كيري ـ ظريف لتسريع التفاهم في فيينا

كتبت “البناء” تقول : كل شيء في فيينا يوحي بأنّ التفاهم على الملف النووي الإيراني، والوصول إلى الاتفاق التاريخي الذي سيغيّر معادلات العالم ومنطقة الشرق الأوسط وتوازناتهما، يقترب من التحقق، فبعدما قالت أوساط الخارجية الأميركية ردّاً على المعلومات التي تواترت عن التحاق وزراء خارجية دول الخمسة زائداً واحد بالمفاوضات نهاية الأسبوع، وقالت لا يوجد في برنامج جون كيري زيارة إلى فيينا هذا الأسبوع، مضيفة أنّ برنامجه مليء في لندن ومن بعدها إلى باريس، فإذا بكيري يصل فجأة مساء أمس إلى فيينا ويلتحق بالاجتماع الذي كان يضمّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ومفوضة شؤون الأمن والخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون، وتسرّب عن المجتمعين التوصل إلى صيغ تشكل أرضية مناسبة ليواصل فريقا الشؤون السياسية والتقنية مفاوضاتهم الشائكة اليوم بصورة أقرب إلى التفاهم، ما دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الإفصاح عن تقدم في مساعي التفاوض حول أوكرانيا، واعتبار تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما مجرّد استهلاك إعلامي داخلي، كما كشف لافروف انه سمع من وزير الخارجية الأميركي جون كيري.

كلّ التطورات العالمية والإقليمية ترتبط بما يدور في فيينا، فلن يعود ثمة معنى للحديث عن حرب على سورية بعد تكريس مكانة إيران الجديدة في المنطقة، وكلّ ما يحيط بالأزمة السورية بتشغيل محركات التطبيع الغربي مع الرئيس بشار الأسد من بوابة مبادرة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، ولا معنى بالطبع لمواجهة مع روسيا من بوابة أوكرانيا، بعدما ثبتت موسكو حسم مصير شبه جزيرة القرم وحمت حلفاءها في شرق البلاد، وبقي للضغط وظيفة تتصل بملفي إيران وسورية.

يبدو أنّ ما رُسم في مسقط كبير وكبير جداً، وأنّ الترجمة التي قال ظريف إنّ على الجميع انتظارها هذا الأسبوع، بدأت بالظهور، وبناء عليها يبدو الاهتمام الدولي والإقليمي بترتيب البيت اللبناني أكثر من قبل من دون بلوغ الحرارة المناسبة لتحضير طبخات كبرى.

الاهتمام اللافت بمبادرة العماد ميشال عون الرئاسية، خارجياً فداخلياً كشف أنّ الخارج يريد التأسيس على أيّ بادرة إيجابية تصدر عن العماد عون لجعلها مدخلاً إلى حلحلة الاستحقاق الرئاسي تدريجاً.

الصيغ المتداولة لمبادرة العماد عون المعدّلة تنطلق كلها من اعتماد مبدأ الترشيح المحصور، فالسعي الداخلي يدفع باتجاه حصر التنافس بمرحلتين بين الزعماء الموارنة الأربعة العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع والرئيس أمين الجميّل والنائب سليمان فرنجية، وبعد دورة أولى حصر التنافس بالاثنين الأوائل، وفي ضوء ما بدا رفضاً من جانب فرنجية للطرح صار المتداول خارجياً، هو ترك الترشيح للنواب بتقديم دورة أولى تنافسية بين كلّ الذين يحوزون على تأييد عشرة نواب وما فوق، بمن فيهم قائد الجيش وحاكم البنك المركزي، باعتبار أن التعديل الدستوري يصير مطروحاً إذا تمّ وصول أحد هؤلاء إلى المنافسة النهائية المحصورة باثنين، فيتقدم النواب الذين رشحوه باقتراح لتعديل الدستور وعندما يمرّ التعديل يخوض المنافسة، وإنْ سقط التعديل يحلّ مكانه في المنافسة من يليه، وفي الدورة الأولى يحصر الترشيح بأربعة، لترسو على المتنافسين الاثنين الأعلى أصواتاً أو على تسويات وانسحابات.

يجري التداول بأنّ البطريرك بشارة الراعي هو من يدير هذه المشاورات وصولاً إلى شبه إجماع حولها، فيصير النظر ما إذا كان اعتماد الصيغة التوافقية للتنافس المحصور وأصول الترشيح يستدعي تعديل الدستور أو يمكن السير به رضائياً بين النواب.

