موقفان متكاملان متناقضان مما يجري في فلسطين ظهرا في ميدان النقاش اللبناني والعربي بعد العملية التي نفذها شابان فلسطينيان، فقتلا 4 صهاينة وجرحوا 5 كانوا يصلّون في “كنيس” بمدينة القدس. تلك المدينة التي يريدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم المسلوبة، ويريدها الصهاينة عاصمة أبدية لهم.
منطق يقول أن لا مجال لايقاظ ضمير الصهاينة إلا بقتلهم، عسكريين ومدنيين وأطفالا. وبالتالي يعتبر هذه العملية “بطولية”. ويطبّل لها ويزمّر. والثاني يعتبر أنّ النضال المدني أكثر فعالية. إن بالتظاهر أو بالأمم المتحدة…
لكنّ البشرية اكتشفت، عبر مليارات القتلى والوف السنين، طريقة ثالثة، وهي أن تقاتل الجيوش في ساحات محددة بشكل رسمي، وتحييد المدنيين. تماما كما نصّ “تفاهم نيسان” في العام 1996 بين الصهاينة والمقاومة اللبنانية.
هذا يعني ان يستعيد الفلسطينيون مقاومتهم ضدّ جنود الاحتلال، وضدّ مؤسّساتهم العسكرية، كما ارتضت المقاومة اللبنانية، فاقترب نصرها بعد 1996 ليطلّ في العام 2000.
تقع المجزرة حين يقتل أيّ طرف مدنيين من الطرف المواجه. يهوديا كان او مسلما. لو أن “داعش” نفسها لم تقتل مدنيين لكانت مجموعة عسكرية مثل عشرات في سورية. قتل المدنيين، أيا كانت توجهاتهم، فعلٌ مدانٌ.
فهذا اليهودي، الذي قتله الشابان الفلسطينيان في القدس، وان كان مع الاستيطان، الا انه في المحصلة له قناعة لا يجوز قتله بسببها. يجب قتل الجندي الذي قرّر ان ينفذ قناعته بالقوة. والا فلتقتُل الدولُ كلّ من له توجّه حزبي مختلف مع اسس الدولة التي تمثّلها. مثل القومي السوري والشيوعي والمُطالِب بالوحدة العربية…
عملية الكنيس المقدسي تعبر عن فقدان الفلسطينيين الامل. بالطبع. لكن القبول بها يعني القبول بأسس المجزرة، التي ستنقلب علينا ولن نجد من يتضامن معنا. لذلك فهي عملية مرفوضة، وتحمل بذورا إرهابية… نعم إرهابية.