل اللمسة أو النظرة أو الكلمة الموجّهة له بعض المخاطر وتكون مؤشّراً لتعرّضه للعنف أو الاغتصاب».

التربية الجنسية واجب

كذلك، لاحظت بلّوط أنّ «التربية المنزلية تكون أحياناً متناقضة بعض الشيء، كأنْ تمنَع الأمّ طفلها من الدخول الى المرحاض مع صديقه في المدرسة، في حين تسمح له بإدخال شقيقه معه إلى المرحاض في المنزل»، فدعَت الأهالي إلى اعتماد نمط حياة واحد وواضح وغير متناقض «لئلا يدخل الطفل في حيرة من أمره ويصبح عرضة للمخاطر».

وبحسب مستشارة جمعية «حماية» فإنّ «مسؤولية توعية الطفل لا تقع فقط على الأهل، وإنما تشاطرها المدرسة المسؤولية أيضاً، وذلك من خلال طريقة تربية الطفل جنسياً بتعابير وأساليب مناسبة لعُمره ويمكنه فهمها». ورأت أنّ الأهل قد لا يجيدون التكلّم مع أطفالهم عن الموضوعات الجنسية، فدعَتهم إلى «طلب مساعدة المستشارين الاجتماعيّين وعلماء النفس وغيرهم من أهل الخبرة والاختصاص».

الإستخدام الواعي للانترنت

ومن الوسائل الضروريّة لحماية الطفل من التعرّض للتحرّش الجنسي أو اللفظي، ذكرت الاختصاصية الاجتماعية «عدم كذب الأهل على أولادهم في شأن أجسامهم والعلاقات مع الجنس الآخر، بل إخبارهم الحقيقة بتعابير تتماشى مع سنّهم ووعيهم وإدراكهم»، مؤكّدةً أنّه «في حال لم يتلقّ الطفل إجابات شافية على تساؤلاته من والديه، فإنه قد يلجأ الى وسائل ثانية، منها سؤال الأصدقاء أو البحث عن الجواب في الإنترنت، فتَصِلُه معلومات خاطئة كلّياً، فتضلّله».

وفي هذا السياق، دعت بلّوط الأهل إلى مراقبة طريقة استخدام أطفالهم للانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي: «نَبّهي طفلك الى خطورة إعطائه تفاصيل عن حياته ومكان سكنه وعنوان مدرسته لشخص غريب يتواصل معه عبر الإنترنت، لأنّ ذلك الشخص قد يستدرجه ويُلحِق به الأذى».

بناء أطر الثقة

ورأت بلّوط أنّ «على الأهل تشجيع أولادهم على التكلّم مع شخص يثقون به، سواء أكانَت معلّمة أو أي شخص آخر، عند ملاحظتهم أنّ ثمة خطراً محدقاً بهم مهما يكُن نوعه، ومشاركتهم بكل هواجسهم ومخاوفهم». أمّا عن سُبُل خَلق أطر الثقة بين الأهل، فأكّدت العالمة الاجتماعية أنّ «خلق الثقة بين الأهل وأولادهم يكمن بالحوار البنّاء والواضح والاستماع إليهم ومساعدتهم في أيّ شيء يحتاجونه مهما كان الموضوع صعباً أو خطراً».

وأشارت إلى أهمّية «المحادثات التي تجرى بين الأهل والأولاد بعد عودتهم من المدرسة، فيكون الأهل على بيّنة من تفاصيل حياة أولادهم من جهة، ويعتادُ الطفل مصارحةَ أهله بكلّ شيء من جهة أخرى».

وعن العمر المثاليّ لتوعية الطفل جنسيّاً، أوضحت بلّوط أنّ التوعية «تبدأ في سنّ باكرة، منذ بلوغه السنتين أو أقلّ، فنعلّمه الدخول الى المرحاض وحده وإغلاق باب الحمام عند دخوله، وإغلاق باب غرفته عند ارتدائه ملابسه، وعدم خلعها أمام الناس». وشدّدت ختاماً على «ضرورة تحفيز الطفل على الاحتفاظ بخصوصيّته».

السابق
إليك ما يحصل عند تبادل القبل!
التالي
هاموند: ايران ستكسب الكثير في حال التوصل الى اتفاق نووي