المتوقع في حال السير بجوهر المشروع، أن يبقى العماد ميشال عون إلى نهاية الشوط التنافسي، وأن يسعى فريق الرابع عشر من آذار إلى مرشح توافق مع النائب وليد جنبلاط، يفترض أنه بحسب المعلومات الرائجة العماد جان قهوجي، كما يمكن أن تجري بحسب التوقعات المقابلة تسويات جنبلاطية مع الثامن من آذار لانسحاب العماد عون لحساب النائب فرنجية، إلا إذا فاجأت المعادلات الخارجية الجميع بتفاهمات تغيّر الاتجاه كلياً وتطرح اسماً جديداً أو كما يأمل مناصرو العماد عون حسم اسمه للرئاسة.

تفاعلت مبادرة رئيس التغيير والإصلاح النائب ميشال عون القاضية بحصر الترشح للانتخابات الرئاسية به وبرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في الوسطين النيابي والسياسي، بين رافض ومتحفظ ومؤيد لها. وبينما سارعت “القوات” إلى تلقفها واصفة إياها بـ”الممتازة”، أثارت المبادرة حفيظة رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل الذي كشف أنّ ترشيحه للرئاسة مطروح وطرح في بكركي، الأمر الذي تسبّب بسجال ليلي بينه وبين “القوات”.

وأشار الجميّل في حديث إلى محطة “أل بي سي” أنّ “قوى 14 آذار رشحتني رسمياً، وهي قالت إنّ لديها مرشحين آخرين بحال عدم توفيق جعجع بالرئاسة، وقد تمّ تبليغي بذلك، وتداولت مع الرئيس سعد الحريري بالواقع البرلماني وتباحثنا في كيفية فك أسر المجلس النيابي”، معتبراً أن “كرة الرئاسة ليست في مرمى جعجع إنما في مرمى من يعطل النصاب”.

وسارعت مصادر “القوات” للردّ على قول الجميّل أنّ ترشيحه مطروح، ونقل موقع “النشرة” عن هذه المصادر تساؤلها: “لماذا يطرح هذا الترشيح علناً اليوم، لا سيما بعد طرح مبادرة عون أول من أمس.

ورأت المصادر أنّ “ما يُحكى عن ترشيح قوى 14 آذار لشخص آخر غير جعجع في غير مكانه ولا يعدو كونه ذرّاً للرماد في العيون”.

وردّ الجميّل على المصادر قائلاً: “لم أعلن ترشيحي رسمياً للرئاسة”، موضحاً أنّ “رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة أبلغني عبر الهاتف أنّ ترشيحي مطروح، ومنسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد أكد ما حصل في اجتماع 14 آذار بحضور جميع الأفرقاء”.

وكان النائب طوني بو خاطر وصف مبادرة عون بـ”الخطوة الإيجابية”، وقال: “كنا الأربعاء في مجلس النواب أمام أفق مسدود، فجاءت هذه المبادرة الممتازة وبدّدت بعض الغيوم. ونحن اليوم أمام حركة مبنية على أسس ديمقراطية”. وأشار إلى “أننا نطالب بهذه المبادرة منذ أكثر من ستة أشهر، وهي أنّ الأقوياء لهم الساحة والحق أن يتباروا، فلتكن هناك انتخابات ومن ينال عدد الأصوات الأكبر نهنئه”.

قانون الانتخاب إلى أين؟

أما على صعيد قانون الانتخاب الجديد فبدا من أجواء اجتماع اللجنة النيابية أمس المكلفة بهذا الملف، أنه لن يبصر النور خلال مهلة الشهر المعطاة للجنة من أجل الاتفاق على صيغة معينة.
إذ بينما كان من المفترض أن تناقش اللجنة درس قوانين الانتخاب في الاجتماع المشروع المختلط القائم على المناصفة بانتخاب 64 نائباً بالقانون الأكثري و64 نائباً بالقانون النسبي، سجل غياب النواب سامي الجميل وإميل رحمة ومروان حمادة واضطرار النائب علي بزي للسفر حال دون ذلك. فكان الاجتماع أشبه بمطالعات دستورية وقانونية.
وقدم النائب أحمد فتفت اقتراح القانون الذي سبق أن تقدم به تياره وحزب القوات والحزب التقدمي الاشتراكي والقائم على أساس 68 نائباً وفق النظام الأكثري و60 نائباً وفق النظام النسبي.

وفي السياق تحدثت مصادر نيابية لـ”البناء” عن “أن إصرار النائب جورج عدوان على طلبه تحديد القوى التزامها حضور الجلسة العامة، فيما لم يتم التوصل إلى نتيجة”، وسألت: “هل الإصرار على معرفة مواقف الأطراف من حضور جلسة الهيئة العامة تترتب عليه مقاطعة قواتية لاجتماعات لجنة التواصل لو أتت الأجوبة سلبية، وهل الهدف من الإصرار إعاقة الوصول إلى توافق على قانون للانتخاب”.

وفيما أكد النائب ألان عون أن الأولوية تكمن في تفسير المادة 24 من الدستور، وعلى ضوء التفسير يمكن تحديد النظام الانتخابي، طالب النائب زياد القادري الذي سيحل محل فتفت في الاجتماعات المقبلة، بتفسير مواد أخرى في الدستور كالمادتين 7 و27، اللتين تتحدثان عن المساواة بين اللبنانيين، أما النائب جورج عدوان فرأى أنّ تفسير الدستور لا ينفصل عن تعديله وهو يتطلب حضور ثلثي أعضاء المجلس النيابي.

أما جلسة مجلس الوزراء فكانت بحسب مصادر وزارية أقل من عادية وغاب عنها الشأن السياسي، كما الهبة الإيرانية خلافاً لما كان أكده عدد من الوزراء قبل الجلسة.
وأرجأ المجلس البحث بإعطاء تراخيص لإنشاء كليات جديدة في بعض الجامعات بناء على طلب وزير الأشغال العامة غازي زعيتر، فيما وافق على قبول استقالة عضوين لدى المجلس العدلي. كذلك تمت الموافقة على تشكيل لجنة برئاسة وزير العمل سجعان قزي لدراسة خطة العمل للقضاء على كل أشكال عمالة الأطفال بحدود عام 2016.

من جهة أخرى، بحثت اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف النازحين السوريين، خلال اجتماعها أمس برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، في المعايير الإنسانية الاستثنائية التي قدمها وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في جلسة سابقة والتي تفرض أن يكون السوري مريضاً يتلقى علاجاً في لبنان، أو يريد السفر إلى إحدى الدول عبر لبنان، ودون سن 16 وأهله متواجدون في لبنان.

وأشار درباس لـ”البناء” إلى أن الاجتماع بحث أيضاً في المعايير التي قدمها وزير الداخلية نهاد المشنوق المتعلقة بدخول السوريين عبر الحدود، والسماح فقط لمن له مبررات جدية وفق مستندات صريحة تتضمن على سبيل المثال، إجازة عمل، إفادة تؤكد أنه يدرس في إحدى الجامعات أو المدارس، أو تقريراً من المستشفى أنه يتلقى علاجاً في لبنان.

ولفت إلى أنه سيشارك في مؤتمر جنيف المخصص للنازحين السوريين، الذي سيعقد في التاسع من الشهر المقبل، ويلقي كلمة لبنان تحت عنوان الدول التي تمول إعادة التوطين في الدول الثالثة.

استقالة جديدة وراءها السعودية ومصر

وبينما خيم الهدوء ظاهرياً على قضية استقالة الشيخ خالد جديدة من رئاسة هيئة العلماء المسلمين يبدو أن المقبل من الأيام لن يكون ذلك. فقد أكدت مصادر طرابلسية مطلعة لـ”البناء” أن استقالة جديدة جاءت بناء على طلب من تيار المستقبل والسعودية ومصر، لقاء وعد بتعيينه مفتياً لعكار. وأشارت المصادر إلى مساع يقوم بها الشيخ سالم الرافعي وبعض المشايخ الذين تربطهم علاقات جيدة مع الشيخ جديدة، لتهدئة الخطاب الإعلامي بينهما.

إقفال محلات مياه الشرب غير المرخصة

وفي خضم الخلافات السياسية المستمرة على أكثر من صعيد واستحقاق، بقيت الحملة التي تقوم بها وزارة الصحة المتعلقة بسلامة الغذاء في طليعة الاهتمام الشعبي. وجديد قرارات وزير الصحة وائل أبو فاعور في هذا الشأن هو إقفال جميع معامل ومحلات تعبئة مياه الشرب غير المرخصة وفقاً للأصول القانونية.

ومواكبة للحملة، عقد اجتماع عمل برئاسة سلام ومشاركة وزراء الزراعة والطاقة، والسياحة، والصحة، والصناعة والبيئة والاقتصاد، شدد خلاله المجتمعون على ضرورة متابعة الخطوات الآيلة إلى تأمين سلامة الغذاء وتحقيق مساهمة كلّ المؤسسات في تأكيد دورها في هذا المجال.

كما دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري اللجان النيابية، إلى جلسة مشتركة، يوم الثلاثاء وذلك لدرس اقتراح القانون المتعلّق بسلامة الغذاء.

السابق
أمن غذائي وفساد سياسي
التالي
مؤشّرات بارزة مُقبلة للاتفاق الخليجي بين الرعاية السعودية واستعادة دور مصر